يُنذر اكتشاف أضخم عملية تزوير لشهادات جامعية في الكويت بظهور فضائح عديدة، لكون المستفيدين منها أكثر من ألف شخص، بعضهم مشهورون إعلامياً.
وتتصاعد دعواتٌ برلمانية وأكاديمية للمطالبة بمحاسبة جميع الضالعين في الأمر، وسدّ الثغرات في آلية اعتماد الشهادات الجامعية.
وأعلنت وزارة التعليم العالي، أمس الأربعاء 18 يوليو/تموز 2018، اكتشاف عدد كبير من الشهادات المزوّرة الصادرة من دولة عربية (مصر)، لمختلف المراحل الجامعية، خلال الأشهر الماضية، وإلقاء القبض على أحد الوافدين العاملين بالوزارة (مصري) متواطئ في الجريمة.
ورغم أنها ليست المرة الأولى التي يُعلن فيها عن اكتشاف تزوير في الشهادات، لكن يبدو أنها الأضخم في تاريخ الكويت، وبحسب وكالة الأناضول التركية، فأن العدد يتراوح بين 400 و1000، وربما يزيد.
آفة خطيرة وزارة التعليم العالي الكويتية قالت، في بيان، إن تحقيقاً بشأن الشهادات المزوَّرة تم بالتعاون مع إدارة معادلة الشهادات العلمية بالوزارة والمكتب الثقافي المختص.
وأضافت أن التحقيق أسفر عن تحويل العديد من أصحاب الشهادات المزوّرة إلى النيابة العامة، إضافة إلى سحب معادلة الشهادات الصادرة من الوزارة، خلال الأشهر الماضية.
وقال النائب الكويتي عبدالله فهاد، إن "ملف الشهادات المزوَّرة يحظى بمتابعة حثيثة من مجلس الأمة (البرلمان)، خاصة مع وجود تقرير رسمي معد من وزارتي التربية والتعليم العالي يتحدَّث عن ذلك".
ورأى أن الإعلان الأخير من وزارة التعليم العالي هو "بداية الخيط نحو القضاء على هذه الآفة الخطيرة".
فيما قال رئيس اللجنة التعليمية بالبرلمان، النائب عودة الرويعي، في تصريح صحفي: "نعمل يداً بيد لمكافحة مثل هذه الأمور، ومع كل من يسعى لمحاربة كل ما هو غير سليم وغير صحيح لتطوير التعليم".
وقالت مصادر مطلعة على القضية، إن الوافد المصري تم تحويله من وظيفة رجل أمن، في 2011، إلى طباع (يزود الحاسب الآلي ببيانات ويطبعها) في إدارة المعادلات.
وأضافت أنه اعترف في التحقيق بتسلمه مبالغ مالية تتراوح بين ثلاثة آلاف وأربعة آلاف دينار (10 و12.9 ألف دولار) عن كل شهادة.
وأدلى الوافد بأسماء تخص سماسرة يوفّرون له الزبائن، ويزوّدونه بالأوراق المطلوبة لفتح الملفات، دون أن يلتقي بالراغبين في الحصول على شهادات، بحسب المصادر.
إجراء وقائي أكاديمياً، دعا أستاذ القانون الجزائي في جامعة الكويت، د. فيصل الكندري، وزارة التعليم العالي إلى "اتخاذ إجراء وقائي مستقبلي قبل التصديق على الشهادات، وذلك بمخاطبة الجامعات العربية والأجنبية المعنية عن طريق المكاتب الثقافية، للتأكد من إصدار الجامعات لتلك الشهادات".
وأضاف الكندري: "إن لم يكن هناك شريك مع الوافد في جريمة تزوير الشهادات في وزارة التعليم العالي، فهناك بلا شك مهمل ومقصر يجب محاسبته، وتوقيع أشد العقاب عليه".
ودعا مجلس الوزراء إلى "اتخاذ قرار حازم بعدم السماح لغير الكويتيين باستعمال الأنظمة الآلية في الأجهزة الحكومية، والدخول على المعلومات الخاصة والسرية".
وتابع: "غير متصوَّر عقلاً أن يزوِّر وافدٌ وحدَه عشرات الشهادات الجامعية، من دون تواطؤ من أشخاص داخل جهاز التعليم العالي". وأردف الكندري: "الأيام ستكشف حجم المأساة التي يعيشها التعليم، ومن وراء هذه الجريمة، التي ستخلق جرائم أكبر وراءها".
بدوره، قال د. فهد السماوي، الأستاذ بكلية التربية الأساسية في الهيئة العامة للتعليم التطبيقي والتدريب، إن "الوافد لا يملك القرار، ولا يملك التوقيع على صحة الشهادة وعلى معادلتها.. ابحث عن المواطن (الكويتي) المسؤول فهو أساس الفساد".
وأوضح السماوي أن "الشهادات المضبوطة المزوّرة من مصر، معظمها حقوق وقانون وشريعة، وكذلك فيها تجارة بتخصّصاتها". وأضاف أن "الشهادات القانونية أصحابها محامون مشهورون إعلامياً، ومنهم مَن يعملون في التحقيقات، وعسكريون، ومدنيون".
فيما قال أستاذ قسم القانون بكلية الدراسات التجارية في الهيئة العامة للتعليم التطبيقي والتدريب، الدكتور يوسف الأنصاري، إن "الوزارة هي الحاضنة للشهادات العليا، من ثانوية ودبلوم وبكالوريوس وماجستير ودكتوراه، وهي التي تعتمد هذه الشهادات".
وأضاف: "إذا كانت الجهة الأكاديمية في الدولة بها خلل، فلا يمكن أن تكون هناك أي صحة لمستندات تدخل في الكويت". وشدَّد الأنصاري، على أن "الشهادات تحتاج إلى رقابة متواصلة عبر تقارير دورية من المشرف الأكاديمي للطالب، ومن خلال تلك التقارير تأتي الشهادة المعتمدة".
واستطرد: "لكن ما يحدث هو خلاف ذلك، فالشهادات تأتي إلى التعليم العالي، وشخص واحد يستقبلها، وتلك فضيحة كبيرة". ورأى أن "المسؤول عن التقصير في حادثة التزوير هو الدولة، فالمزوّر إن لم يجد الاعتماد لتلك الشهادة، ما بحث عن جهة تحتضنه بتلك الشهادة المزورة".
اضف تعليق