في ذلك المكان النائي من العالم والواقع في احدى بقاع الارض البعيدة حدث ما لم يكن في حسابات الكثيرين والذي قد يضن البعض انها خارج الحسابات السياسية والاجتماعية المؤثرة في الساحة العالمية.
ففي يوم وصف بالدام نال هجوم ارهابي من مسلمي نيوزلندا هذه الدولة التي تقع تحت وصاية التاج البريطاني، حيث وقع عشرات الضحايا ما بين قتيل وجريح على ايدي يميني متطرف استرالي الجنسية اعد العدة بوقت طويل وخطط له بعيدا عن انظار السلطات هناك حتى انه نشر مقطع فيديو صور بها عمليته الارهابية وبثها للعالم.
يقول الكاتب الصحفي حسن السباعي في مقال، "لقد صُدِم العالم يوم الجمعة ١٥ مارس إثر سماعه ماحدث في نيوزيلندا تلك البقعة البعيدة التي بالكاد يذكر اسمها في نشرات الأخبار وها هي اليوم تتصدر قوائم الأخبار العالمية".
ويضيف السباعي، "وقد كتب الارهابي عن نفسه أنه بدأ في التخطيط لهجوم ما كـرد فعل لما حدث عام 2017 عند ذهابه إلى أوروبا، حيث أغضبه الهجوم الإرهابي بشاحنة هناك نفذه أحد المتفاعلين مع داعش في السويد".
ويرى السباعي ان "دواعي منفذ الحادثة إيديولوجية بحتة في مواجهة إيديولوجية مناوئة أخرى متمثلة بتنظيم الدولة الإسلامية "داعش"، أو ما شابهها من إيديولوجيات دينية مخالفة لفكره".
ومن زاوية أخرى، يقول الكاتب "أثار السيناتور الأسترالي فرايزر أنينغ، ضجة كبيرة بعد تبريره في بيان الهجوم الإرهابي على المسجدين في نيوزيلندا ،حيث قال "لنكن واضحين، ربما يكون المسلمون ضحية اليوم.. لكن في العادة هم المنفذون". وقال ايضا "الدين الإسلامي ببساطة.. هو أصل وأيديولوجية العنف من القرن السادس، فقد برر الحروب اللانهائية ضد كل من يعارضه ويدعو لقتل غير المؤمنين به".
ويشير السباعي الى انه "وكـ نتيجة لهذا الفكر وأمثاله فإن الأبرياء العزل هم ضحايا صراع بين الإيدويولوجيات"، واعطى مثالا على ذلك ونموذجه نحر طفل شيعي في المدينة المنورة بواسطة فرد يحمل إيديولوجية دينية".
واوضح السباعي ان هذه المقالة ليست بصدد مناقشة أي إيديولوجية من الإيدويولوجيات أو الأفكار، وهل هي مرفوضة أم مقبولة ظاهراً وباطناً إنما هو بصدد لفت الأنظار إلى فكرة نفي الإيدويولوجيات كلها في الحياة اليومية، وذلك من خلال تسليط الضوء على كلمة الإمام الحسين عليه السلام التي أطلقها في ذروة المعركة يوم عاشوراء مخاطباً جيش العدو: "إن لم يكن لكم دين، وكُنتُم لا تخافون المعاد، فكونوا أحرارا في دنياكم"
ويلفت الكاتب الصحفي الى ان "هذه الكلمة التي يحق لها بجدارة أن تُعَنوَن بـ "إيديولوجية نفي الإيديولوجيات" حيث إنها نفت وصهرت جميع الإعتبارات والإنتماءات والحدود المذهبية والطائفية والقومية والعشائرية والسياسية والاجتماعية".
ونوه السباعي الى، ان "لقد أصدر الإمام الحسين عليه السلام كلمته هذه حينما رأى أفراد العدو يتوجهون لمواجهة الأطفال والنساء العزّل في الخيام، وهذين الصنفين لا دخل لهم في الحرب حسب كل الأعراف البشرية بل لا ينبغي محاربة أي شخص مهما حمل من فكر ومعتقد مناوئ ما لم يعلن الحرب".
ويتابع إن الإمام الحسين عليه السلام جاء ليخاطب هذا الإنسان ويقول له؛ إن كنت معتقدا بشيء، أو إن لم تكن معتقد بشيء وترى أن الحياة لا تتعدى الحياة والموت، ولا يهلكك إلا الدهر، فكن حرّاً وكريماً وسعيداً، ولا تنزل إلى الحضيض بقتل الأبرياء.
ويؤكد الكاتب بقوله "إن مقولة السيناتور الأسترالي الذي يتهم الإسلام بأنه الحامل لإيديولوجية العنف إنما جاء ناقصاً أو محرفاً أو بعبارة أدق هي نصف الحقيقية؛ ذلك لأن إيديولوجية العنف هذه ظهرت بعد وفاة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم"، موضحا "حينما تنمرت جماعة على خليفته الحقيقي وابنته الوحيدة لاستلام ولاية وإمرة جماعة المسلمين تارة بحد السيف وإراقة الدماء، وتارة أخرى بطرق الترهيب والترغيب".
يقول راجي أنور هيفا، "إن إبعاد الإمام علي عليه السلام عن الخلافة وتجاهل ما حدث في يوم الغدير الأغر، واللجوء إلى سياسة العنف والإرهاب وإجبار الناس على البيعة هو الفاتحة الحقيقية لحركات العنف في الإسلام.
ويتوصل هيفا الى حقيقة مفادها "وما العنف الذي تشهده الساحات الإسلامية اليوم في عملية الحوار الدامي بين المسلمين أنفسهم من جهة وبين المسلمين والغرب من جهةٍ أخرى، إلا النتيجة الطبيعية لعملية إغتيال قضية الإمام علي عليه السلام".
ويؤمن السباعي ان "حل أزمة العنف القائم في العالم والصادر عن أصحاب الإيديولوجيات المختلفة هو نشر رسالة سيد الشهداء الامام الحسين عليه السلام، "إلغاء الإيديولوجية في التعامل في الحياة العامة" وذلك بوضع حياة حرة خالية من جميع الانتماءات الفكرية، والتعامل كـ بشر لا بمنحنى ديني ولا إيديولوجي ولا عنصري وهو المتمثل بـ " كونوا أحراراً في دنياكم".
يذكر إن 49 مصليا مسلما فقدوا حياتهم وأصيب العشرات في نيوزلندا يوم الجمعة 15/مارس الجاري في هجوم مسلح على يد أحد المتطرفين الذي أعلن عن أنه يحمل الجنسية الاسترالية، والذي قام بتصوير الهجوم أثناء قتله للمصلين وبثه بدم بارد وهو يعلن عن إنجاز المهمة ببساطة ودون أي صعوبات.
اضف تعليق