إذا نظرت حولك إلى أصدقائك وعائلتك، وحتى إلى نفسك، فسترى أن ‏البعض ‏ينظرون إلى نصف الكوب المملوء، بينما يرى البعض الآخر النصف ‏الفارغ ‏منه‎.‎

وخلال برنامج بودكاست يقدمه‎ ‎كبير المراسلين ‏الطبيين لدى‎ CNN، الدكتور سانجاي ‏غوبتا، قالت عالمة النفس الاجتماعي، ‏سونيا ليوبوميرسكي: "بعض الناس أكثر ‏سعادة من غيرهم...(إنهم) يشبهون ‏الأشخاص النحيفين بطبيعتهم، ليس عليهم أن ‏يبذلوا جهدًا كبيرًا لتحقيق ذلك‎".‎

وباعتبارها مفهوما مجردا ذاتيا، تعتبر السعادة موضوعًا صعبا للدراسة، إذ ‏يصعب ‏تحديد الحالة العاطفية للشخص، ناهيك عن قياسها بشكل موضوعي‎.‎

وأوضحت ليوبوميرسكي أن "للسعادة عنصران"، مشيرة إلى أن الشخص ‏بحاجة إلى ‏كلاهما ليكون شخصاً "سعيداً‎".‎

العنصر الأول هو تجربة المشاعر الإيجابية، لذلك من المرجح أن يشعر ‏الأشخاص ‏السعداء بشكل متكرر إلى حد ما بالفرح، والهدوء، والفضول، ‏والمودة، والفخر. أما ‏الثاني فهو نوع من الشعور بأن حياتك جيدة، وأنك راضٍ ‏عنها‎.‎

ويقوم الباحثون بقياس هذان العنصران عن طريق طرح أسئلة على الأشخاص ‏مثل‎: ‎

‎"‎كم مرة تشعر بالفرح والهدوء والفضول؟" و"ما مدى رضاك عن حياتك؟‎" ‎

ويمكن قياس بعض جوانب السعادة من خلال فحص بنية الدماغ، وتعابير ‏الوجه، ‏وحتى من خلال إجراء تحليل صوتي‎.‎

ويتمثل السؤال الأهم للباحثين (والعديد منا) في مسألة رؤية نصف الكوب ‏المملوء ‏أو النصف الفارغ، هل يمكنك تغيير نطاق سعادتك المحدد لتصبح ‏شخصًا أكثر ‏سعادة؟

تعتقد ليوبوميرسكي أن ذلك ممكن إلى حد ما. وقالت: "لا يمكنك تغيير ‏جيناتك ‏الوراثية". وأشارت أيضًا إلى أن محاولة تغيير ظروف حياتك، مثل العثور ‏على ‏وظيفة جديدة أو الدخول في علاقة، ليس كافيا‎.‎

وأضافت: "يمكننا أن نغير طريقة تفكيرنا وكيف نتصرف، يمكننا تغيير ‏عاداتنا، ‏ويمكننا تطوير عادات جديدة‎".‎

ولاحظت هي وباحثون آخرون أن الأشخاص السعداء يميلون إلى اتباع ‏عادات ‏معينة‎.‎

فما هي العادات التي يمكنك اتباعها لزيادة مستوى سعادتك؟ لدى ليوبوميرسكي ‏هذه ‏النصائح الخمس‎.‎

الانشغال بعملك

قالت ليوبوميرسكي عبر البريد الإلكتروني: "عندما تكون منخرطا بشكل كامل ‏فيما ‏تفعله لدرجة أنك لا تلاحظ مرور الوقت، فأنت في حالة تسمى" التدفق "، ‏وهي ‏مرتبطة بالفرح‎".‎

وتابعت: "حاول زيادة عدد تجارب التدفق في حياتك اليومية التي "تنسى" ‏نفسك ‏فيها، وهي التجارب التي تمثل تحديًا‎".‎

ليس عليك تسلق جبل إيفرست، وإنما جرب ممارسات بسيطة مثل إكمال ‏مشروع ‏جماعي في المكتب، أو اللعب مع أطفالك، أو الاستمتاع بممارسة هواية ‏مع شريك ‏حياتك‎.‎

ممارسة اللطف العشوائي

وقالت ليوبوميرسكي "إن التعامل بلطف مع الآخرين يؤدي إلى سلسلة من ‏النتائج ‏الإيجابية. إنه يجعلك تشعر بالكرم، ويقودك إلى الشعور بالامتنان تجاه ‏وضعك ‏الخاص، ويمنحك إحساسًا أكبر بالترابط مع العالم‎".‎

وتابعت أنه يمنح السعادة للآخرين كذلك ويدفعهم إلى الإعجاب بك أكثر ‏والمعاملة ‏بالمثل في أوقات حاجتك، ما يساعد بدوره على تعزيز احترامك ‏لذاتك. وهكذا، فإن ‏ممارسة أعمال اللطف تنشط ما يسميه علماء النفس "دوامة ‏تصاعدية‎".‎

يمكن توجيه هذه الأفعال اللطيفة إلى الأصدقاء أو الغرباء؛ وأضافت أنها يمكن ‏أن ‏تكون مباشرة أو مجهولة المصدر، عفوية أو مخطط لها‎.‎

توطيد علاقاتك بالآخرين

عندما يتعلق الأمر بمستوى سعادتك، فإن العلاقات الشخصية لها تأثير أكبر ‏من ‏المال، أو المسمى الوظيفي، أو حتى صحتك‎.‎

وأوضخت ليوبوميرسكي أن قضاء المزيد من الوقت الممتع مع شريكك أو ‏أطفالك، ‏أو إعادة التواصل مع الأصدقاء القدامى، تعد طرق مؤكدة لزيادة ‏مستويات السعادة ‏لديك ولدى الآخرين‎". ‎

وتابعت:"هذا الأسبوع، اختر علاقة تحتاج إلى تعزيز، واستثمر الوقت والطاقة ‏في ‏توطيدها والاستمتاع بها‎".‎

هذا الاستثمار الصغير قد يقطع شوطا طويلا‎.‎

التعبير عن الامتنان

يعد إحصاء النعم التي تتمتع بها طريقة رائعة لتقييم الجوانب الإيجابية في ‏حياتك‎.‎

وقالت ليوبوميرسكي: "إحدى الطرق للقيام بذلك هي تخصيص بعض الوقت ‏خلال ‏الأسبوع للتفكير في ثلاثة أو الخمسة أمور تشعر بالامتنان لأجلها حاليًا‎". ‎

وتابعت:"يمكن القيام بذلك من خلال التأمل قبل النوم أو أثناء تنقلاتك، أو من ‏خلال ‏التدوين، أو من خلال مشاركة أفكارك مع شخص قريب منك‎".‎

هناك فكرة أخرى تتمثل في التواصل أو كتابة مذكّرة تقدير لشخص مهم في ‏حياتك ‏لم تشكره بشكل صحيح من قبل‎.‎

وأشارت ليوبوميرسكي إلى أن التعبير عن الامتنان سيشجعك على تقدير حظك ‏الجيد ‏ويساعدك على قضاء بقية اليوم أو الأسبوع‎.‎

الاحتفال بالأخبار السارّة

لطالما ارتبطت مشاركة النجاحات والإنجازات مع الآخرين بزيادة السعادة ‏والرفاهية‎.‎

وقالت ليوبوميرسكي: "لذا، عندما ينجح شخص مقرب لك كشريكك، أو أحد ‏أقربائك، ‏أو صديقك المقرب، قم بتهنئتهم واحتفل معهم‎". ‎

وتابعت: "حاول الاستمتاع بهذه المناسبة على أكمل وجه، إن نقل الأخبار ‏السارة ‏والابتهاج بها يقودك إلى الاستمتاع باللحظة الحالية والاستمتاع بها، ‏إضافة إلى ‏تعزيز العلاقات مع الآخرين‎".‎

وأكدت أن هذا النهج ينطبق على نفسك أيضًا: "ربت على ظهرك، وأخبر ‏نفسك ‏بمدى الجهد الذي بذلته من أجل هذه اللحظة، وتخيل مدى إعجاب الناس‎".‎


اضف تعليق