كثيرة هي الطقوس والتقاليد التي تتوارثها الأجيال في المجتمعات، وبعض تلك الطقوس يتداخل مع حياتنا اليومية وتصبح جزءاً من تصرفاتنا التي نقوم بها على نحو لا إرادي.
وفي أغلب الأحيان نقوم بتلك السلوكيات بلا أن ندرك الداعِي أو الخلفية والقصة التي جاءت منها. وعلى طريق المثال، في الكثير من المجتمعات يدق الأفراد بيدهم على الخشب خوفا من الحسد، فلماذا نقوم بذلك الفعل؟
في الواقع إن الدق على الخشب خوفاً من الحسد هو رد نقوم بها على نحو أتوماتيك في معظم الأحيان بالرغم من علمنا أنها أمر غير منطقي وغير متعلق بشيء من الواقع أو العلم، بل هي متعلقة كلياً بعاداتنا وتقاليدنا وذاكرتنا الشعبية التي تجعلنا نقوم بهذا دون تفكير، ولا بد من الدلالة الى أن ذلك التقليد شائع في كثير من مناطق العالم وليس في العالم العربى الإسلامي لاغير، فهو موروث شعبي دولي وهو واسع الانتشار.
أصل الدق أو النقر على الخشب هو النقر على الأشجار باعتبارها بيوتاً للجنيات وفق الحضارات القديمة، وهي عادة وثنية قديمة تؤمن بقدرة الجنيات على المعاونة في تطبيق أمر أو تعطيله، لهذا فإن النقر على الخشب متنوع العوامل.
فإما أن يكون هدفك من نقر الخشب هو إخافة الجنيات وهو ما كان يفعله القدمى في وقت التحدث عن أمر ينوون القيام به ويخشون من الجنيات أن تتدخل في إيقافها وعرقلتها، أو خوفاً من قيام الجنيات بحرمانهم الأمر الذي هم فرحون به ويملكونه، ومن المعتاد أن تكون طرقات قوية.
و يشاهد القلة الآخر أن القيام بعدد كثير ومتلاحق من الطرقات من الممكن أن يكون مفيداً كذلكً في طرد الجنيات من الموضع أو العثور على مصدر إزعاج حتى لا تتمكن من سماع ما نحن فرحون به أو نفكر بالقيام به فتخربه أو تمنعه أو تقوم بعكسه. .
أما القلة الآخر الذي يشاهد أن كيفية الإزعاج أو التخويف غير مفيد مع الجن،
فيقومون بنقر الخشب مرتين متتاليتين بكل أدب، الأولى تطلب من الجنيات تيسير قيامهم في أمر ما أو حفاظهم على ما يملكون والثانية باعتبار الحمد المسبق على هذا.
في بعض الثقافات الأخرى، فالدق على الخشب هو عبارة عن عادة تستخدم ليس لجذب الحظ أو المعاونة والخوف من الحسد، بل هي دعوة للحماية من الحظ السيئ،
الأمر الذي يجعلهم يدقون الخشب في حال حدوث أمر سيئ مثل سقوط أحدهم أو إضاعة المال وايضاً في حال الداء، فالبعض كان يشاهد أن الداء هو ما يصدر نتيجة لـ الأرواح الشريرة فكانوا يطرقون الخشب على نحو عنيف كجزء من وصفة العلاج التي تقدم للمرض
بهدف طرد تلك الأرواح. والمهم ذكرههنا، أن عادة دق الخشب ليست وحيدة في موروثنا الشعبي بل هناك الكثير من تلك الطقوس والتقاليد الخرافية وغير المنطقية مثل بخ الملح، أو الأرز في بعض الثقافات.
وبصرف النظر عن أننا في عصر العلم والتطور، سوى أننا نجد أنفسنا نميل إلى مثل تلك التقاليد الغريبة التي ندرك كلياً أنها خرافات، إلا أنفي بعض الأحيان تشعرنا بالإطمئنان.انتهى/ و
اضف تعليق