انتقادات لاذعة طالت اعمال فنية عراقية تعرض خلال شهر رمضان الحالي بعد عرضها مشاهد وأحداث وصفهت بالخرق المتعمد للعرف الاجتماعي وتجاوزاً مقصوداً لقدسية الشهر الفضيل من وسائل اعلام مثيرة للجدل وتتهم بقربها من حزب البعث المنحل.
وتحولت مواقع التواصل الاجتماعي لمنصات منددة بضعف الدور الرقابي الحكومي على ما يعرض من أعمال درامية، فيما طالب كتاب ومثقفون بحظر الإعمال المسيئة وإعادة هيبة الفن العراقي عبر انتقاء أعمال درامية ايجابية وشخصيات تمثل الفن العراقي الجاد.
السيناريت احمد هاتف وصف ما يعرض على الشاشة العراقية بالخطأ الدرامي فالشخصيات المختارة لبعض الإعمال لا تمت للفن والفنانين بأي صلة كون اغلب المشاركين من بنات الليل والسماسرة وبعض الشواذ في وسط المسارح الرخيصة بحسب قوله.
هاتف قال لــوكالة النبأ للأخبار ، أن"ما يعرض الآن يتطلب تحرك الدولة لقمع هؤلاء وتكميم أفواههم فالحرية تمنح لمن يفهمها وليس لمن لايحترمها".
وأضاف "اعتقد ان مسلسل مثل " باكو بغداد " يمثل رؤية أولاد بنات الليل لأمهاتهم ولا يمثل العراق، واجزم أن من يريد أن يرى العراق بهذه الصورة هم فقط البعثيين والدواعش ومن يطعن وطنه بالظهر فاقدا للوطنية، (...) وكل من أساء بقصد أو دون وعي يندرج تحت هذه القائمة".
المخرجة والاستاذة في كلية الفنون الجميلة سناء البياتي اكدت ان مشكلة الفن العراقي تكمن في قلة الوعي الكتابي، وفقدان الوظيفية الاجتماعية للكاتب والفنان.
وأضافت، "بعض الكتاب يناقضون الواقع عبر دفاعهم عن أعمالهم بحجة الواقعية لكن السؤال الأهم أين هي الواقعية من قصص حربنا ضد داعش وما سطره الأبطال في ساحات الحرب لماذا اغفل الكتاب تلك الإحداث".
ولفتت البياتي إلى أن "حرب سيناء في مصر لم تتجاوز الـ (6 أيام ) ولا يزال الكتاب المصريين يكتبون السناريوهات بأعمال عملاقة عكس ما يجسده الواقع الدرامي العراقي من أبراز الجوانب السلبية والواردة بكل المجتمعات في إغفال شبه متعمد لبطولات وقصص واقعية وايجابية في المجتمع".
حامد المالكي كاتب سيناريست أثار عمله الدرامي "الفندق"، المعروض حالياً على قناة الشرقية الفضائية فتيل أزمة شغلت الرأي العام العراقي، اذ عد المسلسل تجاوزاً مقصوداً على الأعراف الفنية والاجتماعية بعد أن تضمن العمل مشاهد صنفت ب"الفاضحة والغير أخلاقية والمنتهكة لحرمة الشهر الفضيل"، الأمر الذي برره المالكي بواقع حال المجتمع العراقي، بحسب زعمه.
وذكر المالكي عبر تغريده له بعد تعرضه لسيل من الانتقادات التي طالت عمله بأنه تناول "تقريبا 20% من الانحطاط في المجتمع العراقي من خلال مسلسل الفندق"، وتعهد المالكي بتقديم عمل أخر يتناول "الـ 80% المتبقية من المسكوت عنه في زمن الديمقراطية"، وفق مزاعمه.
ردة فعل المالكي قابلتها ردود أفعال مطالبة إياه بعرض الواقع بشفافية والتوجه لكتابة أعمال تتناول قصص بطولية إبطالها حقيقيون ومسرحها واقعي.
يقول الإعلامي احمد حميد في تعليق له أن "تجربة الديمقراطية التي يتحدث عنها المالكي أثبتت بعد أكثر من 15 سنة بأنها لا تزال صغيرة العهد في عراقنا، خصوصا في الفن الذي يحتاج بكل تأكيد لرقابة أخلاقية صارمة على نصوصه ومضمونه".
فيما قال الكاتب والإعلامي عبد الله مهودر عبر صفحته الشخصية في فيسبوك أن "الرقابة على الإنتاج الفني أصبحت خاصة بالقناة او ذاتية وليست رقابة مؤسساتية ولا توجد اليوم جهة تتولى فحص المسلسلات وكلمات الأغاني قبل عرضها".
مسؤولية الرقابة تقاذفتها كلاً من وزارة الثقافة وهيئة الإرسال والاتصالات، اذ سارع وزير الثقافة إلى إصدار بيان أخلى مسؤولية الوزارة عن مراقبة تلك الأعمال موجهاً بأصابع الاتهام في ذلك لهيئة الإرسال والاتصالات.
اذ رفض وزير الثقافة عبد الأمير الحمداني ما يعرض من أعمال درامية منافية للعرف الاجتماعي وقال "نستهجن قيام عدد من القنوات الفضائية باتخاذ هذه الأعمال وسيلة للإساءة لقيم وعادات وتقاليد المجتمع وتقديم صورة مشوهة للأسرة العراقية عبر استخدام المقاطع المشينة والألفاظ البذيئة التي لاتتناسب مع قيمنا الأصيلة".
ودعا الحمداني عبر بيانه الجهات المختصة إلى "ممارسة دورها الرقابي لمنع عرض هذه الأعمال الهابطة ومحاسبة المسيئين والمخالفين وفق القوانين والأنظمة"، مشيرا إلى "عدم مسؤولية في وزارة الثقافة والسياحة والآثار المباشرة عن هذه الأعمال"، مؤكدا "اننا على استعداد تام للتعاون مع المسؤولين عن القنوات الفضائية وهيئة البث والاتصالات لفحص النصوص الدرامية من خلال كوادرنا المتخصصة قبل تنفيذها".
من جانبها هددت هيئة الأعلام والاتصالات باتخاذ الإجراءات اللازمة تجاه القنوات التي تعرض الأعمال المسيئة.
وقال الهيئة في بيان صحافي، أنها "رصدت تجاوزات في محتوى برامج عدد من الفضائيات خلال شهر رمضان الكريم خرجت عن سياق حرمة هذا الشهر الفضيل وخالفت العديد مما نصت علية مدونات وقواعد السلوك والبث الإعلامي".
وطالبت الهيئة عبر البيان الوسائل الإعلامية المسيئة ب"رفع المشاهد التي تخرج عن سياق الحياء والأعراف والتي ينبغي للأعلام والفن الرقي بها وليس النزول إلى مستوى هابط لغة وتعبيرا ً".
وأضاف البيان أن الهيئة تطالب مدراء هذه القنوات بسرعة تصحيح موقفها من هذه الإعمال وبخلافه ستتخذ بحقها الإجراءات المناسبة وفق صلاحياتها القانونية.
اضف تعليق