منوعات

انفاس محشورة بين الحديد والاسمنت.. قصص بتوقيع "الخوذ البيضاء"

هذه المواقف أصعب عليّ من الجرعات يلّي عم آخدها لأتعالج من السرطانز ر

تحت الأنقاض آلاف القصص، والذكريات التي دفنت في زلزال السادس من فبراير الماضي في الشمال السوري، لم يكن الضحايا فقط من رحلوا، بل من نجا حمل أيضاً نصيبه من الفقد والفزع، ولحظات من الترقب مرّت ثقيلة، على أمل أن يخرج حياً.

فوق الأنقاض، كان متطوعو الدفاع المدني السوري "الخوذ البيضاء"، ينبشون الأرض، أملاً في التقاط حيّ أو حمل جثمان. قصص من الكفاح لن تُنسى، رصدناها على صفحاتهم على "فيسبوك"، محمَّلة بآلام تجاوزت آلامهم، ورغبة في الحياة لإنقاذ مَن تبقى.

عمر شمّا... آلام المنكوبين أنسته أوجاع السرطان

نسي المتطوع عمر شمّا آلام السرطان الذي دهمه قبل 4 أشهر من وقوع الزلزال، ليخطو بقدميه فوق ركام منازل تحمل المئات من القصص والذكريات، باحثاً عن نبض للحياة تحت الأنقاض، قائلاً: "صرخات الأطفال والأصوات يلّي عم تطلع من الركام كانت كفيلة بأن تنسيني ألمي".

الأرواح التي اختنقت تحت الأنقاض، اختنقت معها أنفاس شمّا. يتذكر مشاهد الحزن في عيون أهالي الضحايا، ولحظات ترقبهم سماع أصوات ذويهم تحت الأنقاض ونداء أحدهم: "أنا عايش"، مضيفاً: "هذه المواقف أصعب عليّ من الجرعات يلّي عم آخدها لأتعالج من السرطان".

التحق شمّا بزملائه في ثالث أيام الزلزال الذي ضرب مدينة جنديرس بريف حلب الشمالي، فور عودته من العلاج من تركيا، واصفاً مشاهد الحزن بأنها كانت بأضعاف أضعاف الدمار.

رائد... "جنى" أمسكت يدي وضحكنا ثم ضاع حلمي

بكفّ تضع قفازاً يحمل علامات العمل الشاق بحثاً عن ناجين تحت ركام أحد مباني بلدة جنديرس شماليّ حلب، يقبض رائد المتطوع في الخوذ البيضاء على كفّ "جنى" الطفلة الصغيرة التي أنهكتها 37 ساعة تحت الأنقاض، وبكلمات مرهقة خاطبت رائد متعلقة بكفه: "كنت ناطرة حدا أمسك أيده وعطشانة".

يتذكر رائد الأحاديث التي دارت بينه وبين جنى تحت أنقاض أحد المباني المدمرة، قائلاً: "كنت كتير مبسوط أنها طلعت بخير، وبسيارة الإسعاف نحكي ونضحك حتى وصلتها المشفى، وبنفس الوقت زعلان كتير أن كل عيلتها ماتوا تحت الأنقاض"، معرباً عن صدمته عندما أخبره خالها أن "جنى" ماتت "نُسفت كل أحلامي بزيارتها بالمشفى مع بنتي شام، وكل الوعود يلي وعدتها وقت كنت عم أنقذها".

أيمن عبود... صوت الحياة كان أقوى من كل شيء

لم تكن أنفاس التراب التي ملأت وجوهم المتعبة شيئاً يذكر أمام صوت الحياة العائد من تحت الركام في مدينة أعزاز السورية، هكذا كانت حالة المتطوع أيمن عبود وفريق الخوذ البيضاء، خلال بحثهم عن ناجين في أول أيام الزلزال.

أصوات الاستغاثة للأهالي والصادرة من أحد المنازل المنهارة المكون من طابقين كانت تملأ الأرجاء، هكذا يتذكرها عبود، مشيراً إلى أنها لم تفارقه حتى الآن.

رغم إنقاذ عدة أشخاص في المبنى، غير أن صوتاً خافتاً من تحت الأنقاض ما زال عبود يذكره "كان الصوت لنفَس مرهَق تحت الأنقاض، كانت طفلة، أنقذناها وركضنا بها إلى المشفى. أنقذناها الحمد الله".

لن تفارق مشاهد هذا اليوم مخيلة عبود: "يوم كارثي بكل معنى الكلمة، يوم فيه ألم وأمل".

عبد اللطيف سليمان... ومات الطفل في حضن أخيه

المتطوع عبد اللطيف سليمان، يحمل في ذاكرته أحد مشاهد الحزن التي يصعب نسيانها، إذ انتشل فريق الإنقاذ 4 أطفال متوفين تحت أنقاض مدينة حارم غربيّ إدلب.

حمل سليمان طفلاً متوفىً، كان آخر عهده بالدنيا حضن أخيه، حيث فشلت محاولتهما للهرب من الزلزال إثر سقوط ركام المنزل عليهما عند مدخله، قائلاً: "المشهد كان محزناً جداً".

إيمان... الصدمة ستستمر لفترات طويلة

رغم ما عايشه السوريون خلال سنوات القصف والتهجير، غير أن ما عاصرته المتطوعة إيمان خلال عمليات إنقاذ المنكوبين من زلزال سورية يصعب نسيانه. "أصوات الناس يلي كانوا عالقين تحت الأنقاض لساتهن بمسمعي"، تقولها إيمان، مشيرة إلى حجم الدمار الذي لحق بالمنازل والذكريات التي دفنت تحت الركام ورفاقها في الدفاع المدني الذين فقدوا تحت الأنقاض، كلها أمور من الصعب نسيانها، وستظل صدمة الزلزال لفترات طويلة.

المصدر: العربي الجديد

 

اضف تعليق