قال إيدي كوهين، الكاتب الإسرائيلي بجامعة بار-إيلان، إن السعودية تلعب مع إسرائيل لعبة مزدوجة، وفي حين أنهما لا تقيمان علاقات دبلوماسية رسمية، لكن العام 2002 شهد بداية ظهور هذه العلاقات، ثم نموها تدريجيا خلف الكواليس، حين أعلن الملك السعودي الراحل عبد الله المبادرة السعودية لحل الصراع العربي الإسرائيلي، وفي عام 2015 تزايد التقارب بينهما، بل إن بعض جوانبه أخذ أبعادا رسمية.
وأضاف في مقاله بصحيفة إسرائيل اليوم الخميس، أن "أساس التقارب بين تل أبيب والرياض هو دافعهما المشترك في وقوفهما ضد المشروع النووي الإيراني، ولذلك زار عدد من المسؤولين السعوديين إسرائيل، فيما تحدثت تقارير عن زيارة رئيس جهاز الموساد السابق مائير داغان إلى السعودية لمقابلة نظرائه لمحاربة المشروع الإيراني".
وأوضح أن "العامين الأخيرين شهدا وصول العلاقات السعودية الإسرائيلية لمستويات من الذروة غير المسبوقة، مع تقارير تحدثت عن لقاء جمع ولي العهد السعودي محمد بن سلمان مع رئيس الحكومة الإسرائيلية".
وأشار كوهين، الباحث في معهد بيغن-السادات للدراسات الإستراتيجية، أن "المنطقة شهدت في الماضي نشوء محور سني ضد إيران، لكن العامين الأخيرين تسببا بفقدان هذا المسمى، لأن الشرق الأوسط بأسره انقسم إلى معسكرين: الأول يشمل تركيا وقطر وإيران، والثاني يشمل السعودية والإمارات والبحرين ومصر التي تلقى دعما وإسنادا من الولايات المتحدة وإسرائيل".
وأوضح أن "كلا المعسكرين تأسسا عمليا بعد الحصار الذي فرضته بعض الدول الخليجية على قطر، بسبب تقاربها مع إيران وتركيا، خشية من الاجتياح السعودي المتوقع".
وذكر أن "العداء المتزايد بين إيران والسعودية زاد من الدفء في علاقات الأخيرة مع إسرائيل، فإيران لا تدخر وسيلة إلا وهاجمت السعودية فيها، بما في ذلك العالم الافتراضي، حيث ذكرت الأنباء في سنة 2012 أن فيروسا إلكترونيا استهدف شركة النفط السعودية أرامكو، ما تسبب للسعوديين بخسائر باهظة، كما اقتحم قراصنة إيرانيون حسابات مصرفية لأمراء سعوديين".
وأشار إلى أنه "على خلفية هذه التهديدات الإيرانية، أقامت السعودية وحدة سايبر اسمها الردع السعودي، تهدف لمحاربة الإيرانيين وقراصنتهم، وفي 2017 أضيف للوحدة مهمة جديدة اسمها تشويه صورة دولة قطر، وبث التحريض ضدها في العالم العربي، ويترأسها سعود القحطاني مستشار الملك السعودي".
يذكر كوهين أن "العاملين في هذه الوحدة السعودية يبلغ عددهم أربعة آلاف موظف، يعملون من العاصمة الرياض، وجميعهم يعملون بأسماء مستعارة، ووظيفتهم رفع الهاشتاغات والأوسام على شبكات التواصل، لمحاولة توجيه الرأي العام، والسيطرة عليه، لا سيما تشويه صورة قطر وزعمائها".
وأكد كوهين، وهو من الناشطين الإسرائيليين الفاعلين على شبكات التواصل، أن "هذه الوحدة السعودية لها حساب قوي على تويتر بأربعمائة ألف متابع، يصدر يوميا تغريدات معظمها موجه ضد إيران وقطر، ووصف قناة الجزيرة بأنها عميلة للموساد الإسرائيلي، ويطلقون على قطر اسم قطريل نسبة إلى إسرائيل".
وأشار إلى أن تويتر السعودي "يتهم قطر بأنها تسوق صفقة القرن لبيع فلسطين للكيان الصهيوني، وهي المبادرة لافتعال الربيع الصهيوني، في إشارة للثورات العربية تمهيدا لتقسيم الدول العربية، وتحقيق حلم الكيان الصهيوني وإيران".
وقال إن "ذلك يعني أن السعودية تلعب مع إسرائيل لعبة مزدوجة: ففي حين أنها تتواصل معها خلف الكواليس، لأن إيران تعتبر عدوا مشتركا لهما، لكنها في العلن تزعم أن عدوها الرئيس هي إسرائيل ثم إيران، والمعادلة واضحة: علاقات سرية وعداء علني، من أجل إرضاء الشعب السعودي الذي يكره بغالبيته إسرائيل".
وأضاف أن "السلوك السعودي الحالي يذكرنا باللعبة المصرية القديمة الجديدة، لأنه رغم اتفاق السلام مع إسرائيل، لكنه في كل يوم تنشر عشرات المقالات المعادية للسامية في الصحافة المصرية، وفي أعقاب اتفاق أوسلو مع السلطة الفلسطينية طلبت منا أن تحرض ضدنا بصورة متوازنة "لأغراض فلسطينية داخلية".
وختم بالقول إن "هذا التحريض تحول مع مرور الوقت سلاحا فتاكا بأيدي نشطاء حركة المقاطعة العالمية بي دي اس، ولذلك يحظر على إسرائيل التساهل في التحريض ضدها، حتى لو أتى من السعودية؛ لأن هذا التحريض يترجم إلى أفعال، والأفعال ثمنها الدماء". انتهى/خ.
اضف تعليق