حالة من القلق تشهدها منطقة الخليج والعالم بعد استهداف ناقلتين للنفط قبالة خليج عمان صباح يوم أمس الخميس، والمخاوف تتجلى في خطر عودة حرب الناقلات. اذ تتصاعد أعمال تخريبية كبيرة بدأت الشهر الماضي قبالة سواحل الإمارات، واتهم الجميع إيران بالوقوف وراءها، فيما تجددت المناوشات صباح أمس الخميس، بانفجارين كبيرين استهدفا ناقلتي نفط في مياه بحر عمان.
حرب مرتقبة للناقلات النفطية
تتحدث التقارير عن حرب الناقلات التي اشتعلت بها منطقة الشرق الأوسط في ثمانينات القرن الماضي، بدأت ذروة الحرب عام 1987، عندما هاجمت زوارق إيرانية ناقلة نفط كويتية ترفع العلم الأمريكي، حيث ردت البحرية الأمريكية بتدمير منصتي نفط إيرانيتين، وإغراق ثلاث مدمرات إيرانية وإعطاب فرقاطتين.
واستمر هذا المشهد في مياه الخليج وأدى إلى غرق 250 ناقلة نفط عملاقة، وألحق أضرارا بالغة باقتصاد إيران إضافة إلى خسائر لدول الخليج العربية.
مراقبون: الخطر قادم
مراقبون أكدوا أن "تلك الاستهدافات بداية لبركان خطير يهدد العالم يتمثل بخطر يواجه عبور حاملات النفط في الخليج سيكون العراق بعده اول المتأثرين، فيما طالب اقتصاديون الحكومة العراقية بالبحث عن خطط طوارئ تؤمن تصدير النفط العراقي بعيدا عن الحرب المرتقبة.
يقول المحلل السياسي واثق الهاشمي، أن "أي تصعيد تواجهه المنطقة سيكون العراق أكثر المتأثرين والمتضررين فيه"، لافتا الى انه "بالرغم من استبعاد خطر نشوب حرب بين الجانبين الإيراني والأمريكي الا ان وقوعها سيجعل من العراق ساحة للنزال العسكري بين هاتين الدولتين لن يستطيع ان ينأى بنفسه عن خطرها".
الجماعات المسلحة
وأضاف الهاشمي "رغم أن العراق يدخل في بعض الأحيان كوسيط في الأزمة الإيرانية الأمريكية إلا انه يتعرض لمخاوف فرض العقوبات عليه من الجانب الأمريكي".
وتابع ان "استهداف ناقلات النفط تصعيد خطير يهدد المنطقة، ينذر بتكهنات بعيدة المدى لحرب مرتقبة سيكون العراق أول المتأثرين بها في ظل وجود جماعات مسلحة متنوعة الولاءات بين الجانبين".
واوضح ان "الحكومة العراقية ستكون في مأزق كبير في حالة نشوب حرب في المنطقة، فقراراتها المتعلقة بالأزمة ستكون غير ملزمة لبعض الجهات المسلحة ذات الولاء العقائدي، فضلا عن الضغوطات الخارجية الأمريكية والإيرانية والخليجية التي تمارس على العراق بشكل كبير".
خطط للطوارئ
من جانبها أوضحت الاقتصادية د. سلامة سميسم أن "ما حدث من استهدافات لناقلات النفط في خليج عمان له جوانب خطيرة تتطلب من الجانب العراقي استحداث خطوط طوارئ لصادراته ،لافته إلى إن العراق واقع بين المطرقة والسندان في الصراع الإيراني الأمريكي".
وقالت سميسم، لـوكالة النبأ للأخبار انه "في حالة تعرض خطوط النقل لأي حالة طوارئ سيكون العراق في مأزق كبير مالم يتم تفعيل خطوط جديدة للصادرات وحماية الناقلات العراقية".
وكشفت عن "وجود تحركات حكومية جدية للتوجه واعتماد خط ميناء جيهان وإعادة تفعيل الخطوط القديمة كخط طرابلس من جانب لبنان، وتفعيل مشروع خليج العقبة".
وأضافت "العالم اليوم يواجه أزمة في التصريحات والحذر لأي احتمال يهدد مضيق الصادرات الأول في هرمز كونه يمس خطوط نقل النفط في الكويت والبحرين والإمارات، والسعودية رغم ان الجانب السعودي يمتلك خط النقل الواقع على البحر الأحمر".
عوائد نفطية
وترى سميسم أن "للاستهداف جوانبه ايجابية تتمثل في ارتفاع أسعار النفط عالمياً الأمر الذي يعود يرفع من قيمة العائدات النفطية العراقية، رغم أن تلك الطموحات لن تكون كبيرة"، بحسب سميسم حيث نوهت إلى أن "حكومة ترامب سوف تسعى لسيطرة على أسعار النفط وذلك عبر زيادة المعروض النفطي بغية إرسال رسائل اطمئنان للدول المستوردة والمصدرة للنفط بعدم زيارة الأسعار وإرباك حالة السوق عالمياً".
وكانت أسعار النفط العالمية قد شهدت ارتفاعا ملحوظا خلال تعاملات امس الخميس، بعد حادثة استهداف ناقلات النفط في ظل تصاعد التوترات في منطقة الخليج.
ارتفاع اسعار النفط
وقالت وكالة رويترز أنه جرى تداول عقود مزيج برنت العالمي بحلول الساعة 09:22 بتوقيت غرينيتش، عند 61.07 دولار للبرميل، بزيادة نسبتها 1.83% عن التسوية السابقة.
فيما تم تداول المزيج الأمريكي غرب تكساس الوسيط عند 51.71 دولار للبرميل، بارتفاع نسبته 1.17% عن مستوى الإغلاق السابق.
وأدت هذه الانباء المتلاحقة إلي ارتفاع الأسعار بسبب تخوف أسواق النفط من تأخر إمدادات النفط من منطقة الشرق الأوسط، في ظل تهديد متزايد للشحنات في هذه المنطقة بسبب التوترات السياسية بين أمريكا وإيران، وتعرض ناقلات نفط لأعمال إرهابية.
من الجانب الحكومي العراقي فقد طالبت لجنة الخدمات النيابية، امس الخميس، مجلس الوزراء بعقد جلسة طارئة لدراسة الاحتمالات "الخطيرة" المتوقعة، بعد استهداف ناقلات النفط، والخروج بقرارات عاجلة لتأمين تجارة العراق مع العالم.
وقال رئيس اللجنة كاظم فنجان الحمامي، في بيان تلقت تلقته وكالة النبأ للأخبار إن "أهمية أمن المواني العراقية لا خلاف عليها، والتي ليس لها أي منفذ ملاحي خارج المسطحات المائية لحوض الخليج العربي، والتي باتت مهددة بالتوقف بعد تعرض مجموعة من ناقلات النفط العملاقة لتفجيرات مدمرة قرب مدخل مضيق هرمز".
واضاف "يمتلك العراق مينائين نفطيين شمال الخليج العربي، أحدهما في (خور العُميّة)، والآخر في (خور الخفگة)، ومعهما مجموعة من العوامات الرحوية المخصصة لتحميل النفط الخام، زائدا ستة موانئ تجارية تلعب دوراً حيوياً في تأمين واردات وصادرات العراق".
داعيا الوزارات العراقية المعنية إلى "تفعيل خططها البديلة تحسباً لأي طارئ، وأن لا تقف مكتوفة الأيدي بانتظار ما لا يُحمد عقباه".
مؤكدا بان "الأسطول التجاري العراقي، لم يتأثر بالحوادث الأخيرة التي وقعت في خليج عمان ومضيق هرمز، لأنه يتألف من مجموعة كبيرة من السفن الخدمية التي ينحصر نطاق عملها في خور عبد الله وشط العرب، زائدا بضعة ناقلات تابعة لشركة ناقلات النفط، وبضعة سفن تجارية تابعة لشركة النقل البحري. لكن توقف حركة السفن والناقلات الدولية عبر مضيق هرمز هو الذي يهدد الآن أنشطة الموانئ العراقية، وهو الذي يعطل عملها، ويوقف إمدادات النفط".
وطالب الحمامي: مجلس الوزراء بعقد جلسة طارئة لدراسة الاحتمالات الخطيرة المتوقعة، والخروج بقرارات عاجلة لتأمين تجارتنا مع العالم. وأن يأخذ المجلس بنظر الاعتبار كل الخيارات والاحتمالات والتوقعات، وقيام الحكومات الخليجية بعقد جلسات طارئة لمناقشة تداعيات الأوضاع في المنطقة.
اضف تعليق