خلف الخطوط الأمامية في مدينة سرت الليبية تسحق دبابات متهالكة حطام معارك سابقة متقدمة إلى مواقع جديدة ويحتسي المقاتلون في وقت راحتهم القهوة انتظارا لأوامر بالتقدم.
في مواجهتهم ارهابيو تنظيم داعش المحاصرون في حي سكني واحد تستهدفهم ضربات جوية أمريكية لكنهم يزرعون الألغام وينشرون القناصة والمهاجمين الانتحاريين للدفاع عن مناطقهم التي تتقلص مساحاتها.
وبعد ثلاثة أشهر ونصف دخلت الحملة لاستعادة المدينة الساحلية مراحلها الأخيرة. ويقول أحمد الرمالي القائد الميداني "الألغام كثيرة عندهم هذه الفرصة الأخيرة عندهم ..هذه نقطة الضعف ..النهاية هكذا".
واستغل تنظيم داعش الانقسامات في ليبيا واستولى على سرت ويسيطر عليها منذ أكثر من عام. لكن بعد حملة دامية تبدو كتائب من مدينة مصراتة القريبة جاهزة لاستعادة سرت التي أصبحت أهم قاعدة للتنظيم المتشدد خارج سوريا والعراق.
ومن شأن خسارة سرت تعقيد الانتكاسات التي تعرض لها التنظيم في سوريا والعراق. لكن حملة سرت تعطلت فالهجمات تعقبها فترات توقف طويلة لتعيد القوات ترتيب صفوفها في حين تجاهد المستشفيات لنقل الجرحى.
وتعمل الكتائب تحت إمرة مراكز قيادة في سرت ومصراتة متحالفة مع الحكومة المدعومة من الأمم المتحدة في طرابلس لكن على الأرض تبدو التحالفات مائعة بينما الارهابيون ينقصهم العتاد بالإضافة إلى أن ثمن التقدم كان باهظا. بحسب رويترز.
وقال إسماعيل شكري رئيس المخابرات العسكرية في مصراتة إن الكتائب صادرت نسخا من توجيهات لارهابيي تنظيم داعش ببدء انسحاب تكتيكي قبل تفجير سيارات ملغومة.
وقال "صدرت لهم التعليمات أنهم ينسحبون عندما تدخل المشاة وهم يرسلون السيارات المفخخة ويرمون بمدفعية الهاون. يعتمدون علي القناصة ومدفعية الهاون والألغام ولا يستخدمون القتال المباشر".
وقتل 35 من عناصر الكتائب يوم الأحد مع تقدم القوات لمئات الكيلومترات وسط المباني السكنية التي أخليت في الحي رقم واحد في سرت قرب الواجهة البحرية وباتجاه آخر مخابئ التنظيم في الحي رقم ثلاثة.
وعلى ناصية أحد الطرق قفز ارهابيون وأطلقوا نيران بنادقهم الآلية وسط تفجيرات من مركبات مسلحة مدافع مضادة للطائرات وهم يحاولون تفكيك موقع لقناصة.
وعلى مسافة بضعة مبان فقط من خط المواجهة تجمع عدد من الارهابيين قرب سيارة مهجورة كان يعتقد أنها ملغومة. وقاد أحدهم دراجة أطفال في الشارع وجلس آخر يقرأ فوق سطح دبابة.
* ضربات جوية وعربات يد
رحب المقاتلون بالضربات الجوية الأمريكية التي بدأت في الأول من أغسطس آب قائلين إنها ساعدت في تفكيك مواقع القناصة وإحباط هجمات انتحارية ومنعت تنظيم داعش من التقدم. لكن بعضهم قال إن الضربات جاءت متأخرة جدا وإنها ليست بالكثافة الكافية.
وقال أحد المقاتلين إن التنظيم المتشدد لجأ لاستخدام عربات اليد في نقل المعدات ليلا لأن مركباته استهدفت في غارات جوية. وشوهدت عدة عربات يد مهجورة في الحي رقم واحد.
وقال إبراهيم بيت المال رئيس المجلس العسكري في مصراتة إن بعض الطلبات بتوجيه ضربات لم تنفذ ربما بسبب مخاوف من إصابة مدنيين.
وفر جميع سكان سرت تقريبا وكان عددهم نحو 90 ألف نسمة من المدينة بعد أن سيطر عليها تنظيم داعش أو مع بدء القتال. وقال شكري إن الأسر المتبقية هي أسر ارهابيي التنظيم.
لكنه أشار إلى مخاوف من وجود نحو 50 رهينة في سرت من بينهم أجانب وهو سبب يدعو لتوخي الحذر في المراحل الأخيرة من المعركة.
ويقول مسؤولون وقادة إنهم لا يعرفون عدد ارهابيي التنظيم الذين تقهقروا إلى الحي رقم ثلاثة أو عدد قادتهم البارزين الذين قال شكري أنهم بالأساس من تونس ومصر والسودان.
لكن شكري وبيت المال قالا إن من المرجح أن تكون جثة عثر عليها في الفترة الأخيرة هي جثة حسن الكرامي وهو قائد وداعية ليبي بارز.
وتشير أغلب التقديرات إلى أن تنظيم داعش كان لديه ما بين ألفي و2500 مقاتل قبل مايو أيار في سرت. ويعتقد أن بعضهم فر قبل بدء الحملة وأن مئات قتلوا خلالها لكن لا تتوفر بيانات. وقال بيت المال إن من اعتقلوا لا يزيد عددهم عن 15 وليس من بينهم شخصيات بارزة. انتهى/خ.
اضف تعليق