المخدرات استشرت بين اوساط الشباب كالنار في الهشيم، هذه الآفة باتت مصدر ارهاق للاجهزة الامنية، حيث تعلن السلطات الامنية بشكل شبه يومي عن القبض على عصابات تروج وتتعاطي المخدرات بشتى انواعها.
فانتشار تعاطي وبيع المخدرات لم يكن بهذه الفورة قبل اكثر من عقد من الزمن، لكن ضعف السيطرة على الحدود والتوعية بمخاطرها مجتمعيا حال دون تراجعها بل ساءت الامور اكثر مع تنامي البطالة بين صفوف الشباب خصوصا مع تزايد حالات الفقر، وضعف الاداء الحكومي، ناهيك عن عدم وجود البرامج الحكومية الناجعة للحكومات المتعاقبة بعد 2003 لانتشال هذه الشريحة العريضة من الضياع.
يقول الكاتب الصحفي جميل عودة، في مركز آدم، ان "مشـكلة المخدرات تشـكل خطـرا كبيرا على البشـرية وسـلامتها ورفاهيتهـا، ولاسـيما الشـباب، وعلـى الأمـن الـوطني للـدول وسـيادتها، وهـذه المشـكلة تهـدد الاسـتقرار الاجتمـاعي والاقتصادي والسياسي للدول، وتهدر الصـحة العامـة للإنسـان، وتدمر الأفـراد والأسـر والمجتمعـات، وتزيد السـرعة فـي معـدلات الجريمـة والعنـف والفسـاد".
وقد اتخذت مشكلة المخدرات والمؤثرات العقلية مكانة متقدمة بـين مشـكلات العـالم المعاصـر، حيـث كانـت فـي الماضـي لا تهـم سـوى عدد محدود من الدول التي تعاني منها. وأصبحت هذه المشكلة في عالم اليوم تهدد بأضـرارها وأخطارها البشـر جميعـا، والمجتمـع الدولي بأسره، والدول التي ليست بها مشكلة مخـدرات ليسـت إلا اسـتثناء فحسـب. وتتضـح الطبيعـة الدوليـة للاتجـار غيـر المشـروع بالمخدرات في زراعتها في عديد من دول العالم، وتهريبها عبر دول أخرى إلى حيـث تسـتهلك، يضيف.
تشير التقارير العالمية، بحسب الكاتب إلى، أن ظـاهرة الاتجـار غيـر المشـروع بالمخـدرات والمـؤثرات العقليـة الكيميائيـة، تعتبـر مشـكلة عالميـة لا يكـاد يسـلم مجتمـع إنسـاني مـن آثارهـا المباشـرة وغيـر المباشـرة، ويمثـل الاتجـار غيـر المشـروع بالمخـدرات والمـؤثرات العقليـة ٨٪ مـن مجمـوع التجارة العالمية، وتشكل الكميات المضبوطة من أنواع المخدرات مقارنة بما يـتم تهريبـه علـى سـبيل المثـال نسـبة ١٠٪ فـي مخـدر الهيروين و٣٠ ٪ في مخدر الكوكـايين، وتكلـف الإجـراءات الدوليـة والوطنيـة لمكافحـة انتشـار المخـدرات والتوعيـة بأضـرارها وعـلاج ٧ المدمنين نحو ١٢٠ مليار دولار سنوي.
وتـرى الجمعيـة العامـة للأمـم المتحـدة أنـه علـى الـرغم مـن تزايـد الجهـود التـي تبـذلها الـدول والمجتمـع المـدني والمنظمـات والأجهـزة المعنيـة للتصـدي لمشـكلة المخـدرات والمـؤثرات العقليـة علـى الصـحة العامـة إلا أن المشـكلة لا تـزال تشـكل خطـرا للبشـرية وسـلامتها ورفاهيتهـا، ولاسـيما الشـباب، وعلـى الأمـن الـوطني للـدول وسـيادتها، وهـذه المشـكلة تهـدد الاسـتقرار الاجتمـاعي والاقتصادي والسياسي للدول. وتهدر الصـحة العامـة للإنسـان، وتدمر الأفـراد والأسـر والمجتمعـات، وتزيد السـرعة فـي معـدلات الجريمـة والعنـف والفسـاد، فضـلا عـن تحـول مـوارد بشـرية وماديـة عـن التنميـة الاجتماعية والاقتصادية إلى عمليات المكافح.
ويلفت عودة الى، انه "بناء على ذلك؛ تلعب المخدرات دورا كبيرا في دفع الإنسان إلى ارتكاب مختلف الجرائم، لما لها من تأثير مباشر على الجهاز العصبي والحسي للإنسان، حيث يكون المتعاطي للمخدرات مستعدا لارتكاب أية جريمة من أجل الحصول على هذه جرعة المخدر، لكي يتخلص من الآلام الجسدية والنفسية التي يتركها عدم حصوله على المخدر اللازم لتهدئته، هذا من جانب.
ويرى الكاتب، إن المدمن قد يرتكب الجريمة، وهو في حالة التأثر بالمخدر، إذ إن المخدرات تضعف تمييز الشخص وإدراكه للأمور وحكمه عليها، وعليه، قد يرتكب الجريمة من حيث لا يعلم، كارتكاب جريمة الدعارة أو الزنا أو اللواط، وسواء أكان هذا الأمر يتعلق بالرجال أو النساء. بل إن أغلب الجرائم الإرهابية –كالتفجيرات الانتحارية– ترتكب تحت تأثير المخدرات التي تعطى لأولئك الانتحاريين".
ويبين تقريــر المخــدرات العالمــي ٢٠١٧ بوضــوح أن هنــاك الكثيـر مـن العمـل الـذي يتعين القيام به لمعالجة الأضرار الكثيرة التــي تســببها المخــدرات علــى صعيــد الصحة والتنمية والسلام والأمن في جميع مناطق العالم. فعلــى الصعيــد العالمــي، يُقــدَر أن المخــدرات تســبب ما لا يقـل عـن (٠٠٠ ١٩٠) حالـة وفـاة مبكـرة، معظمهـا يمكـن تجنبها، يُعزى أغلبها إلى تعاطي المؤثرات الأفيونية. ويتنـاول تقريــر المخــدرات العالمــي ٢٠١٧ أيضــاً الصلات بسـائر أشـكال الجريمـة المنظمـة، والتدفقـات الماليـة غيـر المشـروعة والفسـاد والإرهاب. وهـو يسـتند إلى أفضـل الأدلة المتاحـة، ويسـلط الضـوء أساسـاً على ضـرورة إجـراء المزيد من البحوث في هذه المجالات.
ويخلص الكاتب الصحفي "مما تقدم أن ظاهرة الإدمان على المخدرات والمؤثرات العقلية أكثر الظواهر الاجتماعية المرضية مقاومة للعلاج. فعلاجها صعب وطويل، ولابد لإنجاحه من بذل جهود مكثفة في ميدان الإجراءات الوقائية، وميدان التأهيل الاجتماعي معا".
وحاول الكاتب جميل عودة، ايجاد مدخلات الى المشاكل الناجمة عن اتساع رقعة تداولها، بالاضافة الى تبعاتها القانونية والاخلاقية والاجتماعية وايضا الصحية، حيث ضمن ذلك ببنود اهمها:
المدخل الأخلاقي والقانوني عبر التهديد بالعقاب، وتوقيع العقوبة الرادعة على من يضبط منهم، بالإضافة إلى التحذير المستمر من الأضرار الاجتماعية والجسمية والنفسية التي تحدث نتيجة تعاطي المخدرات.
المدخل العلمي والتثقيف الصحي العام حيث ينظر هذا المدخل إلى المتعاطي على انه "معتمد" على المادة المخدرة. ولذلك فإن الإقلال من التعاطي هو هدف هذا المدخل.
المدخل النفسي الاجتماعي عبر تأثير العوامل الاجتماعية المحيطة بهم على تعاطيهم للمخدرات مثل الأسرة، وجماعات الصداقة، والأقارب، والاتصال بالآخرين، كما يأخذ في اعتباره العوامل الشخصية المتصلة بالسن، والجنس، والضغوط النفسية التي يمر بها الأفراد وطبيعة المواقف التي أدت إلى التعاطي.
المدخل الاجتماعي – الثقافي الذي ينظر إلى نوعية "الخلل" في الأجهزة والمؤسسات، ومحور اهتمامه انه ينظر إلى المتعاطي على أنه "يمارس سلوكا منحرفا"
مدخل البدائل المتاحة أمام متعاطي المخدرات اللذين سوف يتوقفون عن تعاطي المخدرات إذا وجدوا بعض الأشياء التي تحقق لهم ما كانوا يستهدفون".
ويختم الكاتب الصحفي جميل عودة المقال اذا يقول "في النهاية تظل الوقاية من المخدرات، وحماية الشباب والمجتمع من أضرارها مجالا يوافق الجميع عليه شفويا، ويؤكدون على ضرورته، أما كيف يترجم ذلك إلى مال وعمل وأثر...فتبقي المسألة موضع شك! وتساؤل! وتبقي الحقيقة: وهي أنه مع المعارضة الإنسانية والقانونية والمجتمعية للمخدرات من حيث (التجارة، البائعون، الموردون، الزارعون، قضايا الفقر، الاقتصاد، الجشع، الفساد... وكل ما من شأنه أن يشجع على تعاطي المخدرات) تظل هذه الأمور محور نقاش... ولن يتم مواجهتها إلا من خلال وجود فريق وطني مدرب وقوي لمواجهة هؤلاء الخصوم المستميتين".
اضف تعليق