أثارت سياسات الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، وكذلك إجراءات الحكومة التركية بحق وسائل الإعلام المعارضة، وخصوصا قبل الانتخابات التشريعية المقبلة، انتقادات كبيرة في وسائل الإعلام التركية، ذهبت إلى حد وصف ما يحدث بأنه "أكبر عملية قمع للصحافة في تاريخ تركيا الحديث".
ويأتي التصعيد والحملات المتزايدة ضد الصحافة، المعارضة على وجه التحديد، قبل أيام قليلة من الانتخابات البرلمانية المبكرة المقررة في الأول من نوفمبر المقبل، وهي الانتخابات التي قد تضع حدا لأكثر من عقد من حكم الحزب الواحد، حزب العدالة والتنمية، الذي يقوده أردوغان.
وبلغت الاتهامات الموجهة لسياسات أردوغان وحكومة حزب العدالة حدا دفع بالمراقبين إلى القول إنها أوسع حملة لإسكات الأصوات المطالبة بالتغيير والمساءلة في أنقرة.
وقال رئيس التحرير في قناة "بوغون" التلفزيونية، تانك توروس "إنها أسوأ عملية قمع للصحافة في تاريخ تركيا"، وفقا لصحيفة "غارديان" البريطانية.
وكانت القناة اضطرت إلى وقف البث عندما قام رجال أمن بمداهمة مقرها، بينما لجأ توروس إلى غرفة المراقبة والتحكم في القناة قبل أن يجبره رجال الشرطة على الخروج منها.
وقال توروس، لصحيفة "غارديان" إن "حكم الحزب الواحد يعتبر كارثة.. والانتهاكات ضد أولئك الذين لا يفكرون مثل أردوغان سوف يستمرون، بينما تدخل تركيا فترة ظلام".
وكانت مداهمة قناة توروس التلفزيونية جاءت على خلفية اتهامات بتجاوزات مالية بحسب متحدث باسم الحكومة التركية.
وقال المتحدث باسم الحكومة: "المسألة ليست قضية حرية تعبير، وإنما على خلفية تحقيق جنائي بشأن أنشطة تتعلق بالشركة الأم"، مضيفا "لقد أمر الادعاء العام في أنقرة بإجراء تعيينات لمجالس وصاية بحق 23 شركة تمتلكها الشركة نفسها لمنع تدمير أدلة رئيسية".
وكان رئيس الوزراء التركي أحمد داود أوغلو قال في بيان الأربعاء: "إنها (مداهمة القناة) عملية قانونية.. حكومتنا لم تتدخل. ونحن لا نتدخل ولا نجد التدخل أمرا صائبا".
وأضاف "بشأن حرية الصحافة في تركيا، يمكن لأي شخص أن يرى حجم الإهانة التي يتعرض لها رئيسنا، وكذلك حزبنا العدالة والتنمية وأنا شخصيا، في الصحافة وفي حملات الانتخابات.. وكل شخص يعبر عن رأيه بحرية".
ومع ذلك، فإن النقاد يزعمون أن المداهمة، التي بثت لقطات مسجلة لها على نطاق واسع في وسائل التواصل الاجتماعي، كان عملا انتقاميا بعدما بثت القناة التلفزيونية مقابلات مع رموز للمعارضة التركية، بمن فيهم زعيم حزب الشعوب الديمقراطي، صلاح الدين دمرتاش.
وقال رئيس التحرير المسؤول في صحيفة جمهوريت جان دوندار: "هذا هو أردوغان.. إنه يكره الانتقاد".
وجاءت حملة الدهم للقناة وسط تصاعد الضغوط على الصحافة والصحفيين في تركيا، إذ قالت لجنة حماية الصحفيين في تركيا مؤخرا إن الضغوط المفروضة على الصحفيين في تركيا عموما تصاعدت بشكل كبير بعد الانتخابات الأخيرة في يونيو الماضي، الأمر الذي يهدد الديمقراطية في تركيا.
وتواجه صحيفة جمهوريت المعارضة سلسلة دعاوى قضائية بموجب قانون يجرم إهانة الرئيس، وهو تكتيك قانوني استخدم مرارا في الشهور والسنوات الأخيرة.
وكانت الصحيفة نشرت تحقيقات الفساد التي طالت القيادة التركية وزعمت أن شاحنات تابعة الاستخبارات التركية كانت تهرب الأسلحة إلى مسلحي المعارضة في سوريا.
ووصف الصحفي التركي البارز، أحمد هاكان، الذي تعرض للاعتداء من قبل أنصار حزب العدالة والتنمية، ما يحدث في بلاده بأنه "أمر غير مسبوق في تاريخ تركيا".
وأوضح أنه ليس ضد الحكومة ولكنه صحفي ينتقد الحكومة، وقال "ومع ذلك فإنني عرضة لاعتداء جسدي، ولذلك بات أمرا معتادا أن ترى الصحفيين الذين يعرفون أنفسهم بأنهم معارضون للحكومة سيشعرون بالاستياء".
وتابع قائلا "على مدى 13 عاما من عمر هذه الحكومة، ربما يعتبر هذا الأمر الوقت الأسوأ للصحفيين، إذ بات الصحفيون يشعرون أنهم غير آمنين".
اضف تعليق