أحتج شاب عراقي بطريقة غريبة على العنف والتفجيرات في العراق.
وتجمع عدد من الأطفال وهم يتطلعون بخوف الى شاب يرتدي بزة مضادة للانفجارات أثناء قيامه بجولة في شارع الرشيد العريق وسط بغداد، قبل أن يجلس في أحد مقاهيه ليحتسي الشاي الى جانب مجموعة من الرجال.
ولم تكن هناك أي عبوة ناسفة تحتاج الى تفكيك في الشارع في ذلك النهار، ولا تحوي بزة الشاب ما يمكن أن يحميه من انفجار محتمل، لكن فكرة البزة التي صممها الفنان العراقي حسين عادل تهدف الى التنديد بالعنف الذي ما يزال يضرب أنحاء عدة من العراق.
ويقول عادل "شعرنا بضرورة تصميم مثل هذه البزة بسبب عدم وجود الكثير من بزات الحماية من المتفجرات في العراق"، مضيفا "بلدنا من أكثر البلدان في العالم التي تحتاج الى مثل هذه البزة".
وعادل شاب في العشرين من العمر، صاحب شعر مجعد كثيف، وهو أحد الفنانين العراقيين الذين يبحثون عن طرق لمواجهة العنف المستمر في بلادهم، والبزة هي نموذج فقط وتحتاج الى أن تصنع من مواد مضادة للمتفجرات لتكون فعالة.
والدافع وراء قيام عادل بالبحث عن تصميم بزة مضادة للانفجار، هو مقتل أحد أصدقائه المقربين، عمار الشابندر الذي كان صحفيا ناجحا وقد قضى في انفجار سيارة ملغومة بمنطقة الكرادة وسط بغداد العام الماضي.
ووقع الحادث عندما كان عادل والشابندر وصديق ثالث لهما قرب أحد المقاهي الشعبية في الكرادة، ويروي عادل "طلبت منهم أن يكملوا طريقهم على أن ألحق بهم بعد خمس دقائق".
بعيد ذلك، وقع انفجار مدو، واندفع عادل للبحث عن صديقيه ليعثر على أحدهما مصابا بجروح في الرأس بعد نقله الى أحد المستشفيات، ويتبلغ منه أن الشانبدر قتل جراء الانفجار.
بعد مرور أسبوعين على الحادث، استيقظ عادل من حلم بوقوع انفجار في ساحة رئيسة وسط بغداد، وروى الحلم لوالده وأصدقائه، ويؤكد أنه في وقت لاحق من ذلك اليوم، وقع بالفعل انفجار في تلك الساحة.
ودفعت تلك الأحداث عادل للبحث عن طرق لمحاربة القلق الذي يعيشه في ظل العنف.
واستهدفت عشرات الانفجارات بينها سيارات ملغومة وعبوات ناسفة، وأحيانا أكثر من انفجار في اليوم الواحد، المدن العراقية وبغداد، خلال الأعوام الماضية.
ويوضح عادل قائلا :تساءلت لم لا توجد طريقة ما يمكن أن نحمي بها أنفسنا؟ الأساليب الأخرى لم تثمر شيئا، لذا توجهت الى حلول فردية".
وتتكون البزة التي تمت خياطة الجزء الأكبر منها من قماش سميك، من خمس قطع رئيسية: خوذة للرأس وقطع حول الصدر والظهر والأرجل والأذرع، ترتبط ببعضها بعضا بواسطة أحزمة.
وفيما كان مسلم يرتدي البزة، انضم اليه عادل وكانا يتنقلان ويتبادلان الحديث مع المارة، وطلبا الشاي في أحد المقاهي، وناقشا أسعار المواد في محل تجاري.
ويقول مسلم واصفا مشاعره خلال ارتدائه البزة :أعلم أنها ليست بزة حقيقة لكنني شعرت بأنها تحميني فعلا وتخيلت كل ما يمكنني فعله وأنا أرتديها".
في شارع الرشيد وهو من أشهر شوارع العاصمة، كان بعض المارة ينظرون بخوف الى مسلم، وهو يسير بذراعين مرفوعتين ويحيط رأسه طوق بلاستيكي مكمل للبزة، فيما بدا الأمر مسليا للبعض الآخر.
ويقول ابو ابراهيم، صاحب محل تجاري في الشارع "أعتقد أن هناك دوافع تبرر القيام بهذا النوع من الفن، لكن أنا شخصيا لا أعتقد أن هذا سيغير من الوضع الذي يمر به بلدنا".
ويسعى عادل الى تكرار تجربة التنقل بالبزة في مناطق أخرى من بغداد وتوثيقها بعد ذلك في معرض للصور.
ويقول "أريد أن أظهر للعامة ما وصلنا اليه ونزرع تساؤلا في عقولهم: ماذا لو كنا جميعنا على هذه الصورة؟".
اضف تعليق