نفذ البرلمان الاوروبي تهديده وصوت على تجميد مفاوضات انضمام تركيا الى الاتحاد الاوروبي بسبب حملة القمع "غير المتكافئة" الجارية منذ محاولة الانقلاب في تموز، في ما قد يشكل خطوة أولى لأنقرة على طريق الخروج من الاتحاد الاوروبي، وإن تكن لم تنضم اليه بعد.
ليس القرار الذي صوتت عليه الكتل النيابية الأربع الكبرى في البرلمان، المحافظون والاشتراكيون والليبراليون والخضر، ملزماً، وهو لا ينطوي على تبعات فورية، الا أنه يبرز الاستياء المتزايد في أوروبا حيال تشديد الرئيس رجب طيب أردوغان قبضته على السلطة منذ محاولة الانقلاب الفاشل، ويخشى أن يؤثر سلباً على العلاقة الشائكة أصلاً بين تركيا والغرب، وعلى ملفات مشتركة بين الجانبين، بما فيها ملفا اللاجئين السوريين وقبرص.
وتعود طموحات تركيا للانضمام الى التكتل الاوروبي الى ستينات القرن الماضي، وقدمت أنقرة طلباً رسميا للانضمام عام 1987 لكن المفاوضات لم تبدأ الا عام 2005 .
في حينه، يقول الكاتب التركي مصطفى أكيول إن حزب العدالة والتنمية كان في حاجة ماسة الى خط الانعاش الاوروبي كونه كان يواجه تهديداً مضطرداً من الجيش والقضاء العلمانيين. ولطالما تطلع أردوغان ورفاقه الوصلون الى السلطة، الى نظام سياسي لا تنفذ فيه الجيوش انقلابات ولا تحظر محاكمه أحزاباً سياسية، على النسق الاوروبي.انتهى/س
ولكن قصة الحب المفترضة بين الجانبين شهدت الكثير من المد والجزر، والمفاوضات تعثرت مراراً، تارة مع رفض دول بينها فرنسا ضم 70 مليون تركي مسلم الى قارة ذات غالبية مسيحية وطوراً بسبب الأزمة المالية لعام 2008 التي ضربت القارة.
وفي موازاة ذلك، كان وجه تركيا يتبدل. فالحزب الذي وصل الى الحكم تحت شعار الاصلاح والحرية والحقوق بمواجهة مؤسسة مستبدة، بدأ نفسه يتحول الى مؤسسة استبدادية صارت تنظر الى القيم الاوروبية التي كان يعتبرها خلاصاً، كأنها وصاية مزعجة.
وعلى رغم ذلك، وضعت أوروبا كل الانتقادات لحقوق الانسان في تركيا وراءها ووافقت في آذار الماضي على تسريع عملية الانضمام بعد اتفاق بينها وبين أنقرة على وقف تدفق المهاجرين الى دول الاتحاد الاوروبي.
ووافقت بروكسيل على اعفاء الاتراك من تأشيرات الدخول الى منطقة شنغن حين تطبق انقرة سلسلة اصلاحات ، ووعدت بتقديم مساعدات اضافية لتركيا مقابل خفض اعداد المهاجرين الوافدين الى الجزر اليونانية.
وإذا كانت محاولة الانقلاب الفاشلة في تموز الماضي أبطأت العملية، فان الاجراءات القمعية التي مارستها الاجهزة التركية ضد المتورطين المفترضين في الانقلاب ووسائل الاعلام والمعارضين تهدد بتقويض العملية برمتها.
طوال الاعوام الماضي، لم يتوان الاتحاد الاوروبي عن توجيه الانتقادات لأنقرة، وخصوصاً للانحرافات التسلطية لأردوغان، بما فيها قمع حرية التعبير والاعتقالات والممارسات ضد الاكراد. ومع ذلك، كان رد الفعل الاوروبي الاولي على محاولة الانقلاب الفاشلة خجولاً، الى درجة ذهب بعض القوميين الأتراك الى اعتبار ما حصل مؤامرة غربية ضد بلادهم.
البرلمان الاوروبي
وفي أي حال، برر البرلمان الاوروبي قراره ب " التدابير القمعية التي اتخذتها الحكومة التركية في اطار حال الطوارئ" معتبراً أنها غير متكافئة وتمس بالحقوق والحريات الاساسية التي كرسها الدستور التركي، وبالقيم الديموقراطية الجوهرية للاتحاد الاوروبي.
ولم يغب عن بال الاوروبيين تلويح الحكومة التركية مراراً بمعاودة العمل بعقوبة الاعدام.
ثمة مؤشرات جدية توحي بأن المشوار التركي الى أوروبا انتهى قبل أن يبدأ، مع أن عدداً كبيراً من دول الاتحاد الاوروبي وكذلك الممثلة العليا للاتحاد الاوروبي فيديريكا موغيريني، يعارضون وقف المفاوضات مع تركيا.
وينبع موقف هؤلاء تحديداً من مخاوف من أن يتخلى النظام التركي عن تطبيق الاتفاق حول الهجرة الموقع مع الاتحاد الاوروبي، وأن يتوقف عن ضبط حركة تدفق اللاجئين الساعين للوصول إلى أوروبا، علماً أن تركيا تستضيف على أراضيها نحو ثلاثة ملايين لاجئ سوري.انتهى/س
اضف تعليق