نشرت صحيفة لوفيغارو الفرنسية، قبل أيام تقريراً عن القيادي الكبير في تنظيم داعش أحمد (هـ) والذي حصل على حق اللجوء السياسي في فرنسا في العام الماضي بينما هو متهم بارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية. فكيف استطاع العراقي أحمد (هـ) أن يحصل على حق اللجوء السياسي؟
بعد اتهامه من قبل دولته بالانتماء لتنظيم الدولة الإسلامية الذي لم يتورع عن ارتكاب شتى جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية وفق الصحيفة، استطاع هذا الرجل أن يحصل على صفة لاجئ سياسي في فرنسا في شهر حزيران من العام الماضي، وذلك قبل أن يتم وضعه تحت المراقبة من قبل الإدارة العامة للأمن الداخلي الفرنسية. ليتم بعد ذلك توقيفه في شهر آذار من العام الحالي وإسقاط صفة اللاجئ السياسي عنه أخيراً.
وتشير لوفيغارو بأنه وإن كان معلوماً لدينا سابقاً بأن منفذي الهجمات الإرهابية في باريس بتاريخ 13 تشرين الثاني عام 2015 كانوا قد سلكوا طريق المهاجرين في ذلك العام للوصول إلى قلب فرنسا، فإن مسيرة أحمد (هـ) تؤكد من جديد مخاوف أجهزة المخابرات من أن يتم استغلال الإجراءات الإنسانية من قبل الإرهابيين لتحقيق غاياتهم الدنيئة وتنفيذ مخططاتهم الإرهابية.
ويكشف التقرير كيف أن كل قصة أحمد (هـ) قد بدأت في صيف عام 2016 عند وصوله وحيداً إلى منطقة كاليه بعد مسيرة باتت كلاسيكية عبر تركيا مروراً باليونان وأوربا الوسطى والشرقية ثم بالنمسا وألمانيا. حيث تقدم أحمد بطلب لجوء سياسي في مدينة كان في إقليم النورماندي، وعلى ما يبدو فإنه تقدم بطلبه باسمه الحقيقي، والإجراءات بهذا الخصوص واضحة، حيث يتوجه طالب اللجوء بطلبه إلى النافذة الواحدة في مبنى المحافظة مروراً بالمكتب الفرنسي للهجرة والاندماج. وتتم بعد ذلك أخذ بصماته الرقمية ليتم تسجيلها في قاعدة البيانات الأوربية. وبعد ذلك يقوم المكتب الفرنسي لحماية اللاجئين وعديمي الجنسية بدراسة طلب اللجوء واستدعاء طالب اللجوء للمقابلة. لكن وبعد الهجمات الإرهابية التي تعرضت لها فرنسا سنة 2015، فإن طلبات رعايا عدة دول، تم وضعها على قائمة الدول "الحساسة" بما في ذلك سوريا و العراق، باتت تخضع للتحقق من قبل أجهزة المخابرات الفرنسية للتأكد فيما إذا كان قد سبق وأن تم الإبلاغ عنهم أم لا. وبطبيعة الحال فقد اتبع نفس الإجراء آنذاك مع طلب أحمد (هـ)، لكن المدعو لم يكن قد تم الإبلاغ عنه في ذلك الحين. وبذلك استطاع أحمد أن يحصل على صفة اللاجئ السياسي في شهر حزيران عام 2017 وأن يحصل بالتالي على كرت إقامة لمدة عشر سنوات.
بعد حصوله على الحماية الدولية ببضعة أسابيع، تم إبلاغ الإدارة العامة للأمن الداخلي الفرنسية بأن المدعو أحمد (هـ) مطلوب للعدالة العراقية وهو حاصل على حق الحماية في فرنسا. وبعد ذلك تم وضعه تحت المراقبة، لكن هذه المراقبة لم تثبت بشكل أو بآخر بأن أحمد يقوم بالتحضير لعمل إرهابي ما في فرنسا، ولا حتى بأنه قد انضم إلى الحركة الأصولية في البلاد. وفي شهر أيلول من عام 2017، فتحت نيابة مكافحة الإرهاب تحقيقاً أولياً حول الأفعال التي نسبتها الدولة العراقية لأحمد. فبحسب بغداد، كان أحمد (هـ) مسؤولاً إقليمياً في تنظيم داعش، وقد شارك المدعو في المذبحة التي ارتكبها تنظيم داعش في شهر حزيران من عام 2014 في مدينة تكريت، مسقط رأس الرئيس العراقي السابق صدام_حسين، والتي راح ضحيتها حوالي 1700 مجند عراقي. وبناءً عليه تم فتح تحقيق قضائي في شهر تشرين الثاني من العام ذاته، وأسندت المهمة في هذا التحقيق إلى قضاة من وحدة مكافحة الإرهاب وآخرين من وحدة جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية. وهو التعاون الأول من نوعه بعد التعاون السابق بين قضاة مكافحة الإرهاب والقضاة الماليين.
وفي السادس من شهر آذار من العام الحالي، تم إلقاء القبض على أحمد (هـ) في مدينة ليزيو ووضعه في الحجز لتتم محاكمته وسجنه نظراً لما يشكله ملفه الشخصي ووجوده على الأراضي الفرنسية من خطر محتمل. واليوم تتم ملاحقته بتهمة القتل العمد وارتباطه بمنظمة إرهابية مجرمة إضافةً إلى اتهامه بارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية. الرجل من جانبه نفى كل التهم الموجهة إليه من قبل بغداد. وفي شهر أيار الماضي، قام المكتب الفرنسي لحماية اللاجئين وعديمي الجنسية بإسقاط صفة اللاجئ السياسي عن أحمد استناداً لأحكام اتفاقية جنيف والتي تستهدف الجرائم الخطيرة التي ارتكبها طالب اللجوء في بلده الأصلي. والجدير بالذكر أنه قد تم في عام 2015 إضافة بند جديد يسمح بسحب صفة اللاجئ من الأشخاص الذين يشكلون خطراً كبيراً على الأمن الوطني. حيث تم إسقاط حق اللجوء عن ثمانية عشر شخصاً عام 2016 وعن خمسة عشر شخصاً عام 2017 بموجب البند الجديد.
وعند مناقشة مشروع قانون الهجرة الجديد منذ شهرين، تقدم بعض النواب من اليمين باقتراح، تم رفضه، يقضي بسحب حق اللجوء من كل من يشتبه بتطرفه. من جهته أكد وزير الداخلية الفرنسي على التعاون الوثيق بين المكتب الفرنسي لحماية اللاجئين وعديمي الجنسية والإدارة العامة للأمن الداخلي، مشيراً إلى أنه همهم الأول هو حماية الأراضي الفرنسية. ورداً على حالة أحمد (هـ)، أكد وزير الداخلية بأن الوزارة تسعى جاهدةً لتحليل الملفات الشخصية لكافة طالبي اللجوء.انتهى/س
اضف تعليق