قبل بضعة اشهر، كان السناتور تيد كروز القادم من تكساس، مرشحا جمهوريا بين آخرين، وكان دونالد ترامب يشيد بمواقفه الحازمة ضد حكومة الرئيس باراك اوباما، لكنه تمكن من هزم ترامب، مرشح الحزب الاوفر حظا، في الانتخابات التمهيدية في ولاية ايوا.
ويتميز كروز بفصاحة في الكلام وبلاغة واسلوب الواضح، ما جعل منه احد ابرز وجوه اليمين المحافظ خلال اقل من ثلاث سنوات.
وكان زملاء كروز ينظرون اليه على انه شخص "غريب الاطوار"، الى ان أصبح المنافس الرئيسي لدونالد ترامب في سباق الحزب الى البيت الابيض, وتحول بالتالي الى الهدف الرئيسي لرجل الاعمال النيويوركي الذي يستهدفه باستمرار متهما اياه بانه شخص فظيع او انه ولد في كندا، قبل 45 عاما، ملمحا بالتالي الى انه غير مؤهل لرئاسة الولايات المتحدة.
ولا شك ان فوز تيد كروز بغالبية 27 في المئة من الاصوات على دونالد ترامب (24 في المئة)، على الرغم من ان استطلاعات الراي كانت اعطت الافضلية لهذا الاخير، سيدفع ترامب الى مضاعفة جهوده من اجل التفوق عليه.
يبني الرجلان مواقفهما على القاعدة ذاتها: غضب الاميركيين ضد النخبة السياسية، فيزايدان على بعضهما مثلا في لقطاتهما الدعائية التلفزيونية في دق ناقوس الخطر بالنسبة الى الهجرة غير القانونية، او في انتقاد "نظرية" التغيير المناخي.
واقسم تيد كروز على القضاء على تنظيم داعش بواسطة "وابل من القنابل".
كما انه ينتقد بشدة سياسة باراك اوباما المتعلقة بالضرائب والاجهاض والحق في امتلاك السلاح.
في ولاية ايوا، بنى كروز استراتيجيته بالكامل على الهيئة الناخبة البروتستانتية الانجيلية التي تشكل اكثرية لدى الجمهوريين.
ووعد ناخبيه بالقضاء على مشروع "اوباماكير" الذي اعده الرئيس باراك اوباما لاصلاح النظام الصحي، وبالدفاع عن المسيحيين الاميركيين في مواجهة خطر التفكك الذي يطرحه الديموقراطيون.
من اجل دعم مواقفه، لم يتردد في الاستعانة بأولاده في اشرطة فيديو، وفي وضع شرائح لحم الخنزير المقدد على فوهة بندقيته في مضمار للتدرب على استخدام السلاح، للتذكير بتمسك أهل تكساس بأسلحتهم.
لكنه تعرض اخيرا لانتقادات حادة لأنه انتقد "قيم نيويورك" التي تدافع كما يقول، عن الاجهاض وزواج المثليين والمال ووسائل الاعلام.
انتخب تيد كروز عضوا في مجلس الشيوخ في كانون الثاني 2013، وهو أحد عضوي المجلس اللذين يمثلان تكساس، ويدين بفوزه الى التعبئة المحلية للتيار المحافظ المتشدد الذي فاجأ الحزب الجمهوري آنذاك.
منذ انطلاقته، كان يغيظ الاكبر منه سنا بسبب عدم اظهار الاحترام اللازم لهم، ورغبته بان يكون تحت الاضواء، في مؤسسة تحث الشباب على التواضع.
وخاض كروز معركته الكبرى في خريف 2013.
ففيما كانت ملامح تسوية حول الميزانية ترتسم بين القادة الجمهوريين والديموقراطيين، جاهر بموقف متشدد: لا ميزانية من دون الالغاء التام لاصلاح اوباماكير.
ونشط كروز في الكواليس وتمكن من استمالة عشرات الجمهوريين في مجلس الشيوخ وتصدى للقادة الجمهوريين الذين بدأوا يضمرون كراهية لهذا الاربعيني الذي يدعي تلقينهم كيفية الحكم, وعلى الرغم من ان اعتراضاته لم تتوج بنجاح، الا ان تيد كروز سجل نقاطا في تلك المعركة.
ولد كروز في كالغاري بكندا في 22 كانون الاول 1970، من أم اميركية وأب كوبي، هو رافاييل كروز الذي تعرض للتعذيب إبان نظام باتيستا ونفي في الثامنة عشرة من عمره الى الولايات المتحدة من دون ان يكون ملما باللغة الانكليزية.
وعاش تيد كروز في تكساس حيث كان مفتونا بالدستور, وبعدما انهى دروسه في جامعة برنستون ثم في مدرسة الحقوق بهارفرد التي تخرج منها مجازا بعد اربع سنوات من تخرج باراك اوباما، بدأ مسيرة ناجحة في المحاماة، ثم عاد الى تكساس ليصبح في 2003 النائب العام الاستئنافي للدولة.
وحول هذا المنصب الى منصة وطنية للدفاع عن القضايا التي يتمسك بها المحافظون، وفاز بخمس قضايا من تسع امام المحكمة العليا.
ويعتبر كروز ان التقارب الذي حصل اخيرا بين الولايات المتحدة وكوبا "خطأ فادح"، ويعد مدافعا شرسا عن اسرائيل، ويعلن معارضته الشديدة للاتفاق النووي المبرم مع ايران.
اضف تعليق