يقضي الحرفيون في حي الكوازين في الموصل ساعات في صنع عجينة طينية خاصة تستخدم في صنع الأفران وهي حرفة يقولون إنها تعود إلى آلاف السنين.
وتُستخدم أفران الفخار المعروفة باسم "التنور" في صنع الخبز التقليدي ولا يزال الكثيرون في العراق يستخدمونها لطهي المأكولات الشعبية مثل اللحوم والأسماك.
ويقول الحرفيون والخبازون إنه في حين أن الأفران المصنوعة من الفولاذ وتعمل بالوقود أصبحت منتشرة بشكل أكبر، لا يزال عملاؤهم يفضلون الأفران المصنوعة من الفخار التي تمنح الخبز مذاقا خاصا.
ويعمل خالد الكواز وهو حرفي يبلغ من العمر 50 عاما بهذه الحرفة منذ عقود، حيث ورثها عن والده وجده.
وأوضح أن "عائلته تتوارثها أبا عن جد منذ آلاف السنين"، لافتا إلى أنه "تعلم المهنة عن والده وأعمامه".
وعلى الرغم من أن الكثير من العراقيين تركوا استخدام التنور في صنع الخبز لعدة أسباب من بينها الدخان الذي يتصاعد منه، بحسب الكواز، فإنه يكافح من أجل بقاء هذا التراث اقتداء بأجداده.
ويصنع عادة ثلاثة أو أربعة أفران يوميا في ورشته بمدينة الموصل القديمة وأحيانا أكثر من ذلك في حالة زيادة الطلب.
ولفت خالد الكواز إلى أنه خلال الحرب مع تنظيم داعش مر بعدة صعوبات، قائلا "كنا نخشى الخروج بسبب كثرة الغارات ونبقى داخل بيوتنا بانتظار توقف القصف حتى نتمكن من الخروج للعمل، فكان عملنا يقتصر على مرة أو مرتين في الأسبوع".
وفي مخبز محلي يصنع الخبازون خبز التنور الشعبي في فرن الطين.
ويقول الخبازون إن فرنا واحدا من الطين يعيش عادة لمدة عامين على الأكثر، بالمقابل فالطلب على الخبز في هذه الأفران مرتفع دائما.
وأكد إبراهيم الذي يعمل خبازا أن "الخبز الذي يتم طهوه داخل الأفران الطينية له نكهة خاصة"، مضيفا أن "الناس تقبل على ما يتم إعداده في هذه الأفران أكثر من إقبالهم على خبز التنور الحديد أو الذي يعمل بالغاز وهذا الأخير غير مرغوب نهائيا".
وأشار إلى أن "تنور الطين أحلى وأجمل وخبزه ذا نكهة طيبة وهذا مرتبط بعادات العراقيين الغذائية منذ عهد الآشوريين".
ولا ترتبط صناعة الفخار بالأفران فحسب، إذ يقبل العراقيون على اقتناء الفخاريات المصنوعة محليا رغم وفرت بدائل لها.
وتبقى الفخاريات في العراق أول بلد عرف الكتابة البشرية وكانت أحرفها المسمارية تنقش على ألواح طينية مميزة وتدخل في تفاصيل الحياة اليومية، بينها تنّور الطين أحد الأدوات السومرية التي ما تزال مستخدمة من عائلات عراقية كثيرة.
اضف تعليق