شكلت نتيجة الانتخابات الرئاسية الامريكية مفاجئة للجميع وقد حاول الكثيرون تفسير ما حدث للوقوف على حقيقة الأمر وكل منهم ذهب في اتجاه، فهناك من وصف فوز ترامب بانه انقلاب للجمهور على النظام الامريكي وهناك من قال بانه انتصار للإباحية أو للفاشية أو التطرف وما شابه ذلك، لكن الجميع اتفقوا بأن ترامب لديه صفة تميزه عن الآخرين وهي عدم امكانية التكهن بأفكاره وأدائه وتوجهاته في السياسة والاقتصاد وقراءتها.
لقد طرح ترامب مواقف متناقضة كثيرة اثناء حملته الانتخابية لا تتلائم حتى مع توجهات الجمهوريين والسياسات الامريكية الكبرى، والأعجب من هذا هو استدارة ترامب عن مواقفه السابقة في اول مؤتمر صحفي عقده بعد اعلان فوزه في الانتخابات وهذا يزيد من حيرة المحللين السياسيين خاصة في منطقة غرب آسيا، فما هي ملامح وطبيعة سياسات ترامب في هذه المنطقة؟ وهل يمكن معرفتها من خلال تحليل مواقفه ودراسة تصريحاته؟
لقد طرح ترامب ومساعدوه مواقف متعددة حيال الكيان الاسرائيلي والسعودية وسوريا والتواجد العسكري في المنطقة ومحاربة داعش وغيرها من القضايا اثناء حملته الانتخابية وبعد فوزه في الانتخابات، ونحن هنا بصدد مراجعة هذه المواقف والتصريحات للإجابة على الاسئلة آنفة الذكر.
1- قضية الأراضي المحتلة والكيان الإسرائيلي
تغيرت مكانة الكيان الاسرائيلي لدى الامريكيين من “تابع” الى “حليف” في الثمانينيات ويعتبر كل رئيس امريكي سواء كان جمهوريا او ديمقراطيا نفسه ملزما بالحفاظ على أمن هذا الكيان.
1- اعلن ترامب بانه يريد اعادة احياء مفاوضات التسوية بين الاسرائيليين والسلطة الفلسطينية ويقول ترامب ان هذه المفاوضات ستكون مباشرة ومن دون وسيط وان امريكا ستكون حيادية فيها.
2- لقد أكد ترامب أثناء حملته الانتخابية على نقل السفارة الامريكية من تل أبيب الى القدس وهو اول رئيس امريكي يعد بذلك.
3- قال ترامب انه سيمنح جزيرة بورتوريكو في البحر الكاريبي للفلسطينيين تعويضا عن فلسطين.
4- قال ترامب في مناظراته الانتخابية ان الديمقراطيين قد ازعجوا أقرب صديق لأمريكا أي الكيان الإسرائيلي.
5- رغم قول ترامب ان امريكا ستكون حيادية لكنه شجع نتنياهو على الاستيطان فبعد فوز ترامب مباشرة اعلن رئيس بلدية القدس المحتلة اصدار تراخيص لبناء 7100 وحدة سكنية للمستوطنيين في القدس.
6- رغم قول ترامب بانه سيرغم حلفاء امريكا في الشرق الاوسط على دفع تكاليف عمليات الجيش الامريكي لكنه في المقابل تحدث عن رفع مستوى المعونات للكيان الاسرائيلي.
7- لقد وصف ترامب النزاع الفلسطيني الاسرائيلي بأنه “حرب لا تنتهي” اثناء حملته الانتخابية لكنه قال مؤخرا بأنه يأمل كوسيط في حصول اتفاق بين الجانبين.
8- فور فوزه بالانتخابات قال ترامب انه يعشق الكيان الاسرائيلي الذي يعتبر الديمقراطية الوحيدة في المنطقة وبارقة أمل لكثير من البشر، حسب زعمه.
9- لقد اعلن ترامب انه سيعين صهره جارد كوشنير (ملياردير يهودي) كممثل خاص للسلام في الشرق الاوسط.
10- بعد فوزه في الانتخابات قال ترامب ان مفاوضات السلام هي أصعب اتفاقية في العالم وتحدث عن موقف حيادي سيتخذه ووعد بأنه سيجرب اطلاق المفاوضات بين الفلسطينيين والاسرائيليين.
11- لقد اكد ترامب بعد انتصاره انه يحب ان يكون الشخص الذي يبرم السلام بين الكيان الإسرائيلي وفلسطين مشددا على انه يستطيع ذلك رغم اقوال البعض بأنها مهمة مستحيلة.
12- بعد القرار الأممي بإدانة ووقف الإستيطان وعدم الفيتو الأمريكي قال ترامب صراحة انه سيغير الاوضاع كليا فور وصوله الى البيت الابيض ولن يعود هناك منبر للفلسطينيين في الامم المتحدة، وكان ترامب قد دعا اوباما لاستخدام الفيتو.
أهم تصريحات ومواقف مستشاري ترامب حول الكيان الإسرائيلي وفلسطين
1- قال مستشار الامن القومي لترامب مايكل فلين في كلمة له في عام 2014 انه يدعم امتناع واشنطن عن لعب دور في احلال السلام بين الكيان الاسرائيلي وفلسطين.
2- يعتقد بعض الخبراء ان فلين غير راغب باحلال السلام بين الكيان الاسرائيلي والفلسطينيين.
3- يعتبر فلين ايران بانها الخطر الوحيد “للسلام المستديم والاستقرار” في الشرق الاوسط ويصفها بأنها الخصم الوحيد في الشرق الاوسط.
4- قال فلين ان تفوق ايران على امريكا في العراق يجبر الدول الأصغر حجما في الشرق الأوسط على الانصياع لايران.
5- يصف مرشح ترامب لمنصب وزير الدفاع “جيمز ماتيس” ايران بأنها أكبر تهديد في المنطقة ويجب مواجهتها بتعزيز العمل المخابراتي مع الاصدقاء والتعاون مع الحلفاء لنشر الدرع الصاروخية وتواجد القوات البحرية الامريكية في المنطقة.
6- تقول كبيرة مستشاري ترامب كاليان كونواي ان نقل السفارة الامريكية من تل ابيب الى القدس هي في مقدمة اولويات ترامب.
7- اعلن ترامب انه سيعين محاميه ومستشاره اليهودي ديفيد فريدمن في منصب السفير الامريكي في الكيان الاسرائيلي، ويعتبر فريدمن القدس عاصمة ابدية للكيان الاسرائيلي.
8- لايعتبر فريدمن الاستيطان عقبة امام احلال السلام.
9- لقد عين ترامب “استيفن بنون” مستشارا للشؤون الاستراتيجية وهو من مناصري الكيان الاسرائيلي.
10 – يعتبر مساعد ترامب “مايكل بنس” مسيحيا متطرفا وقد قال “نوام تشومسكي” ان “الدواعش” يعتبرون ودودين جدا قياسا مع هؤلاء، فهؤلاء يكرهون السود والمسلمين والعمال المهاجرين ويمجدون الشركات الكبرى ويسعون لتغير وجهة محاربة الارهاب الى محاربة المسلمين.
وهكذا يتضح لنا ان الادارة الامريكية القادمة هي ذات توجهات اسرائيلية بشکل اكبر من الادارات السابقة وانها ستسعى الى نشر الفوضى الامريكية “الخلاقة” في غرب آسيا بصورة اكبر من الحكومات الامريكية السابقة وهذا ينذر بسنوات ساخنة في هذه المنطقة لكن التجربة الفاشلة للادارات الامريكية السابقة هي ماثلة امام أعين الأمريكيين وربما تؤدي توجهات ترامب الى إلحاق أضرار أكبر بأمريكا قياسا مع السنين السابقة.انتهى/س
اضف تعليق