(أ ف ب) - يستخدم جنديان عراقيان جهازين للكشف عن المتفجرات وهما يتقدمان ببطء وسط حقل تكسوه الاعشاب واكوام من الأتربة لضمان عدم سقوط ضحايا جدد خلال البحث عن رفات رفاق لهم اعدمهم تنظيم الدولة الاسلامية.
وعلى مقربة منهما، يستخدم جندي رفشا لحفر واحدة من عشرات الكتل الترابية داخل مجمع القصور الرئاسية الذي بني في عهد الرئيس الاسبق صدام حسين في تكريت. وبعدما يتبين عدم وجود اي بقايا بشرية او عبوات ناسفة، تقوم حفارة صفراء بجرف الحفرة كليا.
خلال هجومهم وسيطرتهم على مناطق شمال العراق وغربه في حزيران/يونيو، اعدم عناصر التنظيم المتطرف المئات من المجندين الشيعة في ما يعرف باسم "مجزرة سبايكر"، نسبة الى القاعدة العسكرية التي اسروا فيها في شمال تكريت.
واكتشفت القوات العراقية والمسلحون الموالون لها بعد استعادة السيطرة على المدينة الاسبوع الماضي، رفات العشرات من الضحايا الذين يعتقد انهم قتلوا في هذه المجزرة في مقابر جماعية في مجمع القصور الرئاسية.
ويسود اعتقاد واسع بوجود العديد من المقابر الاخرى.
زرع تنظيم الدولة الاسلامية قبل انسحابه مئات العبوات الناسفة في تكريت (160 كلم شمال بغداد) شكلت احدى المعوقات الاساسية للعملية العسكرية التي بدأت مطلع آذار/مارس، وكانت الاكبر ضد التنظيم منذ حزيران/يونيو.
ويتعين على السلطات تفكيك العبوات والتأكد من عدم وجودها قبل استكمال البحث عن رفات الضحايا الذين تقدر اعدادهم بما بين 800 و1700.
ويقول هيوا علي محمد، وهو احد المكلفين عمليات البحث، ان الجنود يعملون "للبحث عن المصائد، والمتفجرات والعبوات" باستخدام اجهزة للكشف عن المتفجرات، اضافة الى التفتيش اليدوي والمعاينة.
وباستخدام النظر.
ويشير الى انه حتى الان لم يعثر على اي عبوات او متفجرات في الاماكن التي عثر فيها على المقابر الجماعية.
ويقوم جنديان يضعان اقنعة واقية من الغاز بفحص امكان وجود مواد كيميائية، كغاز الكلور الذي سبق للتنظيم استخدامه في صنع المتفجرات.
وفقد مجمع القصور الكثير من رونقه منذ سقوط نظام صدام حسين ابان الاجتياح الاميركي في العام 2003، ولا سيما بعدما سيطر عليه تنظيم الدولة الاسلامية في هجومه الكاسح في حزيران/يونيو 2014.
وتعرض عدد من القصور لدمار كبير جراء الغارات الجوية او القصف المدفعي، في حين تبدو آثار الطلقات النارية جلية في قصور أخرى.
ويقول حيدر مجيد، وهو من مكتب رئيس الوزراء حيدر العبادي ومكلف بمتابعة ملف سبايكر، انه تم انتشال رفات 60 شخصا من 13 مقبرة، عشر في المجمع وثلاث خارجه.
وقرب النهر الذي يعبر بموازاة الجهة الشرقية لمجمع القصور، يمكن رؤية كتل من التراب المحفور وقفازات من المطاط بجانبها، قرب موقع احدى المقابر التي تم انتشال رفات منها.
ووضعت في المكان شموع صغيرة بيضاء وورود بلاستيكية، كما نصبت في الارض رايات لفصائل شيعية مسلحة قاتلت الى جانب القوات الحكومية لاستعادة السيطرة على تكريت.
وفي حين تجعل الشموع والورود من المكان اشبه بموقع تذكاري، الا ان العديد من النفايات لا تزال مرمية في ارجائه لا سيما عبوات المياه الفارغة.
وفي الجهة المقابلة، يحدد شريط اصفر ورايات عراقية منصوبة على ساريات صغيرة، مكان مقبرة اخرى. وفي حين لم تبدأ بعد عملية نبش هذه المقبرة رسميا، الا ان بعض الحفر الصغيرة في المكان تظهر آثار ملابس وعظام يكسوها الغبار، ما يرجح وجود رفات بشرية في المكان.
ويقول مجيد "هذه المقبرة هي واحدة من الاسوأ التي عثر عليها في منطقة القصور الرئاسية".
نشر التنظيم في حزيران/يونيو، صورا واشرطة تظهر قيامه بقتل المجندين في قاعدة سبايكر، ما تسبب بموجة غضب واسعة وساهم في تحشيد المقاتلين لحمل السلاح وقتال الجهاديين الى جانب القوات الامنية التي انهارت قطعات عدة منها امام هجوم التنظيم.
ونفذت بعض عمليات الاعدام على ضفة نهر دجلة، حيث لا يزال من الممكن رؤية آثار الدماء على حافة من الاسمنت محاذية للنهر على أطراف مجمع القصور.
ويغطي علم عراقي يملأه الغبار، جزءا من هذه الحافة المغطى بدماء ضحايا سبايكر في حزيران/يونيو، على مقربة من سور متضرر من الحديد المشبك علقت عليه تفاحات واوراق بلاستيكية.
اضف تعليق