قال الكاتب البريطاني المعروف روبرت فيسك إن السعوديين سيفلتون من المحاسبة من جريمة قتل الصحافي جمال خاشقجي، وكذلك ولي العهد محمد بن سلمان. لكنهم بحسب مقال الكاتب في "الإندبندنت"، الذي ترجمه موقع "عربي21"، قد يدفعون الثمن.
ويضيف الكاتب أن السعودية بالنسبة للولايات المتحدة هي "النور" ضد رؤية إيران المظلمة، حسب كلام وزير الخارجية السعودي الذي بدا فاضحًا في كلامه أكثر من المعهود.
وقال فيسك: "نقوم جميعًا، يا للحسرة، بارتكاب الخطأ القديم في الشرق الأوسط، والتفكير بأن الرجال الأشرار سيُطاحون أو يعاقبون على جرائمهم وعدوانهم، وأن الرجال الأخيار (أيًّا كانوا) سينتصرون".
ويرى فيسك أن جمال خاشقجي كان ضحية جريمة قتل شنيعة جدًا. ولكن في الشرق الأوسط الطائفي يجب أن ينتصر السنّة على الشيعة، والسعوديون لديهم المال، ولهذا صدق الرئيس الأمريكي "المجنون"، مع أن كلمة "مجنون" لم تعد ذات قيمة عند وصفه، صدق حين قال على لسان السعوديين إن خاشقجي هو "عدو الوطن"، وعضو في جماعة الإخوان المسلمين، حتى لو كان مقتله "مرعبًا" و"جريمة رهيبة". وأعلن زعيم العالم الحر هذا الأسبوع، أن ابن سلمان كان على علم بالجريمة؛ إذ قال: "ربما كان يعرف أو لا يعرف" بالقتل. ويقول إن القصة صارت تشبه طقطقة الفرس القديم الذي يعدو وراء دب. ومن هنا كانت هناك مأساة محتومة وراء ظهور عادل الجبير الأخير بصفته وزير الخارجية السعودي في البحرين، التي تحكمها أقلية سنيّة وافتتحت فيها بريطانيا قاعدة عسكرية إلى جانب الأسطول الخامس الأمريكي. ووصف الجبير الإعلام وزملاء خاشقجي الذين غطوا مقتله بطريقة "هستيرية"، وكان مثل من يريد أن يعيد الفيلم للوراء، إلى أصل الحكاية وهي البراءة من دمه.
وعندما أعلنت المملكة أن لا دور لها في قتله، وأنه بالتأكيد خرج من القنصلية السعودية في إسطنبول. في ذلك الوقت، قال السعوديون إنهم لا يعرفون ماذا حدث له. هذا "بالتأكيد هستيريا" كما يعلق فيسك. فكيف يتجرأ الإعلام على القول إن خاشقجي قتل وقطع إلى قطع، ولكن أين الجثة؟ فإذا كانت هناك جريمة قتل يجب أن تكون هناك جثة. وهنا علينا العودة ولو لفترة وجيزة إلى إسطنبول، وإلى أردوغان الذي يصفه بالسلطان، الذي لم يحمّل الملك الكهل سلمان المسؤولية؛ والذي كان يملك تسجيلًا آخر عن الجريمة وأرسله إلى المخابرات العالمية. في وقت يتردد فيه القادة السياسيون مثل ترامب في الاستماع إليه. فقد وصف ترامب الشريط بأنه "شريط معاناة" ورفض الاستماع إليه. وكذا رفض جاستن ترودو، رئيس وزراء كندا الاستماع إليه، مع أنه كان من الأجدى لو وضعوا على آذانهم مكبر صوت، فالاستماع لصحافي عربي يقول لقاتليه إنه يختنق، ربما كان رمزًا دقيقًا للديمقراطية العربية اليوم.
إلا أن أردوغان لديه خطة أخرى، وهنا يجب الانتقال قليلًا من الباب العالي إلى الجنوب في إدلب، حيث توقع الجميع حسبما قال ترامب وبريطانيا والاتحاد الأوروبي وأمنستي والعم كوبلي وغيرهم، إن الروس والسوريين/ النظام، سيدكون آخر معاقل جبهة النصرة وتنظيم الدولة وسكان إدلب. ويقول إن محافظة إدلب تحولت إلى "مكب" رمى فيه النظام السوري أعداءه، ولا مفر لهم سوى تركيا التي دخلوا منها إلى سوريا. ولأن أردوغان لا يريدهم، ولا يرى النظام السوري والروس داعيًا لحرب دموية أخرى، فالسؤال القائم هو: أين سيذهب هؤلاء المقاتلون الإسلاميون وعائلاتهم؟
والنتيجة التي يتوصل إليها ويدعو فيسك قراءه لفحصها على ضوء مجموعة من الأحداث، هي أن طريق هروبهم يجب أن يكون إلى الدول التي منحتهم المال والسلاح. "ونظرًا إلى أن أموالهم وأسلحتهم جاءت من الدول السنيّة في الخليج، ولأن عقيدتهم الوهابية مستلهمة من العقيدة نفسها التي تحكم المملكة السعودية اليوم، فأي مستقبل لهم ولرفاههم من الكثبان الرملية الواسعة؟ ألا يوجد مكان إنساني ومناسب لهم مثل هذا المكان يوفر لهم برامج (إعادة تعليم أفضل من كثبان الربع الخالي)؟".
ومن المؤكد سيوافق السعوديون الذين سيرحلون عن اليمن بأريحية، وسيقومون باستيعاب أكبر عدد منهم، ويخلصون الغرب من حرب جديدة على الإرهاب. وبهذه الطريقة سيحمون أنفسهم من شريط ثانٍ يبثه أردوغان، واكتشاف جثة الضحية أو أجزائها، التي يعرف أو لا يعرف محمد بن سلمان مصيرها.
ويعلق فيسك ساخرًا بالقول: علينا أن نقول الآن: "ربما كان يعرف وربما لم يعرف". ويجب على الروس الموافقة والأمريكيين كذلك. وبالتأكيد سيضحي السعوديون من أجلنا، ويستوعبون أكبر عدد ممكن من الجهاديين ويسجنونهم في سجون صحراوية داخل المملكة. ويضيف ساخرًا: ومعلوم أن أكثر أولئك الجهاديين، وخصوصًا الداعشيين منهم هم قتلة، ولكنهم سيلتزمون بقواعد السجن حين يعلمون أن سجانيهم أكثر خبرة منهم في قطع رؤوس المشبته ببيعهم المخدرات، وعلينا ألا ننسى تقطيع الجثث باستخدام منشار عظام.
ويتساءل، إن حدثت صفقة تتوقف فيها حرب اليمن التي ظلت مستمرة بسبب الدول التي ساعدت عليها. فيما تتوقف الحرب السورية بمباركة من فلاديمير بوتين. وأوفت السعودية بوعدها لترامب بشراء سلاح بقيمة 450 مليار دولار وليس 110 مليار دولار. وستذهب السعودية التي تنشر الضوء حسب عادل الجبير في حرب مع إيران التي تنشر الظلام والطائفية في المنطقة؟
وختم بالقول: إن خاشقجي كانت لديه بالتأكيد رؤية عندما وضعوا الكيس البلاستيكي فوق رأسه في القنصلية الشهر الماضي. إلا أن الحكايات في الشرق الأوسط عادة ما لا تنتهي بانتصار الأخيار على الأشرار، ويجب شن حرب ضد إيران وضد الشيعة، وسيكون نتنياهو، رئيس الوزراء الإسرائيلي، راضيًا عن "تحالفه السري" مع السعوديين. أما ولي العهد السعودي، على خلاف خاشقجي، فسيحصل على حياة طويلة ودفن كريم، ومن الأفضل وهو قطعة واحدة. انتهى/خ.
اضف تعليق