لم ينتظر بنيامين نتنياهو، بزوغ فجر الأربعاء العاشر من أبريل (نيسان) وظهور النتائج شبه النهائية للانتخابات البرلمانية، ليتأكد من أنه رئيس الحكومة المقبل للكيان المحتل، وكان يكفي له أن يدرك من خلال نتائج صناديق العينات للقنوات التلفزيونية الثلاث، أنه الوحيد القادر على تشكيل الحكومة المقبلة، بعدما حسمت هذه النتائج بأن كتل اليمين، تشكل أكثرية 65 مقعداً من أصل 120 في الكنيست.
وقبل أن يطلق خطاب نصره كان قد بدأ اتصالات أولية مع أحزاب اليمين لمفاوضتها على دخول ائتلاف لتشكيل الحكومة، ولقي تجاوباً من الجميع، فتوجه إلى تل أبيب ليعتلي منصة احتفالات حزبه الليكود، معلناً أن حكومته الخامسة ستكون الأقوى بتركيبة الائتلاف، من حكوماته الأربع الأخيرة.
ليلة انتصار
ووسط تشجيع غير منقطع من مؤيديه احتضن زوجته سارة قائلاً "قبل 23 عاماً، كانت المرة الأولى التي وقفت فيها أنا وسارة هنا. ونعود إلى الوقوف هنا مرة أخرى بفضلكم ومن أجلكم. هذه ليلة انتصار عظيم. أقول لكم من أعماق قلبي إن مهمة عظيمة ترشدنا، مهمة عظيمة ترشدني، أنا أعمل ليل نهار باسمكم، من أجلكم، من أجل دولتنا، من أجل شعبنا ومن أجل بلدنا". وواصل نتنياهو كلمته وسط هتافات مؤيديه المعادية للمستشار القضائي للحكومة، الذي أعلن تقديم لائحة اتهام ضده. وعلى الرغم من التقديرات بأن الفترة المقبلة لن تكون سهلة على نتنياهو، بسبب لائحة الاتهام، إلا أنه نجح في تجاهل الأمر مركزاً على أنه الزعيم الوحيد القادر على جعل إسرائيل الأقوى بين دول العالم.
وقال نتنياهو "سيواصل معسكر اليمين بقيادة الليكود قيادة دولة إسرائيل في السنوات الأربع المقبلة، وسنواصل نقل دولة إسرائيل إلى آفاق جديدة. أؤمن أن الرب والتاريخ أعطيا لشعب إسرائيل فرصة أخرى، فرصة ذهبية لتحويل دولتنا إلى أمة قوية جداً بين دول العالم، وهذا ما أعمل من أجله. دولة قوية، دولة من الجيد والآمن العيش فيها، لنا وللأجيال المقبلة ولأبدية إسرائيل".
أما منافسه الجنرال بيني غانتس، رئيس حزب أزرق أبيض، فأعلن نصره بهدوء، على الرغم من أن جميع نتائج الصناديق التي أفرزتها القنوات الثلاث منحته أكثرية على نتنياهو، لكنه أدرك أن مهمة تشكيل الحكومة صعبة جداً عليه، إزاء أقلية الأحزاب التي ستنضم لمثل هذا الائتلاف، فمن دون النواب العرب لا يتجاوز عدد هذه الكتل 45 نائباً، والعرب، الذين حصلوا على 10 مقاعد، ومتوقع خسارة واحدة بعد الفرز النهائي، لا يدخلون بائتلاف أية حكومة إسرائيلية، يسارية كانت أو من اليمين.
كلمة غانتس كانت متواضعة، ولقد اعتبر النتائج التي أعلنتها القنوات التلفزيونية تصنع "يوماً تاريخياً لإسرائيل وتشكل نوراً ساطعاً"، ووسط أمل مؤيديه في أن يكون الرئيس المقبل توجه إليهم بتفاؤل خجول فقال "نريد أن نشكر بنيامين نتنياهو على خدمته، الحزب الكبير هو الذي يجب أن يحصل على تفويض من الرئيس، لقد اختار شعبنا ومجتمعنا التواصل والهرب من الانقسام. لقد اخترتموني، اخترتم الشركاء في التعاون. نريد أن نشكر بنيامين نتنياهو على خدمته للدولة".
وكان اللافت عدم الحديث من قبل أي من جنرالات حزبه ولا حتى شريكه في القائمة يائير لبيد، فجميعهم يدركون أنه لن يتمكن زعيمهم من تشكيل الحكومة، حتى وإن بقي محافظاً على تفوقه على نتنياهو.
مفتاح الحكومة المقبلة إعادة قانون الحصانة
واستقبل زعماء أحزاب اليمين النتيجة بالتهليل لنتنياهو ولدعمهم المطلق له، من أجل تشكيل حكومة يمين قوية.
رئيس الاتحاد القومي، بتسلئيل سموطريتش، الذي يعتبر الأكثر تطرفاً لم يتحدث عن فوز حزبه بل عن حكومة اليمين المقبلة وزيادة قوة كتل اليمين ودعا إلى إعادة قانون الحصانة، وقال سموطريتش "لقد فازت الكتلة اليمينية، وسيجري تشكيل حكومة يمينية ستعمل أربع سنوات كاملة. المفتاح هو إعادة قانون الحصانة إلى ما كان عليه حتى العام 2005، وبالتالي بث الثقة لجميع الشركاء بأن هذه الحكومة ستقضي أيامها وستعمل لصالح إسرائيل"، وأضاف "لقد وعد رئيس الوزراء قبل يومين بتطبيق السيادة على الضفة، ويجب تنفيذ هذا الوعد".
وفقاً لقانون الحصانة، الذي يقترح سموطريتش إعادته إلى سابق عهده، يجري منح أعضاء الكنيست الحصانة التلقائية لمنع محاكمتهم الجنائية، ومن أجل إزالة الحصانة، ستكون هناك حاجة إلى أغلبية الكنيست، في العام 2005، جرى رفع الحصانة الفورية، ويمكن أعضاء الكنيست الذين قُدمت ضدهم لائحة اتهام أن يطلبوا من الكنيست منحهم الحصانة.
انتخابات شخصية وديمقراطية الحزب الواحد
اختلف الخبراء السياسيون في إسرائيل حول تقييم هذه الانتخابات وخلفية تفوق نتنياهو، على الرغم مما كشفته ملفات الفساد المقدمة ضده، وتناول كل منهم الموضوع بتأثير التوجه السياسي له.
تسفي برئيل رأى أن هذه انتخابات شخصية تركزت حول شخص اسمه بنيامين نتنياهو، وبرأيه فإن معضلة غالبية الناخبين لم تكن هل نصوت لليسار أم لليمين، مع الانسحاب أو ضده، مع الحفاظ على حقوق الأقليات أو استمرار تحطيمها، وأيضاً ليس على نظرية الاقتصاد التي يجب أن توجه الحكومة، ذلك كان اختيار بين استمرار ولاية شخص مخالف للقانون تنتظره لائحة اتهام، وبين شخص يحب الملذات، بخيل ومريض بالكذب، جعل أبناء عائلته ملوكاً على الدولة، أو السماح لعدد من رؤساء الأركان عديمي التجربة السياسية من دون نظرية قيمية منظمة، نوع من جمع قطع غيار تم جمعها من هنا وهناك من أجل إسقاط حكم الشخص الوحيد، نتنياهو".
ووصف برئيل هذه الانتخابات بغير العقلانية بالنسبة إلى الجمهور وقال "لم تسمح هذه الانتخابات لأغلبية الناخبين بالخروج مطمئنين بعد تصويتهم. الانتخاب الإيديولوجي كان ترفاً، وفقط من أيّد الأحزاب الهامشية، من اليسار واليمين، كان يمكنهم السماح به لأنفسهم. نوع من جائزة الترضية على الضعف السياسي. هذه انتخابات شخصية. تركزت حول شخص واحد، ضده أو معه.
وحددت مسبقاً أن الهزيمة أو الانتصار، سيعتبران حسب مكانة نتنياهو فيهما. الضجة الأخرى كانت في صهر الأفكار السياسية إلى شيء متوسط غامض لا يشير إلى طريق أو أفق. صحيح أن نتنياهو وعد بضم أجزاء من الضفة، بما في ذلك مستوطنات معزولة، لكن حتى من يشجعونه يعرفون أن الأقوال قبل الانتخابات ليست مثل السياسة التي تأتي بعدها. لو أن نتنياهو كان يرغب في ضم المستوطنات لكان يمكنه تحقيق حلم اليمين هذا في ولاياته السابقة".
"عمل أحادي الجانب"
أما بالنسبة إلى غانتس، فرأى برئيل أنه هو الآخر لم يكن واضحاً للجمهور فلا أحد يعرف ماذا قصد غانتس عندما تحدث عن "عمل أحادي الجانب"، ما هي المفاوضات التي ينوي إجراءها مع الفلسطينيين وإلى أين سيصل تعديل قانون القومية الذي وعد به الدروز. هذه المرة حتى التظاهر الشكلي كان غير موجود. الحزبان الكبيران منحا بفخر الخاتم الرسمي للإجماع العنصري الذي يعتبر العرب أعداء".
وتابع "إذا كانت في السابق اكتفت أحزاب الوسط اليهودية بتحليل يقول إن العرب هم فقط مجذومون، هذه المرة جرى رفعهم إلى مستوى الوباء الأسود الذي سيتسبب بتعفنها، وبعد ذلك إلى موت دولة القومية للشعب اليهودي. حقوق الفرد للعرب، العباءة نفسها المثقوبة التي تغطي عورة الدولة والمجتمع اليهودي، تم استبدالها بدرع لا يمكن اختراقها. مفهوم المواطنة أصبح فارغاً من المضمون، وبدلاً منه حصلنا على نظام النبلاء اليهود. له، فقط له، يتم إعطاء المملكة. غانتس أو بيبي، لبيد أو غباي، هذا لم يعد يهم. طالما أن الأمر يتعلق بتشخيص العدو فإنه يوجد بينهم اتفاق كامل.
الاراء الواردة اعلاه لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع.
اضف تعليق