لم يدم انخفاض مبيعات البنك المركزي من العملة الصعبة، أكثر من 35 يومًا، عندما بدأت بالانحدار التنازلي ابتداءً من مطلع تشرين الثاني/نوفمبر المنصرم، قبل أن يتدخل رئيس الوزراء محمد شياع السوداني وعبر اجتماع مع محافظ البنك المركزي، انتهى بإصدار حزمة قرارات من البنك المركزي، من المؤمل أن لا تعيد رفع المبيعات إلى سابق عهدها خلال الأشهر الماضية فحسب، بل ربما سترفعها بنسبة 4% إضافية.
ومنذ 1 تشرين الثاني/نوفمبر، انخفضت مبيعات البنك المركزي من العملة الصعبة، وبنسبة تراوح الـ40%، فبينما كانت تراوح نحو الـ230 مليون دولار يوميًا كمعدل، أصبحت تحوم كمعدل حول الـ140 مليون دولار يوميًا فقط، فيما جاء هذا الانخفاض بسبب "التضييق" الذي بدأ البنك المركزي يتخذه ضد بعض المصارف الأهلية المساهمة بمزاد بيع العملة، كما كان التضييق مدفوعًا بعقوبات من وزارة الخزانة الأمريكية ضد المصارف المتهمة بتهريب العملة الصعبة من العراق، وعلى رأسها مصارف "الشرق الأوسط والأنصاري والقابض" وهي مصارف مملوكة لرجل الأعمال المثير للجدل علي غلام.
واستمرت مبيعات البنك المركزي منذ تشرين الثاني/نوفمبر وحتى اليوم مستقرة عند معدل بيع يومي يعادل 140 مليون دولار فقط، الأمر الذي طرح تساؤلات عمّا إذا كانت الـ40% من المبيعات التي انخفضت فور وقف التعامل مع بعض المصارف بالدولار، كانت تهرب بالفعل إلى الخارج ولم تكن ذات أثر حقيقي في السوق العراقي.
ومنذ انخفاض مبيعات البنك المركزي منذ حوالي شهر، تشهد الأسواق المحلية في العراق ارتفاعًا متذبذبًا في سعر الدولار حتى بلغ يوم الأحد 4 كانون الأول/ديسمبر أكثر من 150 ألف دينار لكل 100 دولار، وهو رقم غير مسبوق منذ تغيير سعر صرف الدولار أمام الدينار العراقي أواخر عام 2020.
رافق هذا الارتفاع، اجتماع بين رئيس مجلس الوزراء محمد شياع السوداني ومحافظ البنك المركزي غالب مخيف، فيما جاء في بيان صادر عن مكتب السوداني أنه "وجه بإجراء المعالجات اللازمة لتوفير العملة الأجنبية في السوق المحلية وفق الآليات والأنظمة القانونية للبنك المركزي، وأيضًا توفيرها للمواطنين الراغبين بالسفر أو العلاج خارج العراق".
وعلى خلفية هذا التوجيه، أصدر البنك المركزي قرارات لرفع مبيعاته من العملة الصعبة لـ"تلبية الطلب المتزايد" بحسبما أظهرت وثيقة صادرة من البنك واطلع عليها "ألترا عراق"، وتضمن رفع المبيعات بزيادة حصة شركات الصرافة A إلى مليون و800 ألف دولار، والـB إلى 750 ألف دولار، وشركات التوسط C إلى 80 الف دولار، والمصارف 200 ألف دولار، يوميًا.
بالمقابل، تم رفع مبيعات الدولار إلى كل مواطن أو موظف وافد إلى 5 الاف دولار، ارتفاعا من 3 آلاف دولار كانت تعطى لكل مسافر قبل القرار الجديد، ما يعني رفع نسبة المبيعات للمسافرين بنسبة 60%.
وبقارنة هذه الزيادات مع الحصص المحددة سابقًا ووفق وثيقة صادرة من البنك المركزي العام الماضي، حيث كانت حصة شركات الصرافة A مليون 500 ألف دولار، والـB 500 ألف دولار، والـC 50 ألف دولار، والمصارف 200 ألف دولار يتضح أنّ البنك المركزي رفع نسبة المبيعات إلى شركات الصرافة A بنسبة 23%، والـB بنسبة 50%، والـC بنسبة 60%، ما يعني أن متوسط رفع المبيعات بالمجمل سيبلغ 44%.
هذه النسبة، تفوق النسبة التي انخفضت بها مبيعات البنك المركزي منذ مطلع تشرين الثاني/نوفمبر الماضي، والتي بلغت قرابة 40% فقط، حيث أنّ هذا القرار لن يعيد رفع مبيعات البنك المركزي إلى مستوياته المرتفعة خلال الأشهر الماضية بحدود 230 مليون دولار يوميًا فقط، بل ويرفعها أكثر من المستويات السابقة بنسبة أكثر من 4%، ما يعني أنّ معدل المبيعات اليومي من المرجح أن يبلغ نحو 250 مليون دولار (ربع مليار دولار) يوميًا كمعدل.
اضف تعليق