يشبه ما يسمى بـ"لغات الصفير"، التي ينطقها شعب اليوروبا والعديد من لغات ولهجات إفريقيا، أصوات الدلافين من حيث بنية طيفها الصوتي وغيرها من المواصفات.
وقد تساعد دراسة تلك اللغات واللهجات العلماء في حل شيفرة أصوات الدلافين. جاء ذلك في مقال نشره العلماء في مجلة Frontiers in Psychol.
وقالت، ديانا رايس البروفيسورة في جامعة نيويورك:" على الرغم من أن البشر والدلافين يطلقون أصواتا بشكل مختلف فإننا سنحاول بفضل دراسة بنية ومكونات "لغات الصفير" لبعض شعوب الأرض أن نفهم كيف تقوم الدلافين بتشفير المعلومات خلال التواصل".
يذكر أن الدلافين تعد إحدى أكثر الثدييات تطورا على وجه الأرض، وهي ليست أقل شأنا في مستوى التطور الذهني عند القرود.
وقد وجد العلماء في الأعوام الأخيرة الماضية أدلة وفيرة على أن الدلافين يمكن أن تتعرف على نفسها في المرآة، وتستخدم الأدوات، وتنقل مهاراتها إلى الأقارب، وتنسّق أعمالها وتواجه عواطف، ما كان سابقا سمة حصرية للبشر فقط.
واهتم علماء الأحياء على وجه الخصوص بكيفية تواصل الدلافين مع البعض. وأظهرت أرصاد علماء المحيطات أن الحيوانات تستخدم لهذا الغرض مجموعة من أصوات الصفير والنقر التي تنتشر جيدا في البيئة تحت الماء. وأن التعقيد الكبير لمجموعة من هذه الإشارات لا يجعل من الممكن حتى الآن فك تشفيرها حتى بمساعدة أنظمة الذكاء الاصطناعي.
واقترحت، رايس وزملاؤها استراتيجية بديلة خاصة بحل شيفرة الأصوات التي تطلقها الدلافين وذلك خلال دراسة بنية الكلام لدى بعض الشعوب الإفريقية وقبائل أخرى تنطق ما يسمى بـ "لغات الصفير".
وهناك نحو 80 لغة ولهجة من هذا النوع في العالم وبينها شعب اليوروبا، الذي يعيش ممثلوه في نيجيريا، بالإضافة إلى قبائل جابايا وموفو من الكاميرون، وقوميات نجوي وإيوي وتوي من مناطق إفريقيا الغربية، فضلا عن عشرات الشعوب المعزولة في شرق وجنوب شرق آسيا.
ولا يمكن لممثلي هذه الشعوب التواصل بمساعدة الكلام "العادي"، فحسب بل وبمساعدة مجموعة معقدة من أصوات الصفير التي تنتقل عبر مسافات طويلة، الأمر الذي يساعد ناطقي هذه اللغات، الذين يعيشون كقاعدة عامة في المناطق الجبلية والغابات الكثيفة، على تنسيق أعمالهم مع زملائهم من رجال القبائل أثناء الصيد أو في أوضاع أخرى من الحياة .
واتضح أن بنية طيف هذه الأصوات، بالإضافة إلى طولها وبعض الميزات الأخرى تشبه إلى حد بعيد، حسب رايس وزملائها، خصائص نقرات وصفارات الدلافين. وجعل هذا التشابه العلماء يحللون نتائج الدراسات والتجارب التي أجريت على أشكال بديلة مماثلة من اللغة.
كما اتضح، أنه لم تجرعلى مدى تاريخ البشرية دراسات علمية جادة حول بنية وتاريخ تطور هذا الشكل من التواصل (لغات الصفير)، على الرغم من أن عدد ناطقيها يتناقص بسرعة في أنحاء العالم أجمع. لهذا السبب، لا يمكن للعلماء حتى الآن تحديد الصوتيات والعناصر الأخرى التي تتكون منها لهجات الصفير.
لذلك، اقترحت، رايس وزملاؤها دراسة هذه اللغات واللهجات المهددة بالانقراض بالتفصيل، الأمر الذي سيساعد في الحفاظ على تنوعها، وفي نفس الوقت سيمنح علماء الأحياء فرصة لفك تشفير بنية لغة الدلافين، والتي تتكون من مجموعة مماثلة من الصوتيات.
المصدر: تاس
اضف تعليق