تعرضت القناة الفرنسية الثانية، التابعة للقطب الإعلامي العمومي، للكثير من الانتقادات جراء الطريقة التي اختارتها في معالجة خبر مجزرة بغداد وأدت إلى استشهاد 292 شخصا على الأقل.
من جهته قام شاب عراقي يقيم في لندن بمنح روح لأسماء الضحايا من خلال تقديم سير ذاتية لهم، نالت تقدير رواد مواقع التواصل الاجتماعي.
كانت بغداد الأحد الأخير هدفا لعملية إرهابية مرعبة، استشهد على إثرها 292 شخصا على الأقل، وحجم المجزرة من الطبيعي أن يفرضها على رأس العناوين الكبرى لنشرات الأخبار والصحف العربية والغربية على السواء.
لكن البعض من وسائل الإعلام تجاوز هذا التصنيف في معالجة الأخبار، ما يوحي أنها لم تحترم المنهجية المعتمدة في جميع المنابر الإعلامية، كانت مكتوبة أو مرئية، والتي تستند على البعد النفسي في التعاطي مع مثل هذه الأحداث الدامية.
القناة الفرنسية الثانية، التابعة لقطب الإعلام العمومي، كانت محل انتقادات شديدة بهذا الخصوص، لكونها لم تلتزم بتصنيف الأخبار المتعارف عليه مهنيا، فوجهت لخط تحريرها بقيادة نجم نشرة الثامنة دافيد بوجداس جملة من الانتقادات.
المذيع دافيد بوجداس فضل التطرق لخبر مجزرة العراق في آخر النشرة، وهذا بعد أن قدم أخبار فوز المنتخب الفرنسي على نظيره الإيسلندي في ربع نهائي كأس الأمم الأوروبية، خصخصة مطاري نيس وليون، وغيرها من المواضيع التي بدت لمنتقدي الخط التحريري للقناة أقل أهمية من فاجعة بغداد.
وقال مقدم الأخبار بشأن اعتداء بغداد الإجرامي في نشرة الثامنة مساء، بتعبير يعطي الانطباع للمشاهد وكأنه حدث عادي، "بعجالة، لايزال الحداد في بغداد، الاعتداء الانتحاري الرهيب أسفر أمس عن مقتل 213 شخصا، 200 مصاب، وتم الإعلان عن حداد وطني لمدة ثلاثة أيام، الاعتداء تبنى مسؤوليته، كما تعلمون، داعش". واستغرق تقديم الخبر 13 ثانية فقط كما عنون موقع "بير ميديا" الفرنسي.
غضب مواقع التواصل الاجتماعي
وتعاطي القناة الفرنسية الثانية مع اعتداء بغداد أثار غضب الكثير من رواد مواقع التواصل الاجتماعي، وكتب أحدهم في تغريدة على تويتر "213 قتيلا، وفي هذا الوقت يتحدث دافيد بوجداس عن كرة القدم. الصحافة ماتت".
وقال آخر "بعجالة...بالنسبة للسيد بوجداس أكثر من 210 قتيلا". ولم يرق للبعض الآخر التعاطي مع هذا النوع من الجرائم الإرهابية بمعايير مختلفة. واعتبر أحدهم أن اعتداء أورلاندو في الولايات المتحدة قبل نحو شهر والذي أدى إلى مقتل 13 شخصا لم يتم التعامل معه بنفس الطريقة.
وكان موقع "بير ميديا" السباق للوقوف عند هذا الأمر، وأشار إلى أنه حاول الاتصال بإدارة القناة الفرنسية الثانية لتوضيح خطها التحريري بخصوص هذه القضايا، إلا أن الإدارة فضلت عدم الإجابة. واعتبرت الصحافية فرانسواز لوبورد، العضو السابق في الهيئة العليا للإعلام السمعي المرئي أن ما حصل "عار صحفي".
الضحايا ليسوا مجرد أرقام
واختار مصطفى النجفي، وهو عراقي يقيم في لندن، أن يقدم صورة عن الضحايا الذين سقطوا في الاعتداء بدل تقديمهم كمجرد أرقام. وقال في تصريح له "لأني عراقي ولأن الشعب العراقي ينزف دما منذ سنوات، أصبحنا مجرد أرقام الآن. نحن نتواجد على الجبهة الأمامية في مواجهة الإرهاب لكن بدون مساندة من أي كان".
ويقوم النجفي بمنح روح خاصة لأسماء الضحايا على موقع تويتر من خلال تقديم تعريف لكل منهم، لمعرفته الخاصة بهم، أو انطلاقا من المعلومات التي يتوصل بها عبر أصدقائه على مواقع التواصل الاجتماعي.
الضحايا العراقيون لم ينالوا نفس الاهتمام التي حظي به قتلى في مناطق أخرى من العالم التي كانت مسرحا لعمليات إرهابية مماثلة. لم يتلون برج إيفل بألوان العلم العراقي، ولم يتم تنظيم وقفات هنا وهناك عبر العالم تضامنا مع الشعب العراقي وتكريما لأرواح الضحايا.
ومن هذا المنطلق، تم خلق وسم يحمل عبارة "ليس مجرد رقم" الذي تضمن السير ذاتية للضحايا، جمعها النجفي بوسائله الخاصة لتحسيس العالم أن الحياة تبقى نفسها مهما كان موقعها أو انتماؤها. انتهى/خ.
اضف تعليق