داعش يسيطر على معظم الحقول النفطية في سورية إذ يعد النفط أحد أكبر مصادر الدخل للتنظيم الإرهابي. وهنا سنظهر رحلة برميل النفط منذ استخراجه انتهاء إلى وصوله للمستخدم لنرى كيف يعمل النظام الإنتاجي لداعش الذي يجني منه جزء من تمويله، ولماذا يعد استهدافه أحد أكبر التحديات للغارات الجوية. من أين يستخرج النفط..؟
تعد محافظة دير الزور المنطقة الرئيسية المنتجة للنفط لداعش حيث بلغ إنتاج مابين 34 إلى 40 ألف برميل في يوم الواحد في شهر تشرين الثاني، وفقاً للسكان المحليين، وقد انخفض الإنتاج بعد استهداف الغارات الروسية والتحالف لعدة منشآت نفطية، كما يسيطر داعش على حقل القيارة النفطي قرب الموصل شمال العراق التي ينتج حوالي 8000 برميل يوميا من النفط الثقيل و الذي غالباً ما يستخدم محلياً لصناعة الإسفلت.
وبحسب تقرير موقع عربي بريس، من الصعب تحديد رقم للإنتاج النفطي للمناطق التي يسيطر عليها داعش إلا أن معدلات الإنتاج انخفضت في الحقول السورية منذ سيطرة المسلحين عليها، فمعظم الحقول قديمة ولا يملك التنظيم التكنولوجيا و المعدات اللازمة للحفاظ عليها.
وبعد بدء الغارات الجوية انخفض الإنتاج بنسبة 30 بالمئة في هذا الشهر في العمر والتنك الذين يعدا من أكثر الحقول المنتجة للتنظيم، كما أن سعر النفط يعتمد على نوعيته، فبعض الحقول يبلغ فيها سعر البرميل 25 دولار أمريكي للبرميل الواحد، في حين أن حقولاً مثل العمر الذي يعد من أكبر الحقول في سورية، يبلغ فيها سعر البرميل الواحد 45 دولار أمريكي، وقد قدرت أرباح داعش من النفط بـ 1.1 مليون دولار في اليوم.
بيع النفط الخام
يبيع التنظيم معظم نفطه الخام مباشرة إلى تجار مستقلين في حقول النفط، وفي نظام دقيق للغاية يذهب المشترون مباشرة إلى حقول النفط بصهاريجهم لشراء النفط الخام، وهناك ينتظرون لمدة قد تصل إلى أسابيع بسبب ازدحام الشاحنات الذي يمتد لأميال عدة خارج الحقول، ولكن منذ أن اشتدت الضربات الجوية ضد المركبات التي تنقل النفط عَمِل التنظيم على تغيير آلية عمله، إذ أصبح سائقي الشاحنات يسجلون طلبهم خارج الحقل ويحصلون على رقم دورهم ومن ثم يحدد لهم وقت آخر للتعبئة وذلك لتجنب زحام الشاحنات التي تصبح هدف واضح للضربات الجوية.
مصافي النفط
يوجد خيارات عدة للتجار بعد أن يقلّوا شحناتهم:
معظم التجار يفضلون بيع النفط على الفور وقبض الثمن منذ تواجدهم في الحقول، إذ يتوقعون تحقيق ربح لا يقل على ثلاث آلاف ليرة سوري أي حوالي 10 دولار للبرميل.
وقال التجار في محافظة دير الزور أن الضربات الجوية للتحالف لم تستهدف شاحناتهم بالقدر الذي ادّعته، إلا أن استهداف روسيا لهم كان أعنف، وعلى الرغم من عدم استهدافها للآبار إلا أنها عرقلت الجهود للاستخراج منها.
ويقع الجزء الأكبر من مصافي النفط تحت سيطرة داعش وتنتج المصافي البترول والمازوت وتتم عملية التكرير من قبل السكان المحليين الذين أقاموا مصافي بدائية بعد أن دمرت منشآت داعش المتنقلة حيث يجري المالكين صفقات شراء مع المسلحين.
نقل الوقود إلى السوق
وفور تكرير النفط، يجري شراء النفط من قبل تجار أو أخذه من قبل المتعاملين إلى أسواق في سوريا والعراق، وهنا تكون داعش خارج عملية التجارة تماماً، إذ يرسل نصف المنتج إلى العراق والنصف الآخر يستهلك في سوريا في مناطق داعش والمسلحين من المعارضة حيث يوجد أسواق قرب المصافي، ويوجد في معظم البلدات أسواق صغيرة لبيع وشراء النفط.
أسواق داعش
يوجد أسواق كبيرة في المناطق التي تقع تحت سيطرة داعش مثل المنبج والباب في الريف الشرقي لحلب. وهناك يلزم التجار بابراز وثيقة تثبت أنهم دفعوا الزكاة وضريبة العشر ليتمكنوا من شراء النفط دون ضرائب، أما التجار من مناطق المعارضة المسلحة الذين لم يدفعوا ضريبة العشر يفرض عليهم دفع 200 ليرة سوري للبرميل.
الموصل
في الموصل يباع النفط في محطات البنزين صغيرة بمضختين توضع في زوايا شوارع الموصل وعادة ما يسمي المحليون النفط باسم المنطقة التي جاء منها النفط، وهذا يساعد في تحديد نوعية النفط ومقارنة الأسعار.
أسواق "المعارضة المسلحة"
يباع نوعين من الوقود في المناطق التي تسيطر عليها المعارضة المسلحة في سوريا:
وقود مكرر في مناطق داعش ويكون أغلى ثمناً، ووقود مكرر محلياً ويكون أرخص، وعادة ما يقوم السكان بشراء النوعين، فيستخدمون الرخيص للمولدات والأجود للسيارات، ولكن منذ بدء الغارات الجوية تضاعف سعر المازوت والبنزين في مناطق المعارضة المسلحة وغدا سعر الطعام أعلى بسبب غلاء أجور النقل.
تهريب النفط
ومع سعي داعش لجني إرباحه من النفط، عمل تنظيم داعش على تهريب النفط إلى الدول المجاورة، إلا أن مهربين سوريين قالوا أن وتيرة التهريب انخفضت في الأشهر الأخيرة ليس بسبب المراقبة الشديدة للحدود لكن لأن الانخفاض الحاد في أسعار النفط جعل العملية غير مربحة. لكن بعض المهربين مازالوا مصرين على الاستمرار بتجارتهم.
معظم عمليات التهريب في الطرف السورية تتم في المناطق التي تستولي عليها المعارضة المسلحة في شمال غرب البلاد، حيث يشتري المحليون الوقود من الأسواق ويعبئونها في "غالونات" وينقلونها عبر الحدود على الأقدام في المناطق الجبلية أو على أظهر الحمير والأحصنة.
وفي العراق، منع الجزء الأكبر من عمليات التهريب عبر منطقة كردستان الشمالية، لذلك يقول سكان محليون أن طرق التهريب أصبحت تذهب جنوبا عبر محافظة الانبار نحو الأردن.
القوارب
عندما كانت أسعار النفط عالية، كان المهربون يحمِّلون غالونات سعتها 50-60 ليتر من النفط في أحوض معدنية أو قوارب صغيرة ونقلها بواسطة الحبال بين ضفتي النهر إلى تركيا. وعلى الضفة الثانية تأتي جرارات لنقل المؤن إلى سوق محلي.
المضخات
بعض المدن السورية والتركية على الحدود قامت بدفن أنابيب مطاطية صغيرة مؤقتة لنقل النفط تحت الحدود.
على الأقدام
كانت نقطة العبور الأكثر استخداماً للمهربين الذين يحملون غالونات الوقود على ظهورهم من خربة الجوز إلى تركيا، ومن الصعب السيطرة على هذا النوع من التهريب.
اضف تعليق