عادت درجات الحرارة للارتفاع مرة أخرى في ألمانيا، لكن بعد هطول أمطار غزيرة لم تعد هناك في الوقت الحالي مشاكل جفاف، غير أن الوضع يختلف في دول أخرى مثل إسبانيا وإيطاليا وتركيا، حيث تندلع هناك باستمرار حرائق هائلة في الغابات والأحراش، كما ازدادت ندرة المياه في الكثير من الأماكن. وأثرت هذه المشكلة على مدن كبرى مثل العاصمة اليونانية أثينا بالإضافة إلى مناطق في إنجلترا وإيران التي تعاني أصلاً من الجفاف.
وفيما يلي سنلقي نظرة عامة على هذه المشكلة في أماكن متفرقة من العالم:
قبرص
فوفقاً لهيئة إدارة المياه القبرصية، انخفضت احتياطيات المياه بشكل خطير، حيث لا تزيد نسبة امتلاء السدود في الوقت الحالي عن 1ر16% فقط، مقارنةً بـ 34,1% في العام الماضي. وللسنة الثالثة على التوالي تشهد البلاد ندرة في هطول الأمطار، وقالت الإذاعة القبرصية (آر آي كيه) إن الأولوية هي تجنّب انقطاع المياه في قطاع السياحة المهم. ولمواجهة أزمة المياه، من المقرر بناء محطات إضافية لتحلية مياه البحر. وهناك بالفعل 12 محطة عاملة، لكنها غير كافية. ولهذا السبب، تدعو الحكومة القبرصية السكان إلى ترشيد استهلاك المياه.
تركيا
تشهد تركيا بشكل متكرر قطعا لإمدادات المياه وخاصة في المناطق السياحية على بحر إيجة.إضافة إلى ذلك، تعاني تركيا هذا الصيف من الارتفاع الشديد في درجة الحرارة، ما يؤدي إلى زيادة معدلات التبخر. ووفقًا لهيئة الأرصاد الجوية، فإن شهر يوليو الماضي كان الأشد حرارة في تركيا منذ 55 عامًا. وسجلت كمية الأمطار التي هطلت في منطقة بحر إيجة في العام الماضي تراجعا بنسبة 22% مقارنة بكمية الأمطار المعتادة. ويُعْزي الخبراء تزايد الظواهر الجوية المتطرفة وفترات الجفاف الأطول إلى تغيّر المناخ.
اليونان
تسجل السدود في اليونان أيضاً انخفاضًا تاريخيًا في مستويات الامتلاء. ففي محيط العاصمة أثينا انخفضت الاحتياطيات بنسبة 50% مقارنة بعام 2022. وتشير الحكومة إلى ضرورة تحديث إدارة المياه في البلاد بشكل جذري، وجعلها أكثر كفاءة، وتوفير حوافز للاستثمار. ومن المنتظر أن يتركّز الاهتمام مستقبلاً على تقنيات جديدة مثل تحلية مياه البحر. لكن هذه المحطات لا تخلو من الجدل، إذ يُنظر إليها على أنها مكلفة، وتستهلك الكثير من الطاقة، وتضر بالبيئة.
إيران
تُعَدُّ إيران من أكثر دول العالم جفافاً حيث رصد الخبراء خلال السنوات الماضية انخفاضاً ملحوظًا في معدلات هطول الأمطار، بالتزامن مع زيادة فترات الجفاف وغيرها من الظواهر المناخية المتطرفة. وتتصاعد أزمة المياه منذ زمن طويل حتى إنها ضربت بشدة هذا الصيف العاصمة طهران التي يقطنها أكثر من 15 مليون نسمة.وتحذر السلطات هناك من خطر نفاد مخزون المياه في أكتوبر/تشرين الأول المقبل، مشيرة إلى أن مستويات امتلاء السدود هناك منخفضة على نحو خطير. وردت الحكومة باتخاذ إجراءات صارمة حيث تقوم بقطع إمدادات المياه على مدار ساعات يوميا في أجزاء واسعة من طهران ومدن أخرى.
إسبانيا
لا تعاني إسبانيا من نقص حاد في المياه في الوقت الحالي، فبعد الأمطار الغزيرة في بداية العام، لا تزال السدود في هذا البلد السياحي الشهير، ممتلئة بشكل جيد، حتى وإن انخفضت مستوياتها في ذروة الصيف بسبب الظروف المناخية والاستهلاك المرتفع خلال موسم العطلات. وتبلغ نسبة الامتلاء حاليًا نحو 64 في المئة من إجمالي السعة. ومع ذلك، توجد مشكلات في إمدادات المياه مَحلّيًا في مناطق من بينها مايوركا. وتُعد منطقة بيلا في الداخل من أكثر المناطق تضررًا، حيث أعلنت حكومة جزر البليار في الأيام الأخيرة حالة إنذار من الجفاف. ووفقًا للسلطات، يسود نقص في المياه في معظم أنحاء الأرخبيل. وقد انخفضت مستويات التخزين في يوليو إلى متوسط 43 في المئة – أي أقل بثلاث نقاط مئوية مقارنة بالعام الماضي.
إنجلترا
تعاني أجزاء من إنجلترا هذه الأيام من نضوب مخزونات المياه والجفاف. ووفقًا لهيئة البيئة البريطانية، هناك "نقص خطير في المياه على المستوى الوطني"، حيث تعاني خمس مناطق من الجفاف، كما تعاني ست مناطق أخرى من طقس جاف مستمر. ووصلت نسب مستويات المياه في العديد من الأنهار والسدود إلى أقل من المعدل المعتاد في مثل هذا الوقت من العام.وتسجل إنجلترا في الوقت الحالي أشد نصف عام جفافًا منذ عام 1976. ويحذر اتحاد وطني يضم عدة منظمات، من بينها هيئة الأرصاد الجوية البريطانية (Met Office)، من أن تغير المناخ يزيد من حدة فترات الجفاف. وقد أدى ذلك بالفعل في بعض المناطق إلى فرض قيود، ففي يوركشاير، تم حظر ري الحدائق بالخرطوم قبل بضعة أسابيع.
إيطاليا
تواجه إيطاليا أيضًا مشكلة الجفاف. فموجات الحر خلال الأشهر الماضية وغياب الأمطار لم تتسبب فقط في جفاف الحقول، بل وضعت أيضًا الثروة الحيوانية في مأزق. ووفقًا لبيانات حديثة من "المعهد الإيطالي لحماية البيئة والبحوث"، فإن نقص المياه يختلف بشكل كبير من منطقة إلى أخرى، ففي حين لا يشهد الشمال سوى أزمات محدودة، تتفاقم الأوضاع بوضوح في وسط وجنوب إيطاليا. وتبقى الحالة حرجة بشكل خاص في جزيرة صقلية.كما أن الوضع متوتر أيضًا في جزيرة سردينيا الواقعة في البحر المتوسط، إذ لم يتبقَّ في نظام المياه الإقليمي بحلول نهاية يوليو الماضي سوى نصف الطاقة التخزينية. وفي بعض المناطق لم تتجاوز مستويات الامتلاء نحو 12 في المئة فقط.
فرنسا
يتزايد عدد المناطق والبلدات بجنوب فرنسا التي تفرض فيها السلطات قيودًا على استخدام المياه نظرًا لاستمرار الجفاف وارتفاع درجات الحرارة حيث تعطي السلطات الأولوية للحفاظ على إمدادات مياه الشرب. وبسبب انخفاض المخزون الجوفي ومستويات المياه في الأنهار، يتم تطبيق قيود على الزراعة. كما لم يعد مسموحًا بملء أحواض السباحة أو غسل السيارات أو ري المساحات الخضراء العامة والحدائق الخاصة – باستثناء حدائق الخضروات.
جنوب شرق أوروبا
يضرب الجفاف أيضًا منطقة جنوب شرق أوروبا، ففي المجرى السفلي لنهر الدانوب ينخفض منسوب المياه بشكل منتظم، مما يؤدي إلى أن تعلق بعض السفن في ضفاف رملية فضلا عن ظهور حطام سفن غارقة من جديد. وفي كثير من الأماكن يُخشى من مواسم حصاد سيئة. وقد أعلنت كرواتيا بالفعل عدة مناطق في الشمال مناطق كوارث بسبب الجفاف. وفي صربيا وكرواتيا وسلوفينيا والبوسنة والهرسك والمجر ورومانيا تحظر السلطات على البلديات بشكل متكرر ري الحدائق، وملء أحواض السباحة، وغسل السيارات.
اضف تعليق