(رويترز) - أدت موجات الجفاف التي تعاني منها ولاية كاليفورنيا منذ ثلاث سنوات الى تسليط الأضواء على تحلية مياه البحار فيما سارعت مقاطعة سان دييجو ومدينة سانتا باربره ومناطق أخرى إلى إنشاء محطات لتحلية المياه ستحول عما قريب مياه المحيط الهادي الى مصدر لمياه الشرب.
وبرزت تحلية المياه كتقنية حديثة واعدة في كاليفورنيا لمواجهة موجات الجفاف القياسية -التي أجبرت السلطات على اتخاذ اجراءات قاسية لترشيد استهلاك المياه- ونضوب مياه خزانات المياه الجوفية وارتفاع تكلفة نقل المياه العذبة من أماكن أخرى.
إلا ان الخبراء يحذرون من ان تحويل مياه البحار الى مياه عذبة لا يزال أمرا باهظ التكلفة تقوم به منشآت كثيفة الطاقة وقد تباينت درجات نجاحه في مناطق مثل استراليا وفلوريدا.
وأوشكت أضخم محطة لتحلية مياه المحيط في نصف الكرة الارضية الغربي -وهي عبارة عن مشروع تبلغ تكلفته مليار دولار قيد الانشاء منذ عام 2012 على ضفاف بحيرة بمدينة كارلسباد بولاية كاليفورنيا- على الانتهاء ومن المقرر افتتاحها في نوفمبر تشرين الثاني القادم لتنتج نحو 50 مليون جالون من المياه يوميا في مقاطعة سان دييجو.
وقالت شركة (بوسيدون ريسورسيز) المنفذة للمشروع ومقرها كونيتيكت إن هذه الكمية تكفي لتغذية نحو 112 ألف منزل أو نحو عشرة في المئة من احتياجات مياه الشرب للمقاطعة.
وتعتزم شركة (بوسيدون ريسورسيز) تشييد مشروع آخر لتحلية المياه بنفس الحجم بمنطقة هنتينجتون بيتش الى الجنوب من لوس انجليس وتسعى للحصول على ترخيص نهائي لبدء الانشاءات العام القادم.
في الوقت ذاته تتخذ مدينة سانتا باربره خطوات لتحديث وتفعيل محطة أصغر للتحلية بتكلفة 34 مليون دولار شيدت خلال مرحلة سابقة من موجات الجفاف لكنها أهملت بعد مرحلة تشغيل تجريبي عام 1992 عندما تراجعت أزمة المياه.
ومع تضاؤل فائض المياه من جديد فيما لا يلوح في الافق أي حل تعاقد مسؤولو سانتا باربره مع شركة لتصميم عمليات تطوير لاعادة تشغيل محطتها مقابل 40 مليون دولار وستبلغ تكاليف التشغيل السنوية نحو 5.2 مليون دولار.
وقال جوشوا هاجمارك مدير موارد المياه في سانتا باربره إنه إذا وافق المجلس البلدي على المشروع في يونيو حزيران القادم كما هو متوقع فان المحطة ستفتتح في خريف عام 2016 لتنتج مبدئيا ما يقرب من ثلاثة ملايين جالون من المياه يوميا -أي نحو 30 في المئة من حجم طلب المجلس البلدي- ثم ترفع من قدرتها حسب الحاجة.
وقالت هيثر كولي مديرة برامج المياه لدى معهد بحوث موارد المياه وهي مؤسسة لا تهدف الى الربح إن من 15 الى 17 محطة أخرى لتحلية المياه في انحاء الولاية لا تزال في طور التصميم أو التخطيط.
لكنها قالت إن ارتفاع تكلفة وتشغيل مثل هذه المنشآت تمثل تحديا.
وأضافت في إشارة الى خبرتها الشخصية في سانتا باربره منذ عقدين من الزمن وايضا الى محطات شيدت ثم أهملت بعد ذلك أو تم خفض مستواها في استراليا وتامبا باي بفلوريدا "ثمة خطر حقيقي في بناء محطة قبل ان تكون في حاجة اليها او ان تشيدها لتلبية احتياجات قصيرة الأجل بدلا من الضرورات الطويلة الامد".
وقالت إنه يتعين على المسؤولين عن شؤون المياه التفكير في سلسلة من الاجراءات منها تأكيد مفهوم ترشيد المياه واعادة تدوير مياه الصرف وتخزين مياه الامطار.
وقال سكوت مالوني وهو مسؤول كبير في بوسيدون إن الهدف من التحلية ليس ان تكون حلا طارئا لمشاكل الجفاف لكنها جزء من رد على مشكلة مزمنة واسلوب ليحل محل استيراد بعض امدادات المياه.
واستشهد المنتقدون لتحلية المياه بسلبيات وعوائق بيئية منها الاضرار بالحياة البحرية جراء استخدام انابيب السحب التي تمد محطات المعالجة بالمياه فضلا عن كميات المياه المالحة التي يجري تصريفها مرة أخرى الى مياه المحيط.
لكن أنصار هذا الاسلوب يشيدون بامكاناته لتخفيف الآثار البيئية من خلال تحويل المياه العذبة من الأنهار والقنوات وضخها الى المناطق العمرانية.
وعملية تمرير مياه البحر تحت ضغط عال عبر أغشية خاصة لازالة الملوحة تتطلب كميات هائلة من الطاقة ما جعل من هذه التقنية باهظة التكلفة بصورة خيالية.
لكن هاجمارك قال إن تكلفة استيراد المياه زادت بصورة مطردة لتصل الى نفس تكلفة تحلية المياه تقريبا ما يقلل من تأثير فواتير مياه الشرب على المستهلكين.
إلا ان كولي قالت إن هذه الاسعار سترتفع حتما مع ارتفاع أسعار الطاقة.
اضف تعليق