وكالة النبأ للأخبار/ متابعة:
"ليس هناك ما يدعو للعجب؛ فما قمت به في ذلك اليوم شيء عادي"، التصريح الغريب هذا هو للرئيس السوداني السابق سوار الذهب، الذي ضرب مثلاً فريداً في الزهد في المناصب، حين تخلى عن رئاسة السودان طواعية عام 1986.
ومقارنة برؤساء عرب، تسببوا بمقتل وتشريد عشرات الملايين من أبناء شعبهم بسبب عدم الاستجابة لمطالب شعوبهم المتمثلة بتخليهم عن المنصب، فإن قرار سوار الذهب بالتخلي عن السلطة يمثل حالة فريدة يحتذى بها.
وتأتي استعادة ذكرى زهد الرئيس السوداني السابق بالسلطة، لرحيله عن الدنيا، امس الخميس (18 أكتوبر 2018)، بالمستشفى العسكري في العاصمة السعودية الرياض، عن عمر ناهز 83 عاماً.
سوار الذهب.. سيرة تُدَرّس
ولد عبد الرحمن محمد حسن سوار الذهب، في مدينة الأبيض، عاصمة شمال كردفان وسط السودان عام 1935.
تلقى تعليمه الابتدائي في الأبيض، ثم الثانوي في مدرسة خور طقت الثانوية، قبل أن يلتحق بالكلية الحربية "الدفعة السابعة".
حصل على الماجستير في العلوم العسكرية من جامعة مسلم العسكرية، وزمالة كلية الحرب العليا من أكاديمية ناصر العسكرية العليا بالقاهرة.
تخرج سوار الذهب ضابطاً في القوات المسلحة السودانية يوم 8 أكتوبر 1955، وتدرج في الرتب العسكرية حتى وصل إلى رتبة فريق أول بالقوات المسلحة السودانية ثم رتبة المشير.
شارك المشير الراحل في عدد من الدورات الدراسية العسكرية في بريطانيا والولايات المتحدة والأردن.
اشتهر سوار الذهب بكونه ضابطاً عسكرياً محترفاً، وعلى قدر عال من الكفاءة، لكنه عرف بتدينه الشديد، دون أن يُعرف له انتماء سياسي لأي فصيل أو جماعة سياسية أو طائفة بالسودان.
أهلته كفاءته لشغل منصب رئيس هيئة أركان الجيش السوداني، ثم ما لبث أن اختير وزيراً للدفاع في عهد الرئيس جعفر النميري عام 1985.
وفي العام ذاته عين قائداً أعلى للقوات المسلحة السودانية مع تمديد فترة عمله بالجيش سنة؛ حسب قرار من رئيس الجمهورية.
جرى إبعاده في السبعينيات من قبل سلطات الرئيس جعفر النميري دونما أسباب حقيقية لذلك الإبعاد.
مارس سوار الذهب العمل السياسي من خلال رئاسته لحكومة السودان الانتقالية بعد الإطاحة بحكومة جعفر النميري على يد ضباط بينهم الفريق تاج الدين، واللواء عثمان عبد الله، وترأس المجلس الانتقالي حتى تسليم السلطة إلى حكومة منتخبة برئاسة الصادق المهدي، ورئيس مجلس السيادة أحمد الميرغني، وذلك يوم 4 أبريل 1985.
وأصبحت تجربة سوار الذهب في الحكم وتفضيله الاعتزال على التمسك بالسلطة مثار إشادة من مختلف السياسيين والمثقفين؛ باعتبارها خطوة نادرة في الثقافة العربية، خاصة بعد اندلاع ثورات الربيع العربي.
بعد الاعتزال، تفرغ سوار الذهب لأعمال الدعوة الإسلامية من خلال منظمة الدعوة الإسلامية كأمين عام لمجلس أمنائها.
فقد رأس مجلس أمناء منظمة الدعوة الإسلامية في السودان، التي كان من إنجازاتها تشييد أكثر من 55 مدرسة ثانوية، و150 مدرسة ابتدائية ومتوسطة، وتشييد أكثر من 2000 مسجد في أفريقيا وشرق أوروبا، إلى جانب حفر أكثر من 1000 بئر للمياه، وتشييد 6 ملاجئ للأيتام والإشراف عليها في أفريقيا.
اختير نائباً لرئيس المجلس الإسلامي العالمي للدعوة في القاهرة، ثم نائباً لرئيس الهيئة الإسلامية العالمية في الكويت، ونائباً لرئيس "ائتلاف الخير" في لبنان، ونائباً لرئيس أمناء مؤسسة القدس الدولية، وعضواً ضمن الوفد العالمي للسلام بين العراق وإيران.
الجوائز والأوسمة
حاز سوار الذهب جائزة الملك فيصل لخدمة الإسلام عام 2004؛ تقديراً لجهوده من خلال رئاسته لمجلس أمناء منظمة الدعوة الإسلامية في السودان، فضلاً عن نيله عدداً من الأوسمة والنياشين العسكرية في الجيش السوداني.
يوصف المشير عبد الرحمن محمد حسن سوار الذهب في بلده بالوفي والأمين؛ بعدما قرر- وهو وزير للدفاع وقائد عام للجيش السوداني- أن يسلم السلطة طواعية إلى حكومة مدنية، بعد عام انتقالي أشرف فيه على انتخابات عامة في البلاد، وهو ما جعل العالم مندهشاً من تصرفه خاصة في المنطقتين العربية والأفريقية. انتهى/خ.
اضف تعليق