(رويترز) - قضت محكمة جنايات القاهرة يوم الثلاثاء بالسجن المشدد 20 سنة للرئيس المصري المعزول محمد مرسي المنتمي لجماعة الإخوان المسلمين في قضية عنف قتل فيه متظاهرون خلال رئاسته التي استمرت عاما واحدا.
وصدر الحكم على مرسي بعد ثلاث سنوات من انتخابه في أول اقتراع رئاسي حر في أكبر الدول العربية سكانا.
وقضت المحكمة أيضا بالسجن 20 سنة على 12 آخرين من المنتمين والمؤيدين لجماعة الإخوان بينهم القياديان الإخوانيان محمد البلتاجي وعصام العريان كما قضت بالسجن عشر سنوات على اثنين من المتهمين.
وتضمن الحكم وضع المحكوم عليهم تحت مراقبة الشرطة لمدة خمس سنوات بعد انقضاء العقوبة.
ومثل مرسي في قفص الاتهام بينما نطق القاضي أحمد صبري يوسف بالحكم. وأذيعت الجلسة على الهواء مباشرة بالتلفزيون الرسمي.
وأدين مرسي والآخرون بتهم استعراض القوة والعنف والخطف واحتجاز أشخاص وتعذيبهم. لكن قضت المحكمة ببراءتهم من تهمتي القتل العمد وحيازة أسلحة وذخائر بدون ترخيص.
وكان معارضون نظموا مظاهرات أمام قصر الرئاسة في شمال شرق القاهرة في أواخر 2012 احتجاجا على إعلان دستوري أصدره مرسي يوسع سلطاته. واندلعت اشتباكات بين مؤيدين ومعارضين خلال المظاهرات قتل فيها نحو عشرة أشخاص وأصيب آخرون.
وأظهرت تسجيلات مصورة تعرض متظاهرين للاحتجاز والتعذيب بجانب بوابة للقصر الرئاسي. وظهر متظاهرون مناوئون لمرسي والدماء تسيل منهم. لكن جماعة الإخوان المسلمين قالت إن أغلب من قتلوا أعضاء فيها أو مؤيدون لها.
وقال عبد المنعم عبد المقصود محامي جماعة الإخوان وهو قيادي بالجماعة "لا سبيل أمامنا سوى اتخاذ الإجراءات القانونية بالطعن على الحكم. كنا نتمنى البراءة في جميع الاتهامات ولا تعليق على الحكم."
والحكم قابل للطعن عليه أمام محكمة النقض أعلى محكمة مدنية مصرية.
ووصفت منظمة العفو الدولية الحكم بأنه "عدالة صورية.. تبدد أي أوهام متبقية باستقلال ونزاهة النظام القضائي في مصر."
وطالبت في بيان بإعادة محاكمة مرسي أمام محكمة مدنية تستوفي "المعايير الدولية" أو الإفراج عنه.
وقال الشيخ يوسف القرضاوي الذي يعيش في قطر الداعمة لجماعة الإخوان المسلمين "كل يوم تثبت السلطة القضائية في مصر أنها سلطة مسيسة فقدت بأحكامها الجائرة كل مصداقية وكل قيمة لقراراتها وأحكامها. فلم يعد القضاء في مصر سلطة من السلطات الثلاث بل أصبح البلد بكل سلطاته يدار من العسكر" مشيرا إلى قادة الجيش.
وتقول الحكومة إن القضاء المصري مستقل وإنها لا تتدخل في عمله.
وأظهرت لقطات تلفزيونية عددا من المحكوم عليهم يبتسمون ويتبادلون التحية في قفص الاتهام قبل النطق بالحكم. كما أشاروا من القفص الزجاجي بعلامة الأصابع الأربعة التي تشير إلى فض اعتصامين لمؤيدي الجماعة بالقوة في أغسطس آب 2013 سقط خلال فضهما مئات القتلى. وبعد النطق بالحكم هتفوا "الله أكبر".
والحكم هو الأول على مرسي الذي يقول إنه عازم على إنهاء ما يصفه بأنه انقلاب عسكري قاده وزير دفاعه عبد الفتاح السيسي الذي انتخب رئيسا العام الماضي.
ومن بين المحكوم عليهم بالسجن 20 عاما أسعد الشيخة نائب رئيس ديوان رئيس الجمهورية خلال حكم مرسي وأحمد عبد العاطي مدير مكتبه والداعية الإسلامي وجدي غنيم الذي صدر الحكم عليه غيابيا.
وصدر الحكم حضوريا على مرسي والبلتاجي والعريان والشيخة وعبد العاطي وأربعة متهمين آخرين وصدر غيابيا على باقي المتهمين وعددهم ستة.
وقال القيادي البارز في جماعة الإخوان عمرو دراج إن أعضاء شبانا بدأوا يتولون أدوارا قيادية في الجماعة مع تجديدها لنفسها على الرغم من سجن أعضائها على نطاق واسع.
وقال لرويترز في اسطنبول متحدثا بالإنجليزية "الاتجاه العام لجماعة الإخوان أكثر ثورية لأن الجيل الذي يتولى قيادتها شاب وأكثر ثورية وهو يرى ما ستكون عليه مصر إذا لم يفعل ما يتعين عليه فعله."
وأضاف "يمكنكم الآن أن تجدوا أعمارا تتراوح بين 29 و30 عاما تدير (أعمال الجماعة في) محافظة (مصرية)."
وقال أسامة أحد أبناء مرسي إن الحكم لن يكسر إرادة والده وإن والده سيعود للحكم. ووصف والده في تصريحات لرويترز بالرئيس.
وقالت وكالة أنباء الشرق الأوسط إن مرسي أعيد إلى سجن برج العرب القريب من مدينة الإسكندرية الساحلية الذي احتجز فيه أكثر من عام بعد عزله. وأضافت أنه أعيد إلى سجن برج العرب في طائرة هليكوبتر أقلعت من المقر المؤقت للمحكمة في ضواحي القاهرة.
ويواجه مرسي اتهامات في أربع قضايا أخرى تشمل تسريب أسرار عسكرية ووثائق حساسة لقطر وقناة الجزيرة التلفزيونية المملوكة لها والتخابر مع حركة المقاومة الإسلامية الفلسطينية (حماس) لزعزعة استقرار مصر والهروب من سجن خلال انتفاضة 2011 التي أطاحت بالرئيس الأسبق حسني مبارك.
وبعد عزل مرسي شنت الحكومة حملة على جماعة الإخوان التي يقول السيسي إنها جزء من شبكة إرهابية تمثل تهديدا للعالم العربي والغرب.
وتقول الجماعة إن نشاطها سلمي وإنها ستعود للحكم عبر الإرادة الشعبية لكن مظاهرات الاحتجاج التي تنظمها تقلصت. ولم ينزل متظاهرون بعدد كبير إلى الشوارع يوم الثلاثاء رغم الحكم بسجن مرسي الأمر الذي يظهر أن نفوذ الجماعة ضعف.
* الدولة العميقة
ويبدو أن مؤسسات الدولة العميقة -وزارة الداخلية وأجهزة المخابرات والجيش- تفرض قبضتها على البلاد الآن أكثر من أي وقت مضى.
ولم يعد لمرسي أهمية كبيرة الآن حتى بالنسبة للإخوان المسلمين وغض كثير من المصريين الطرف عن مزاعم انتهاك حقوق الإنسان من أجل تحقيق الاستقرار بعد أن انتخبوا السيسي رئيسا.
ومنذ عزل مرسي قدمت السعودية والإمارات العربية المتحدة والكويت وهي الدول التي تعتبر الإخوان خطرا عليها مليارات الدولارات لمصر.
وحكم على مئات من أعضاء ومؤيدي جماعة الإخوان بالإعدام ويواجه آلاف آخرون محاكمات.
وعلى النقيض من الأحكام التي صدرت على إخوان ومؤيدين لهم نال مبارك وابناه علاء وجمال ومسؤولون كبار في حكومته وحزبه ورجال أعمال ربطتهم به صلات وثيقة حريتهم بعد سنوات من المحاكمات في قضايا قتل متظاهرين وفساد. وبدا أن رجال الأعمال من عهد مبارك استعادوا نفوذهم.
وساندت الدول الغربية التي كانت دعت إلى ديمقراطية في مصر السيسي الذي جاء إلى الحكم من الجيش.
وأثارت سياسات مرسي في الحكم غضب مصريين كثيرين رأوا أن جماعة الإخوان المسلمين التي كانت المعارضة الرئيسية لمبارك خلال 30 عاما ولها شعبية بسبب أعمالها الخيرية تسىء استعمال السلطة عبر فرض رؤيتها الإسلامية على دولة يعيش فيها ملايين المسيحيين وملايين المسلمين الليبراليين.
ويقول قانونيون إن المحكوم عليهم بالسجن المشدد لا يستفيدون من أي عفو عن جزء من العقوبة.
اضف تعليق