قالت مصادر دبلوماسية مصرية إن اتصالات جرت خلال الأسبوع الأخير من مارس/ آذار الماضي، بين مسؤولين أمنيين من مصر وإيران، تناولت إمكانية التطوير التدريجي للعلاقات الثنائية بين البلدين خلال الفترة المقبلة.
وبحسب تلك المصادر، فإن الاتصالات الأخيرة جاءت بعد نحو شهرين من توقف اتصالات جرت على مستوى استخباري بين البلدين، بشأن تنسيق بعض المواقف الإقليمية، لمنع أي صدام بينهما في ملفات المنطقة التي تتقاطع فيها مصالح البلدين.
وبحسب أحد المصادر، الذي تحدث لموقع "العربي الجديد" القطري طالباً عدم ذكر اسمه، فإن الاتصالات الأخيرة، والتي جاءت في أعقاب الإعلان عن الاتفاق السعودي الإيراني، كانت تنتظر الوقت المناسب، لترجمة الرغبة في تطوير العلاقات من جانب البلدين، إلى اتفاقات.
ولفت إلى أنه لا توجد نية في الوقت الراهن من جانب المسؤولين في القاهرة في الإعلان عن خطوة كبيرة لاستعادة العلاقات، معتبراً أن الوقت لا يزال مبكراً للحديث عن رفع مستوى التمثيل الدبلوماسي بين البلدين إلى درجة سفير.
من جانبه، أوضح مصدر آخر على اطلاع بالمساعي في الجانبين، أن ملف توسيع العلاقات مع إيران من الجانب المصري، مطروح على طاولة الدراسة داخل جهاز المخابرات العامة، المعني الأول بهذا الملف في القاهرة. ولفت إلى أن"الفيتو" الخليجي، وبالتحديد السعودي، الذي كان متوقعاً، كان دائماً ما يمنع أي تقدم في هذا الملف، بحد تعبير المصدر.
ومنتصف الشهر الماضي، أعلنت وزارة السياحة والآثار المصرية منح تسهيلات وتأشيرات دخول للسياح الإيرانيين القادمين إلى مصر، ضمن 8 جنسيات أخرى، في إطار امتيازات التأشيرات التي تقدمها الدولة لتشجيع السياحة.
في الوقت ذاته، كشف دبلوماسي مصري، أن مسألة ترتيب لقاء بين وزيري خارجية مصر سامح شكري، وإيران حسين أمير عبد اللهيان، خلال الفترة المقبلة، أمر ليس مستبعداً، قائلاً إن "تلك الخطوة محل دراسة في الوقت الراهن لبحث مدى فائدتها، وما سيترتب عليها من ردود أفعال إقليمية، وكذلك لاستطلاع مواقف الحلفاء بشأنها".
وأوضح الدبلوماسي المصري أن القاهرة تخففت في الفترة الراهنة من أثقال الخلافات الإيرانية الخليجية، بعد الاتفاق السعودي الإيراني.
وأضاف أن هامش الحركة بات متسعاً أمام مصر، التي تحاول دعم اقتصادها، في الوقت الذي كانت طهران عرضت في أكثر من مناسبة، توسيع حجم التعاون الاقتصادي بين البلدين، وضخ استثمارات إيرانية في السوق المصري.
وأشار، في الوقت ذاته، إلى أن معادلة العلاقات المصرية الإيرانية، لا تتوقف فقط على الخليج، ولكن أيضاً تشمل إسرائيل، مؤكداً أن مصر تأخذ في الحسبان العلاقات بين القاهرة وتل أبيب، عند الحديث عن العلاقات المصرية الإيرانية.
وبالعودة للاتصالات الأخيرة بين مسؤولي البلدين، أكد الدبلوماسي المصري أنها تناولت ملف الأمن في البحر الأحمر، مؤكداً أن هذا الملف حاضر دائماً في كافة الاتصالات غير المعلنة التي جرت طوال الفترة الماضية، لما يمثله من أهمية للقاهرة.
يذكر أن مساعد الرئيس الإيراني علي سلاجقة، كان قد زار مصر، في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، حيث قاد الوفد الإيراني المشارك في قمة المناخ وقتها التي استقبلتها مدينة شرم الشيخ، وذلك قبل أن يجري لقاءات رفيعة المستوى في القاهرة، ويقوم بجولة بمسجد الحسين، وسط حراسة أمنية مشددة من الجانب المصري.
وقال مساعد وزير الخارجية الأسبق السفير رخا أحمد حسن إن "هناك حالة من الانفراج العام في العلاقات مع إيران تجري في المنطقة. هناك تغير ملحوظ سيكون له تأثيره، بل بعض التأثير بدأ في الظهور بالفعل في تحسين العلاقات السعودية الإيرانية، وانعكاسات ذلك على الأزمة اليمنية، وآخرها صفقات تبادل الأسرى، وبينهم أسماء بارزة من التابعين للحكومة الشرعية".
وأضاف حسن، عضو المجلس المصري للشؤون الخارجية، أنه "حدث تفاهم بين مصر وإيران في الفترات الأخيرة حول القضايا الأساسية، مثل التوترات بينهم ودول الخليج، والتدخل في الشؤون الداخلية لدول المنطقة، فضلًا عن تسمية شارع في إيران على اسم أحد قتلة الرئيس المصري الراحل محمد أنور السادات".
وأشار إلى أنه "بالفعل هناك تواصل بين الدولتين منذ مدة، وأي تقارب فعلي أو عملي، لا بد أن يعلن خلاله استعادة العلاقات الدبلوماسية بين البلدين، وعودة العلاقات بشكل طبيعي، وهناك مؤشرات أيضاً لتلك التفاهمات، من بينها تسهيل دخول الإيرانيين لمصر، وسهولة الحصول على التأشيرات السياحية، سواء بغرض السياحة الدينية أو الترفيهية أو غيرها".
وقال إنه "من غير المستبعد، حدوث تطور سريع في العلاقات المصرية الإيرانية، وأن يحدث لقاء قريب بين شكري وعبد اللهيان".
وتابع: "لا يمكن إغفال دور الحرب الروسية الأوكرانية وتداعياتها على دول العالم، وعلى دول الشرق الأوسط تحديداً، في حدوث انفراجة في العلاقات بين دول المنطقة، خصوصاً وأن دول الإقليم اتضح لها أن الدول الكبرى، كالولايات المتحدة والدول الأوروبية، لم تعد معنية بقضايا المنطقة، وتركت المنطقة بمشاكلها دون أي مساهمة في الحل، لعقد من الزمن".
وأشار حسن إلى أن "هناك عاملاً آخر، يتعلق بتغير موازين القوى في العالم، وإعادة صياغة شكل العلاقات بين الدول تبعاً للمعطيات الجديدة. ولعل القمة الأخيرة ومخرجاتها بين الصين وروسيا خير دليل على ذلك، فهناك انتقالة وتحولات دولية تتطلب من دول المنطقة مسايرتها، كي تتمكن من حل مشكلاتها".
وتابع: "أيضاً، التقاعس الأميركي عن تقديم أي مساعدة أو مساهمة في حل مشكلات المنطقة، على مدار 3 إدارات أميركية مختلفة، خصوصاً في القضية الفلسطينية، والأزمة السورية واليمنية، دفع الدول العربية إلى عقد تحالفات جديدة، وإلى الانفراجة في العلاقات، سعياً للحلول'.
اضف تعليق