اتهم الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ألمانيا بأنها "أسيرة" لروسيا، وذلك أثناء اجتماع قادة غربيين في بروكسل، اليوم الاربعاء، للمشاركة في قمة حلف شمال الأطلسي الذي يريد ترامب من الدول الأوروبية زيادة مساهماتها فيه.
وفي هجوم علني شرس على ألمانيا صاحبة ثاني أكبر اقتصاد في حلف شمال الأطلسي قال ترامب لينس ستولتنبرج الأمين العام للحلف إن من الخطأ أن تدعم ألمانيا مشروع خط أنابيب غاز في بحر البلطيق تبلغ تكلفته 11 مليار دولار لاستيراد الغاز الروسي في حين تتباطأ في رفع مساهماتها في الإنفاق الدفاعي للحلف، المفترض أن يحمي أوروبا من روسيا، إلى المستوى المستهدف.
وقال ترامب في حضور صحفيين في اجتماع قبل القمة في مقر إقامة السفير الأمريكي في بلجيكا "من المفترض أن نحمي أنفسنا من روسيا وألمانيا تذهب لدفع مليارات ومليارات الدولارات سنويا لروسيا".
ولكن تصريحاته، التي بدا أنها تبالغ بشدة في تقدير اعتماد ألمانيا على الطاقة الروسية وقال فيها "ألمانيا تتحكم فيها روسيا بالكامل" أدت إلى رد لاذع من المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل التي وصلت إلى القمة في وقت لاحق.
وقالت عن فترة شبابها في ألمانيا الشرقية الشيوعية "خبرت بنفسي كيف كان جزء من ألمانيا يسيطر عليه الاتحاد السوفيتي".
وأضافت "يسعدني للغاية أننا الآن متحدون ... ونتيجة لذلك يمكننا القول إن بإمكاننا وضع سياساتنا المستقلة واتخاذ قراراتنا بشكل مستقل".
ودافعت كذلك عن إسهام ألمانيا في الحلف الذي يقول ترامب إنه يحمل دافعي الضرائب الأمريكيين العبء الأكبر.
وإلى جانب تقدير ترامب لحصة الطاقة الروسية من الاستهلاك الألماني عند مستوى 70 بالمئة في حين أنها في حقيقة الأمر 20 بالمئة فقط، بدا أن ترامب يشير إلى مشروع خط أنابيب (نورث ستريم2) باعتباره مشروعا عاما في حين تؤكد ميركل على أنه مشروع تجاري خاص.
ونظرا إلى تصاعد التوترات بالفعل داخل الحلف الدفاعي الغربي بسبب مطالبة ترامب بمساهمات أكبر لتخفيف العبء عن كاهل دافعي الضرائب الأمريكيين وبسبب موقفه الوطني الذي أثار خلافات تجارية تهدد النمو الاقتصادي في أوروبا، قد يكون من شأن هذه التصريحات الأخيرة إثارة قلق الحلفاء بشأن دور الولايات المتحدة في الحفاظ على السلام السائد منذ الحرب العالمية الثانية.
وتحدث الأمين العام للحلف بصراحة عن أثر انتقاد ترامب على الحلفاء الغربيين على مستوى أوسع نطاقا وأشار إلى قضايا لا علاقة لها بالحلف مثل التجارة إذ يشعر ترامب بالغضب من العجز التجاري الأمريكي مع الاتحاد الأوروبي.
وقال ستولتنبرج في منتدى على هامش القمة "هناك خلافات بشأن التجارة. وهذا أمر خطير. مهمتي هي محاولة خفض الأثر السلبي على حلف شمال الأطلسي".
وأضاف "حتى الآن لم يؤثر ذلك على الحلف بدرجة كبيرة ولا يمكنني ضمان ألا يحدث ذلك في المستقبل. الرباط عبر المحيط الأطلسي ليس واحدا بل روابط عديدة بعضها نال منه الضعف".
الاعتماد على روسيا
قال ترامب إن ألمانيا أغلقت محطات كهرباء تعمل بالفحم والطاقة النووية لاعتبارات بيئية وزادت اعتمادها، مثل العديد من الدول الأوروبية الأخرى، على الغاز الروسي.
وأضاف "نحن نحمي ألمانيا ونحمي فرنسا ونحمي كل هذه الدول. وبعد ذلك تبرم عدة دول اتفاقا على خط أنابيب مع روسيا تدفع فيه مليارات الدولارات التي تدخل خزائن روسيا ... أعتقد أن هذا غير ملائم على الإطلاق".
وكانت ميركل قد قدمت الدعم السياسي لخط أنابيب (نورث ستريم2) لاستيراد المزيد من الغاز رغم انتقادات من بعض حكومات الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي. لكن برلين تشدد على أن خط الأنابيب مشروع تجاري خاص لا ينفق عليه من المال العام.
وقال ترامب "إذا نظرت للأمر تجد أن ألمانيا أسيرة لروسيا. فقد تخلصت من محطات الفحم وتخلصت من المحطات النووية وتحصل على الكثير من احتياجاتها من النفط والغاز من روسيا. أعتقد أن هذا أمر يتعين على حلف شمال الأطلسي دراسته".
وجدد ترامب دعوته لأعضاء آخرين بالحلف، منهم ألمانيا، لدفع المزيد للحلف بعد سنوات من تحمل دافعي الضرائب الأمريكيين لما يقول إنها حصة "غير عادلة" من الإنفاق الدفاعي.
وقال "يتعين زيادة (المدفوعات) على الفور. ألمانيا دولة غنية وتتحدث عن زيادة طفيفة بحلول 2030. حسنا بإمكانها زيادتها على الفور، غدا، دون أن تواجه أي مشكلة".
"لسنا اسرى"
رد وزير الخارجية الألماني هايكو ماس الأربعاء على وصف الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لبرلين بأنها "أسيرة" لروسيا قائلا "لسنا أسرى" لروسيا أو أمريكا.
وقال للصحفيين على هامش قمة حلف شمال الأطلسي في بروكسل "لسنا أسرى لا لروسيا ولا للولايات المتحدة. وأضاف "نحن إحدى (الدول) الضامنة للعالم الحر وسنبقى كذلك".
وذكر أن برلين تعتزم زيادة الإنفاق العسكري بمعدل يصل إلى 80 في المئة بحلول عام 2024.
وانطلقت في بروكسل، اليوم، قمة الدول الأعضاء في حلف الناتو وسط توقعات بأن تكون مشحونة بالتوتر، وخاصة بين واشنطن وحلفائها الأوروبيين على خلفية الخلافات في مجال الاقتصاد والإنفاق العسكري.
وقال الأمين العام للناتو ينس ستولتنبرغ اليوم خلال منتدى أمني نظم على هامش القمة، إن "الحلف يعمل حاليا في ظروف البيئة الأمنية المتغيرة، حيث تواجهه تحديات متعلقة بروسيا شرقا، وأخرى متعلقة بالشرق الأوسط وشمال أفريقيا جنوبا".
وأقر ستولتنبرغ بوجود "خلافات وآراء مختلفة بين الحلفاء" حول سبل الاستجابة لبيئة أمنية معقدة كهذه، معتبرا أنه من المهم أن تظهر القمة أن ذلك لا يمنعهم من الوفاء بالتزاماتهم واتخاذ القرارات الضرورية في جو من النقاش الصريح.
المصدر: وكالات
ت: خ
اضف تعليق