بينما يأفل نجم تنظيم "داعش"، بعدما تعرض لضربات قوية، وفقد معظم معاقله الرئيسة وأراضيه، يطل تنظيم إرهابي قد يكون أكثر شراسة وعنفاً منه برأسه، وهو تنظيم "أنصار البخاري" الذي بدأ ينمو ويتطور في أفريقيا.
وتشير بعض التقديرات إلى أن القارة السمراء تضم أكثر من 60 منظمة وجماعة إرهابية. وتتيح المناطق الهشة التي تفتقد إلى سيطرة الحكومات، مساحات شاسعة لنشاط التنظيمات المتطرفة. وقد تشكل عناصر تلك التنظيمات المتطرفة، إضافة إلى الفقر والصراعات القبلية والعرقية في أفريقيا، مادة خاماً ثرية لبناء التنظيم الإرهابي الجديد.
وفيما تتفاوت آراء الخبراء في شؤون الحركات الوهابية الارهابية، في شأن مدى التأثير المتوقع لهذه الجماعة، التي ما زالت في طور النمو، ولم تتضح قدراتها بعد، هناك مؤشرات لانتشار عناصرها في عدد من الدول الأفريقية، وهو ما يكشف عن أنها نواة لتنظيم قد يشكل حجمه مفاجأة صادمة.
ضرب العمق العربي
يقول منير أديب، الخبير في شؤون الجماعات الوهابية والإرهاب الدولي لـ"النهار": "إن أنصار البخاري هو تنظيم موجود في إفريقيا عموماً، قد يكون له ذيول في إريتريا، والصومال، ونيجيريا. وتكونت هذه الجماعة من بقايا عناصر داعش والقاعدة، ويتم دعمها مالياً من قبل قطر". حسب قوله.
ويضيف أديب أن "الحركات الإسلامية، لا سيما المسلحة منها، كانت وما زالت تحصل على تمويل من الدوحة، التي تقدم لها إلى جانب الأموال، دعماً يتمثل في استضافة أمرائها وقادتها على أراضيها، أو من خلال وسائل الإعلام القطرية لمحاولة إقناع الناس بأن هذه التنظيمات تطالب بالشرعية".
ويوضح: "هناك رجل يدعى عبد الرحمن النعيمي، وهو قطري الجنسية، وضعته دول الرباعي العربي: الإمارات، والسعودية، ومصر، والبحرين، على قوائم الإرهاب، لقيامه بتمويل تنظيمات جهادية، وقد تورط أيضا في دعم أنصار البخاري". أما "الهدف من هذا التنظيم فهو شن حملات في العمق العربي" و"أعتقد أنه نشط بشكل كبير في ليبيا، وهو بلد مرتبط بأفريقيا بشكل كبير، كما له حدود طويلة جدا (قرابة 1000 كيلومتر) مع مصر. وتمركزه الأساسي في أفريقيا".
البغدادي مؤسساً
ويرى عمرو فاروق، الباحث في شؤون الحركات الإسلامية أن "المساعي لتشكيل التنظيم الجديد تهدف إلى نقل الصراع من آسيا إلى أفريقيا". ويقول لـصحيفة النهار اللبنانية: "إن هذا يخدم مصالح الدول الراعية للإرهاب، لا سيما قطر وتركيا. أنصار البخاري سيكون على غرار داعش. تم نقل أبو بكر البغدادي (زعيم داعش)، في بدايات العام 2017، إلى الحدود التركية ثم ليبيا، ومنها إلى الصومال، وتم تكليفه بتشكيل التنظيم الجديد".
وعلى ذمته نكمل "مهمة البغدادي في توحيد التنظيمات التكفيرية، واجتذاب أكبر عدد من عناصرها إلى الجماعة الجديدة، إضافة إلى وضع الأسس التنظيمية، واختيار مجلس شوري التنظيم". ويشير إلى أن "الهدف من إنشاء أنصار البخاري هو استمرا هو إثارة الفوضى والاضطراب داخل القارة الإفريقية من أجل استهداف وتهديد وحدة عدد من الدول العربية".
بيئة قاعدية
ولا يرى أحمد كامل البحيري، الخبير في الإرهاب بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، أن أنصار البخاري لديه القدرة على أن يحل مكان "داعش" ويقول لـ"النهار": "معظم التنظيمات التي ظهرت خلال العام الماضي، والتي تحمل أسماء متباينة، بايعت تنظيم القاعدة، على المستوى الفكري، ولم يتم إعلان قبول البيعة من القاعدة...ومن غير المستبعد أن تكون بعض الدول تسعى إلى إنشاء كيان إرهابي جديد".
ويضف: "الثالث هو ما يسمى بمسار القرن الإفريقي، وهذا المسار أيضا مستبعد لأن هذه المنطقة باتت مليئة بالقواعد العسكرية، الأميركية، والإماراتية، والصينية، والتركية، وغيرها، كما أنها باتت منطقة نفوذ اقتصادي لعدد من الدول مثل الصين، والسعودية، وتركيا، وهذه الدول ستكون حريصة جدا على مصالحها ولن تسمح بمرور عناصر تلك الجماعات عبر القرن الإفريقي".
ويشير البحيري إلى أن "الصومال هي بيئة قاعدية وليست بيئة داعشية. أغلب الجماعات الموجودة في الصومال والبلدان المحيطة بها وفي القرن الإفريقي هي تابعة للقاعدة، وحتى التي تنتمي لداعش منها، فهي خرجت في الأساس من عباءة القاعدة، وبالتالي من المستبعد أن تكون هذه المنطقة مناسبة لتأسيس تنظيم أنصار البخاري... لكن لو تحدثنا عن الدول المؤهلة لهذا، بل ولاستقبال الجماعات التي كانت تعمل سوريا والعراق جميعا، فإنها دول الساحل والصحراء وغرب إفريقيا، وهناك يوجد بالفعل تنظيم بوكو حرام، والكثير من التنظيمات التابعة لداعش"، و"حتى محاولات فرنسا للسيطرة على هذه المنطقة، واجهت صعوبات كبيرة، لأنها منطقة شاسعة لا يمكن السيطرة عليها، إضافة إلى سهولة الوصوول إليها، خاصة عبر ليبيا التي لم تعد خاضعة لسيطرة حكومة قوية".
مجرد أسماء
ويقول عمرو عبد المنعم، الباحث في شؤون الحركات الإسلامية: "إن الكلمة التي ألقاها زعيم تنظيم القاعدة أيمن الظواهري، الثلاثاء، كانت واضحة، وتحمل رسالة وشفرة لعناصر القاعد بأن عليهم الانتقال إلى شرق إفريقيا، وهذا متوقع، فالفراغ لا بد أن يملأ، والمناطق التي لا يوجد بها حكومات أو مؤسسات تستطيع حمايتها تملأ بتلك الجماعات". انتهى/خ.
اضف تعليق