يرى باحثون كويتيون أن انهيار سد الموصل، الواقع في مدينة الموصل، 465 كم شمال العاصمة العراقية بغداد، يصل ضرره إلى الكويت في حال انهياره، حيث تحدث عنه كثير من المختصين، بينهم أمريكيون مطلعون على السد والأضرار التي يعانيها.
المخاوف الكويتية يثيرها ارتباط سد الموصل بنهر دجلة، الذي سيكون مجرى المياه المتدفقة من السد في حال انهياره، ويصب في نهاية المطاف في بحر الخليج العربي شمال الكويت، وتلك المياه ستجرف بطريقها الكثير من الملوثات، ومنها مواد مشبعة بالسموم الكيماوية، لتحط رحالها نهاية الأمر في السواحل الكويتية.
وفي هذا الصدد حذر الأستاذ في هندسة السواحل والمحيطات بجامعة الكويت، محمد الخالدي، من التداعيات البيئية الخطرة التي قد تواجه البلاد في حال تعرض سد الموصل العراقي للانهيار.
وأكد الخالدي بحسب ما نقلت عنه صحيفة "القبس"، أن مياه السد بكمياتها الهائلة ستجرف بطريقها ملوثات خطرة، ستصب كلها في مياه الخليج العربي شمال الكويت.
وبين أن أبرز الملوثات المحتملة تشمل تربة ملوثة بمواد خطرة ناتجة عن الحروب، ومواد كيماوية ومشعة استخدمت خلال التسعينات، يضاف إلى ذلك ملوثات الأهوار المجففة والانسكابات النفطية.
ولفت الخالدي إلى أن الملوثات المذكورة آنفاً ستحدث ضرراً بالغاً على البيئة الحيوية لجون (خليج) الكويت، حيث ستتضاعف الملوثات المترسبة؛ نتيجة حركة دورة المياه البطيئة جداً في الجون، ومن ثم وقوع آثار سلبية على الكائنات البحرية وصحة الإنسان.
وأضاف الأستاذ في هندسة السواحل والمحيطات أن مشكلة الجهات المعنية بالبيئة في البلاد تكمن في غياب التنسيق والتعاون لرصد الكوارث قبل حدوثها، وعمل تقييم ومتابعة للوضع البيئي، ما يجعل الرؤية بالنسبة لمتخذي القرار غير واضحة، ويصعب عليهم اتخاذ القرارات المناسبة في الوقت المناسب.
وطالب الخالدي بضرورة اتخاذ التدابير والإجراءات الوقائية للتنبؤ بالكوارث قبل وقوعها؛ من خلال تثبيت أجهزة دائمة لقياس جودة المياه، وأخذ عينات دورية من التربة كخطوات احترازية للطوارئ، وعدم الانتظار حتى وقوع الكارثة، موضحاً أنه "قد لا تتمكن الجهات المعنية في العراق من منع انهيار السد، لكن يمكننا في الكويت التقليل من مخاطر انهياره؛ من خلال تشكيل مركز للأزمات البيئية، يجمع كل الجهات الحكومية والأهلية والخاصة، واتخاذ الإجراءات اللازمة".
وكانت تقارير غربية وعراقية كشفت في أوقات سابقة عن مخاطر كبيرة تهدد بغرق مساحات واسعة من العراق، الجار الشمالي للكويت؛ بسبب توقعات بحصول انهيار في سد الموصل، أكبر سد في العراق، ورابع أكبر سد في الشرق الأوسط.
وشيد السد الذي يقع على نهر دجلة عام 1983، ويبلغ طوله 3.2 كم، وارتفاعه 131 متراً، وتبين فيما بعد أن السد بني على تربة ذات طبيعة غير قادرة على التحمل، لذا وجب حقن خرسانات السد بشكل دوري لضمان عدم انهياره، وقد بدأت هذه العملية في منتصف الثمانينات.
بعد غزو العراق في 2003 تبين أن السد مهدد بالانهيار؛ بسبب عدم تدعيم خرساناته، وفي حال انهياره فإنه سيؤدي إلى غمر مدينة الموصل، وقتل ما يقارب المليون نسمة من سكان مدينة الموصل، إضافة إلى تدمير القرى المجاورة لمجرى النهر، وصولاً إلى بغداد، وحتى البصرة في جنوب العراق.
وكان الرئيس الأمريكي باراك أوباما، بحسب ما نقلت وسائل إعلام أمريكية، عبر عن قلقه من انهيار السد، وأنه تحادث مع رئيس الوزراء العراقي، حيدر العبادي، حول الموضوع، بداية العام الحالي، وهو ما أكده المتحدث باسم التحالف الدولي الذي تقوده واشنطن، ستيف وارن، في مقابلة تلفزيونية، بقوله: "نحن قلقون جداً حول سد الموصل وصيانته، والسفارة الأمريكية في بغداد تحدثت عن هذا الموضوع".
وبفعل الحروب المختلفة التي مر بها العراق منذ أكثر من ثلاثة عقود، أصبحت أغلب مدن العراق ملوثة، والعديد منها تعاني تربتها من مواد سمية كيماوية، يقول الخبراء إنها ستنجرف في حال حصول فيضان إلى النقطة الأقل انخفاضاً، ما يعني أنها ستصب في مصب نهر دجلة، وهو بحر الخليج العربي.
يذكر أن المسافة الفاصلة بين الكويت ومدينة الموصل أكثر من 880 كم، لكن طبيعة الأرض الممتدة من الشمال حيث الموصل، إلى الجنوب حيث الكويت؛ منحدرة بشكل يسرع من جريان المياه، وهو ما يزيد المخاوف من ارتفاع الأضرار على المدن والأراضي الممتدة على مجرى نهر دجلة.
اضف تعليق