تظهر البحوث الطبية أن الهرمونات والناقلات العصبية تعمل معاً لتسريع تنفسنا وجعل قلبنا يضخ الدم الغني بالأوكسجين بصورة أسرع إلى عضلاتنا وأعضائنا الحيوية، مما يجهز العضلات والدماغ لتنسيق الاستجابة للتهديد بسرعة.

نمر جميعاً في أوقات عصيبة نشعر خلالها بالخوف، أو قد يمضي بعضنا وقته في مشاهدة أفلام الرعب أو ممارسة هوايات خطرة تجعلنا نشعر بالخوف الشديد، لكن هل سمعتم يوماً أن الخوف يؤدي إلى إطلاق مواد كيماوية في الجسم والتسبب في عدد من الاستجابات الفسيولوجية التي تهدد صحتنا الجسدية والعقلية؟

والحال أن الخوف المفاجئ المتكرر يؤدي إلى إرهاق أجسادنا بصورة لا نتوقعها حقاً، لذا يجب على بعض الباحثين عن الإثارة توخي مزيد من الحذر.

ماذا يفعل الخوف بدماغنا وجسدنا؟

يعتبر الخوف من ردود الفعل الطبيعية التي تساعدنا على البقاء آمنين، ولن ننجو في كثير من المواقف إذا لم نشعر بالخوف، إذ تنبهنا هذه المشاعر وتساعدنا على الاستجابة للمواقف الخطرة تماماً كرد الفعل عندما تقترب منا السيارات أثناء السير في الشارع.

تبدأ استجابة الجسم للخوف دائماً في اللوزة الدماغية وهي جزء من الجهاز الحوفي في الدماغ الذي يعد بالغ الأهمية للتعرف إلى التهديدات ومعالجة المشاعر. وبعد أن تدرك اللوزة الدماغية التهديد ترسل إشارة استغاثة إلى مركز قيادة في الدماغ يُعرف باسم "الوطاء" الذي يخبر الجهاز العصبي والغدد الصماء بإطلاق الهرمونات والناقلات العصبية مثل الكورتيزول والدوبامين والنورادرينالين والأدرينالين.

وتظهر البحوث الطبية أن هذه الهرمونات والناقلات العصبية تعمل معاً لتسريع تنفسنا وجعل قلبنا يضخ الدم الغني بالأوكسجين بصورة أسرع إلى عضلاتنا وأعضائنا الحيوية، مما يجهز العضلات والدماغ لتنسيق الاستجابة للتهديد بسرعة.

وفي مثل هذه الحال تتقلص عضلاتنا وتتسع حدقاتنا حتى نتمكن من الرؤية بصورة أفضل ويزداد نشاط عقولنا حتى نتمكن من التركيز على التهديد فحسب، ويتحسن سمعنا لجعلنا أكثر حساسية للأصوات، كما تصبح العضلات بما فيها تلك الموجودة عند قاعدة كل شعرة أكثر تشدداً مما يتسبب في انتصاب الشعر، في ما يطلق عليه بالعامية اسم قشعريرة.

ويعمل إطلاق الأدرينالين على تقليل الألم عن طريق تثبيط مسارات الإشارة حتى نتمكن من الركض لمسافة أطول أو القتال بقوة أكبر مما قد نكون قادرين على تحمله عادة. وعلى رغم أن هرمونات التوتر تقوم بالدور الأكبر في هذه التغييرات، فإن الخوف يدفع الجسم أيضاً إلى إطلاق الدوبامين لزيادة اليقظة.

وعلى المستوى الأيضي ترتفع مستويات الغلوكوز في الدم، مما يوفر مخزوناً جاهزاً من الطاقة عند الحاجة إلى التحرك، وعلى نحو مماثل تزيد مستويات الكالسيوم وخلايا الدم البيضاء في مجرى الدم.

كيف يؤذي الجسم؟

عندما تُطلق هرمونات التوتر بصورة متكررة أو لفترات طويلة من الزمن فإنها يمكن أن تستنزف جسمنا، وتؤدي بالتالي إلى مشكلات صحية مثل ارتفاع ضغط الدم ومشكلات القلب والجهاز الهضمي واختلال تنظيم الجهاز المناعي لأن جسمنا يكون دائماً في وضع "تنبيه عالٍ.

ولأن الأدرينالين يتلف أنسجة القلب لدى بعض الأشخاص، فإن الأفراد الذين يعانون أمراض القلب هم الفئات المعرضة للخطر الأكبر من حالات الخوف، وينطبق الشيء نفسه على الأشخاص الذين يعانون آلام الظهر المزمنة، إذ إن الخوف المفاجئ يفاقم أعراض الانقباضات العضلية المفاجئة.

 

س ع


اضف تعليق