تُعدّ الرياضة من الأنشطة ذات الفوائد العديدة التي تشمل تحسين الصحة النفسية والجسدية، حيث يُنصح بممارستها بانتظام ضمن نمط حياة صحي. فهي تساهم في الوقاية من أمراض مثل القلب والسكري والسرطان والسمنة، كما تعزز الحالة النفسية والمزاج. ومع ذلك، هناك جانب مظلم للرياضة لا يعرفه الجميع، حيث يدركه فقط الرياضيون المحترفون. فعندما تصبح الرياضة جزءًا لا يتجزأ من حياتهم، تتزايد الضغوط النفسية والجسدية بشكل كبير.
ضغوط الاحتراف الرياضي
حياة الرياضي المحترف تبدو مثالية في الظاهر، لكنها في الواقع مليئة بالتحديات. فالاحتراف يتطلب تخصيص الجزء الأكبر من الوقت للحياة الرياضية، مما يزيد من حدة التوتر والضغوط النفسية، خاصةً عند المشاركة في البطولات. هذا التوتر النفسي قد يؤدي أحياناً إلى حالات اكتئاب شديدة، وقد تدفع بعض الرياضيين إلى الانتحار.
قصص من الواقع
تشير تصريحات السبّاحة اللبنانية الشابة لين الحاج بعد مشاركتها في الألعاب الأولمبية في باريس إلى حجم التضحيات التي قدمتها في حياتها الشخصية من أجل الرياضة. كما عانت الرياضية الأمريكية كيلي كاتلين، الحائزة على الميدالية الفضية في أولمبياد ريو 2016، من الاكتئاب وانتحرت بعد تعرضها لحادثتين. وحارس منتخب ألمانيا لكرة القدم روبرت إنكه انتحر في عام 2009 بعد معاناته من الاكتئاب. وبطلة كرة المضرب اليابانية نعومي أوساكا أقرت أنها مرت بفترات طويلة من الاكتئاب منذ عام 2018. كذلك، سجل انتحار رافع الأثقال فلاديمير سيدوف عن عمر 35 سنة في العام الماضي.
الضغوط النفسية والجسدية
بحسب جراح العظام والمفاصل المتخصص في الطب الرياضي وائل بيوض، فإن الرياضيين المحترفين عرضة للإصابات النفسية بقدر تعرضهم للإصابات الجسدية. ويشير إلى أن هذه الإصابات النفسية قد تلزم الرياضي بالانسحاب من البطولات أو المباريات بسبب الخوف والقلق. ويضيف بيوض أن الإجهاد الزائد قد يسبب إحباطاً يمنع الرياضي من المنافسة بمستوى عالٍ.
أهمية المتابعة النفسية
تؤكد الاختصاصية في المعالجة النفسية ريما بجاني على العلاقة المباشرة بين الحالة النفسية وممارسة الرياضة. وتوضح أن الرياضيين المحترفين يعانون من ضغوط نفسية شديدة نتيجة الالتزام بنمط حياة صارم، حيث لا يمكنهم التهاون في ممارساتهم اليومية. تضيف بجاني أن هذا النمط الصارم يزيد من مستويات التوتر والقلق، خاصةً مع الرغبة في الفوز والحفاظ على مستوى معين من الأداء.
ما بعد الحياة الرياضية
تشير بجاني إلى توتر ما بعد الحياة الرياضية، حيث يعاني الرياضي المحترف من انتقال مفاجئ من حياة تحت الأضواء إلى حياة طبيعية، مما يؤثر سلباً على صحته النفسية.
الرياضة هي سيف ذو حدين؛ فهي تمنح الصحة والنشاط، لكنها قد تجلب معها ضغوطاً نفسية وجسدية كبيرة. من المهم أن يحصل الرياضيون المحترفون على الدعم النفسي اللازم لمواجهة التحديات التي قد تدفعهم إلى حافة الانهيار أو حتى الانتحار.
م.ال
اضف تعليق