لعبت مواقع التواصل الاجتماعي دورا كبيرا خلال الاحتجاجات التي شهدتها بعض الدول العربية عام 2011، فيما بات يعرف باسم "الربيع العربي"، ويبدو أنها عادت إلى لعب دور بارز في موجة "احتجاجات السترات الصفراء" التي هزت فرنسا مؤخرا.
ففي عام 2011، أطلق الخبير التقني كريسي تايلور من خلال مقال نشره على موقع Mashable مصطلح "ثورة الفيسبوك" مستوحيا إياه من حركات الاحتجاج في العالم العربي، فيما أكد الخبير الأكاديمي بجامعة واشنطن، فيليب هوارد، أن شبكات التواصل الاجتماعي ساهمت بشكل كبير في رفع التوقعات بشأن الانتفاضات التي شهدتها بعض الدول في شمال أفريقيا والشرق الأوسط.
وفي نهاية عام 2011 ، ساهم موقع "فيسبوك"، من خلال نشطاء، في تأجيج الاحتجاجات التي شهدتها روسيا، بعد أن اتهمت المعارضة السلطات بـ"تزوير" نتائج الانتخابات البرلمانية، مما دفع الرئيس الروسي فلاديمير بوتن إلى اتهام واشنطن بشكل غير مباشر أنها وراء تلك الحملات الإلكترونية، وفقا لموقع "بلومبيرغ".
وبعد نحو سبع سنوات عاد "فيسبوك" وشبكات التواصل الاجتماعي لـ"تكرار" ما حدث خلال ما سمي بالربيع العربي والاحتجاجات الروسية، ولكن هذه المرة في دولة مثل فرنسا التي من الصعب وصفها بأنها "بلد ديكتاتوري"، وبالتالي لا يوجد سبب لإطلاق "ثورة ربيع" هناك.
ويستدل موقع "بلومبيرغ" في ذلك الرأي على أن الاحتجاجات التي تشهدها فرنسا بدأت بعد قرار الحكومة الحكومة الفرنسية برفع الضرائب بواقع 6.5 سنت على كل لتر ديزل، و 2.9 سنت لكل لتر على البنزين.
ويرى كاتب المقال "ليونيد بيرشيدسكي" أنه بالنسبة لشخص يملأ خزان سعة 50 لترًا بالديزل كل أسبوع ، فإن ذلك يكلفه فقط 13 يورو (15 دولارًا) شهريًا بتكاليف إضافية، أي أقل من ثمن وجبتين في أحد مطاعم الوجبات السريعة، مما يعني أن "ذلك الأمر لا يستدعي كل ذلك الغضب والثوران".
وكانت الاحتجاجات انطقلت في 17 نوفمبر، بعد أن جرى التنسيق والتحضير لها عبر منصات التواصل الاجتماعي، لتأليب الناس في جميع أنحاء فرنسا بغرض إعاقة وسد الطرقات الموصلة إلى مراكز التسوق والمصانع وبعض مستودعات الوقود، في حين أعرب بعض الخبراء عن قلقهم من أن أن الجماعات اليمينية المتطرفة العنيفة واليسارية الراديكالية ربما تكون قد اخترقت حركة الاحتجاجات.
"أوهام فيسبوك"
وهنا يؤكد بيرشيدسكي أن مجتمعا حرا مثل فرنسا لا يستطيع أن يحظر الفيسبوك، مشيرا إلى مفارقة في هذا الأمر بأن "فيسبوك" أضحى عاجزا عن تشكيل أي تهديد للأنظمة التي أجادت "فن التلاعب" بالرأي العام عبر المنصات من خلال عدة إجراءات كالدعاية المضادة وتصيد الأخطاء وتقنيات الخوف ضد النشطاء على شبكات التواصل الاجتماعي.
ويردف: " فرنسا لا يمكنها اللجوء إلى مثل هذه التقنيات. وهذا يعني المزيد من العمل للشرطة واتخاذ قرارات أكثر صرامة للسياسيين الذين يرفضون الخضوع لـ(الغوغاء) من اليمين المتطرف واليسار العنيف المدعومين بالشبكات الاجتماعية، بغية تحقيق الفوز في الانتخابات المقبلة.
وباعتبار أن حركات الاحتجاجات، والكلام لبيرشيدسكي، لا يوجد لها قيادات واضحة، فإن تلك الاضطرابات جرى استغلالها من قيادات متطرفة، تشجع على تقديم طلبات لإسقاط حكومة منتخبة، رغم أن الشعب لم ينتخب "قادة ثورة الفيسبوك"، ويبدو ذلك من خلال الدعوات التي وصلت إلى المطالبة باستقالة الرئيس الفرنسي إيمانول ماكرون وحل البرلمان، وهنا يؤكد الأكاديمي فريدريك فيلوكس أن فيسبوك قد تحول إلى "مكبر صوت للراديكاليين لتأجيج الجماهير".
ويختم بيرشيدسكي كلامه: " لا نستطيع الجزم فيما إذا كانت مسألة رفع الضرائب قد قامت على أسس حقيقية، أو أن فيسبوك لعب دورا في ذلك، فالقضية تحتاج إلى مزيد من الدراسات بطرق علمية دقيقة، ومع ذلك يمكن القول إنه قد حان الوقت للتخلص من أي أوهام بشأن أي أدوار إيجابية يمكن تلعبها الشبكات الاجتماعية في تعزيز الديمقراطية والحرية".انتهى/س
المصدر/ وكالات
اضف تعليق