نشرت صحيفة "الكونفدنسيال" الإسبانية تقريرا؛ تحدثت فيه عن تهرب قادة تنظيم داعش من الاعتراف بالهزيمة، في الوقت الذي تتقدم فيه القوى المحاربة لتنظيم داعش في المعركة، حيث يصورون لأتباعهم أن ما يمر به التنظيم ليس إلا "اختبارا إلهيا".
وقالت الصحيفة في تقريرها إن جزءاً من خطاب المتحدث الرسمي السابق باسم التنظيم، أبو محمد العدناني، خلال شهر رمضان الماضي، لفت اهتمام المراقبين.
فقد جاء على لسان العدناني أنه "قد هُزم تنظيم داعش عندما خسر مدن العراق، وبقي أتباعه في الصحراء دون مدن أو أرض. هل سنهزم من جديد وأنتم تحققون نصرا باستعادة الموصل أو سرت أو الرقة، أو حتى كل المدن؟ بالطبع لا".
وتجدر الإشارة هنا إلى أن هذا التذكير، لا يعود إلى أحداث خسارة الفلوجة أو الرمادي واستعادتها من قبل الجيش العراقي وقوات الحشد، وإنما يعود إلى أحداث عاشها التنظيم عام 2008، عندما طردت القبائل العراقية ما يسمى بــ "تنظيم داعش".
وأضافت الصحيفة أن هذه الخسارة هي واحدة من أسوأ لحظات التنظيم، لكن استطاع التنظيم إعادة تنظيم صفوفه واغتنام الفوضى في العراق والحرب في سوريا، لإعلان الخلافة.
وأوردت الصحيفة أنه في ذلك الخطاب اعتراف ضمني بأن التنظيم يمر بمرحلة صعبة ويواجه وضعا مأساويا، خاصة بعد إزاحته من سرت الليبية، والتحضير للهجوم على الموصل العراقية والرقة السورية.
ويضاف إلى جملة هذه الخسائر، حادثة مقتل العدناني التي أحدثت فراغا كبيرا في التنظيم.
وتقول الصحيفة إن المسؤولين عن آلة الدعاية في التنظيم يدركون أن جزءا كبيرا من شعبيته ينبع من هالته التي لا تقهر، ولا خيار أمامه سوى البدء في إعداد أتباع التنظيم إلى فقدان أراضيه، وهو أمر، على ما يبدو، لا مفر منه. وفي هذا الغرض نشر تنظيم داعش مقالا في افتتاحية صحيفة النبأ التابعة له، تحت عنوان "أوهام الصليبيين في عصر الخلافة".
ونقلت الصحيفة أنه في مقاطع فيديو نشرت في الأسابيع الأخيرة، حاول قادة تنظيم داعش إقناع أتباعهم بأن الصعوبات التي تعترضهم هي اختبار إلهي، وبالتحديد هو اختبار لدرجة إيمان أتباع تنظيم داعش. وناشد القادة أتباعهم إلى التحلي بالصبر وإظهار قوة إيمانهم.
وفضلا عن ذلك، بعث تنظيم داعش برسائل مماثلة في هذه الأيام على مواقع التواصل الاجتماعي، الفضاء الذي يحتد فيه النقاش بين أنصار التنظيم ويشتد على نحو متزايد في هذه الفترة. وقد تراوحت مواقف الموالين لتنظيم داعش بين اليأس والمناشدة بأن المنظمة مرت بحالات مماثلة وتمكنت من التعافي.
وأضافت الصحيفة أن مؤشرات عديدة تقول إن "الخلافة" على وشك الانهيار، ومن الخطأ الفادح أن نتوقع أي شيء آخر غير الهزيمة لتنظيم داعش. وبالإضافة إلى خسارة الأرض، يواجه التنظيم صعوبات مالية اضطرته إلى خفض أجور عناصره إلى النصف، هذا إلى جانب عدم الوفاء بتسديد منح لأسر القتلى من عناصره.
ونقلت الصحيفة عن آدم زوبين، نائب المستشار المسؤول عن الاستخبارات المالية وشؤون الإرهاب بوزارة الخزانة الأمريكية، أنه "وصلتنا معلومات خلال هذا العام، تفيد بأن تنظيم داعش فشل في دفع التعويض عن مقتل عناصره".
وبالإضافة إلى هذا، أوضح المحلل في مركز كارنيغي للشرق الأوسط، ريناد منصور، أن "السؤال الأهم هو هل يمكن أن يبقى تنظيم داعش على قيد الحياة في حال خسارته لكل الأراضي التي استحوذ عليها؟ ومن المؤكد أنه في حال حدوث هذه الخسارة، لن يبقى التنظيم على حاله وسيفقد صبغته الحالية".
وأضاف ريناد منصور: "لقد شهدنا عمليات انسحاب في الفلوجة وأماكن أخرى. هم يعرفون أنه من الممكن أن يخسروا أراضٍ، إلا أن خسارة العواصم والطرقات الرابطة بين العراق وسوريا سيكون أكثر خطورة".
ويضيف المحلل: "من الممكن أن يغير التنظيم اسمه الرسمي. هم يدركون أنهم يواجهون تهديدا وجوديا. كما يمكن أن يكون هناك تغيير في القيادة، مع إمكانية أن يحدث تقسيم بسبب الأفكار المختلفة حول كيفية التعامل مع العدو، وفي المواجهة مع بعض الفصائل بحجة أنه يجب أن يكون التنظيم الآن أكثر واقعية وأكثر طموحا".
وقالت الصحيفة إن العديد من الخبراء يجتمعون حول أنه كلما كان هناك أكثر تآكل لقدرات تنظيم داعش، كلما لجأ التنظيم إلى شن عمليات في بلدان أخرى.
ويرى منصور أن "التنظيم سيضطر إلى تبني مثل هذه التكتيكات، ليظهر أنه ينشط في المجال الدولي، وهو فعلا ما يلفت انتباه العديد"، مضيفا أنه "عندما يتم استرجاع الموصل والرقة، فسيضطر عناصر تنظيم داعش إلى الهجرة في انتظار فرصة جديدة لملء أي فراغ في السلطة". وفي كل الحالات، فإن تنظيم داعش كما نعرفه اليوم، سيندثر من الوجود.انتهى/س
اضف تعليق