في ظل التطور السريع في استخدام الأطفال للإنترنت ووسائل التواصل الاجتماعي، ‏أصدرت مجموعة العمل المعنية بصحة وسلامة الأطفال عبر الإنترنت في البيت ‏الأبيض تقريرًا جديدًا يسلط الضوء على خمس استراتيجيات أساسية يمكن للعائلات ‏اعتمادها لحماية أبنائهم في العالم الرقمي‎.‎

استراتيجيات لحماية الأطفال على الإنترنت‎

وضع خطة إعلامية عائلية‎:‎

ينصح التقرير بضرورة وضع خطة إعلامية عائلية، تهدف إلى تحديد التوقعات بين ‏الآباء والأبناء بخصوص استخدام الإنترنت. يتضمن ذلك توضيح الحدود والمبادئ ‏التوجيهية، ومناقشة المحتوى المناسب وغير المناسب للاستخدام‎.‎

نقاشات مفتوحة حول وسائل التواصل الاجتماعي‎:‎

يشدد التقرير على أهمية إبقاء الحوار مفتوحًا بين الآباء والأبناء حول استخدام ‏وسائل التواصل الاجتماعي. يشمل ذلك النقاش حول المخاطر المحتملة والتحديات ‏التي قد تواجه الأطفال في العالم الرقمي، بالإضافة إلى تشجيعهم على مشاركة ‏تجاربهم ومشاكلهم عبر الإنترنت‎.‎

اختيار المحتوى المناسب‎:‎

من المهم أن يحرص الآباء على اختيار المحتوى الرقمي الذي يتناسب مع نمو ‏أطفالهم وتطورهم العقلي والعاطفي. يتضمن ذلك متابعة التطبيقات والمواقع التي ‏يستخدمها الأطفال وضمان أنها تلبي معايير الأمان المناسبة لأعمارهم‎.‎

توفير أمثلة جيدة‎:‎

يوصي التقرير بأن يكون الآباء قدوة لأبنائهم في استخدام الإنترنت ووسائل التواصل ‏الاجتماعي. يمكن أن يساعد ذلك الأطفال في التعرف على السلوكيات الإيجابية ‏وكيفية التعامل مع المواقف المختلفة عبر الإنترنت‎.‎

تخصيص وقت بعيد عن الشاشات‎:‎

ينصح التقرير بتخصيص أوقات "من دون شاشة" تقضيها العائلة معًا بعيدًا عن ‏الأجهزة الإلكترونية. يساهم ذلك في تعزيز الروابط الأسرية ويتيح للأطفال الفرصة ‏لتطوير مهارات اجتماعية وحركية بعيدة عن العالم الرقمي‎.‎

خلفية التقرير

يُعد هذا التقرير الأول من نوعه الذي يُصدر عن فريق العمل المعني بصحة وسلامة ‏الأطفال عبر الإنترنت في البيت الأبيض، ويأتي كاستجابة لحالة القلق المتزايدة ‏بشأن تأثير وسائل التواصل الاجتماعي على الأطفال والمراهقين في الولايات ‏المتحدة. تشير التقديرات إلى أن حوالي 95% من المراهقين و40% من الأطفال ‏الذين تتراوح أعمارهم بين 8 و12 عامًا يستخدمون وسائل التواصل الاجتماعي، ‏وفقًا لتقرير نشرته شبكة‎ CNN.‎

ميريام دلفين-ريتمون، الرئيسة المشاركة لفريق العمل والأمينة المساعدة للصحة ‏العقلية وتعاطي المخدرات في وزارة الصحة والخدمات الإنسانية الأمريكية، أشارت ‏إلى أن "خطة الإعلام العائلية تساعد العائلات على إجراء حوارات مع أبنائهم، ‏وتحديد توقعاتهم وخططهم الإعلامية داخل الأسرة وحتى خارجها‎."‎

دعم متزايد من قبل الخبراء

إلى جانب إصدار التقرير، أعلن فريق العمل عن خطط لإطلاق صفحات جديدة عبر ‏الإنترنت تحتوي على موارد تشمل نشرات مستندة إلى الأعمار المختلفة، يمكن ‏لأطباء الأطفال توزيعها خلال الزيارات الروتينية‎.‎

قالت دلفين ريتمون: "غالباً ما يتعلم الأطفال كيفية تنظيم عواطفهم، لذا فمن المهم ‏عدم استخدام الوسائط كبديل لمراقبة المشاعر المهمة أو معالجتها"، مشيرة إلى أن ‏التقرير يقدم مجموعة من الإرشادات والموارد المستمرة لدعم الأهل‎.‎

ويحتوي التقرير الذي تجاوزت صفحاته الـ100 صفحة، على توصيات لصناعة ‏التكنولوجيا، وإرشادات للأطباء، وأفضل الممارسات للأهل ومقدمي الرعاية، تشمل ‏كيفية بدء الحوارات بين الأهل والأطفال بغية تحسين تجاربهم عبر الإنترنت‎.‎

المخاطر والفوائد

ويقدم التقرير ملخصًا حول مخاطر وفوائد استخدام وسائل التواصل الاجتماعي بين ‏الشباب، ويوصي بإجراء أبحاث مستقبلية لتعميق الفهم حول هذه القضايا. وقال آلان ‏ديفيدسون، مساعد وزير التجارة للاتصالات والمعلومات، إن "أحد النتائج الرئيسية ‏التي توصلنا إليها هو أن العديد من المشاكل التي يواجهها الشباب عبر الإنترنت ‏ناتجة عن كيفية تصميم شركات التكنولوجيا لمنتجاتها‎."‎

وأضاف ديفيدسون أن بعض خيارات التصميم تشمل "تصميم تجارب مناسبة لعمر ‏الشباب"، مؤكدًا على الحاجة إلى التفكير في التطبيقات وكيفية تلبيتها لاحتياجات ‏الأطفال والمراهقين‎.‎

دعوات لحماية خصوصية الشباب

كما دعا التقرير صناعة التكنولوجيا إلى بذل جهد أكبر لحماية خصوصية الشباب، ‏خاصة فيما يتعلق بالإعدادات الافتراضية وحماية البيانات الشخصية. وأشار إلى أن ‏الخدمات عبر الإنترنت بحاجة لتحسين الأنظمة التي تعالج التحيز والتمييز الذي قد ‏يواجهه الشباب‎.‎

وقالت دلفين ريتمون إن الشباب في مجموعات التركيز التي استضافتها فرقة العمل ‏عبروا عن رغبتهم في رؤية المزيد من الحماية‎.‎

جهود تشريعية

لم يتطرق التقرير إلى أي تشريعات محددة، لكن الرئيس الأمريكي جو بايدن دعا ‏الكونغرس إلى سن تدابير تشريعية لحماية سلامة الأطفال على الإنترنت. وأعلن ‏المشرعون عن مشروعي قانون لمعالجة هذه القضية: قانون سلامة الأطفال عبر ‏الإنترنت الذي يتطلب من منصات التواصل الاجتماعي تقييد الوصول إلى البيانات ‏الشخصية للقاصرين، وقانون حماية الأطفال على وسائل التواصل الاجتماعي الذي ‏يحدد الحد الأدنى للعمر لاستخدام منصات التواصل‎.‎

وختم ديفيدسون حديثه قائلًا: "نعتقد أن التشريع مهم، ولكن هناك أمور يمكن ‏للصناعة القيام بها اليوم لحماية الشباب بشكل أفضل‎."‎

دعم من الأكاديمية الأمريكية لطب الأطفال

أعلنت الأكاديمية الأمريكية لطب الأطفال دعمها للتقرير الجديد، وأثنت على جهود ‏إدارة خدمات تعاطي المخدرات والصحة العقلية ووزارة التجارة لمعالجة تأثير ‏وسائل التواصل الاجتماعي على الصحة العقلية للشباب‎.‎

ميغان مورينو، المديرة الطبية المشاركة حول وسائل التواصل الاجتماعي والصحة ‏العقلية للشباب، أكدت في بيان صحفي: "بهدف المساعدة على جعل توصيات التقرير ‏متاحة وقابلة للتنفيذ، قمنا بنشر موارد جديدة للعائلات ومن يعملون معهم، تشمل ‏كيفية الشروع بالمحادثة، والأنشطة التي تساعد الأهل على معرفة ما يجب قوله ‏وكيفية البدء في بناء المهارات الأساسية‎."‎

تحذيرات الجراح العام

كان الجراح العام الأمريكي الدكتور فيفيك مورثي، وهو عضو في فريق العمل، ‏واضحًا في تصريحاته حول مخاطر وسائل التواصل الاجتماعي. وأكد على أن ‏وسائل التواصل الاجتماعي تشكّل تهديدًا كبيرًا للأطفال، ويجب أن تكون مصحوبة ‏بعلامات تحذيرية مشابهة لتلك التي ترافق منتجات التبغ والكحول. ودعا الكونغرس ‏إلى اتخاذ خطوات فعلية لوضع هذه العلامات التحذيرية على تطبيقات وسائل ‏التواصل الاجتماعي‎.‎

ملخص التقرير

باختصار، يقدم التقرير الجديد مجموعة من التوصيات والاستراتيجيات التي يمكن ‏للعائلات اتباعها لضمان أمان أطفالهم على الإنترنت. من خلال التعاون بين ‏الحكومة، وصناعة التكنولوجيا، والمجتمع الطبي، يسعى التقرير إلى خلق بيئة ‏رقمية أكثر أمانًا وصحةً للشباب، تتيح لهم الاستفادة من التكنولوجيا الحديثة دون ‏تعرضهم لمخاطر قد تؤثر على نموهم وصحتهم العقلية.‏

اضف تعليق