أكدت صحيفة بريطانية، اليوم الثلاثاء، أن (داعش) شدد من إجراءاته "اتعسفية" ضد أهالي الموصل بالتزامن مع قرب الهجوم الكبير عليها من قبل القوات العراقية والبيشمركة والتحالف الدولي، وفي حين بينت أن هنالك معارضة "متنامية" ضد التنظيم بالمدينة برغم افتقارها للسلاح اللازم، عدت أن الموصل بالنسبة له "أكثر أهمية بكثير" من المناطق التي في العراق وسوريا، لكبر مساحتها ووجود قرابة ثلث الخمسة ملايين نسمة الخاضعين لحكمه فيها.
وقالت صحيفة الاندبندنت Independent البريطانية، في تقرير لها اليوم، إن "تنظيم داعش بدأ باتخاذ ممارسات تعسفية ضد أهالي الموصل، وفرضه عقاباً عنيفاً ضد كل من يثور ضده منهم، في ظل تشدد استعداداته تحسبا لهجوم القوات العراقية المرتقب على المدينة لتحريرها"، عازية ذلك إلى "سعي داعش الدفاع عن المدينة بأي ثمن لئلا يخسرها" .
وذكرت الاندبندنت، أن "الأيام القليلة الماضية، شهدت قيام أحد أهالي الموصل بكتابة الحرف الأول من كلمة مقاومة، وهو الميم، على عدة جدران في أحياء المدينة في إشارة لوجود حركة مضادة لداعش اطلقت على نفسها اسم كتائب الموصل"، مشيرة إلى أن "الحركة تمكنت من اغتيال 15 عنصراً من داعش مما يدل على أنها تعرف جيداً هدفها".
وأضافت الصحيفة، أن ذلك يأتي في ظل "تكثيف قوات التحالف بقيادة الولايات المتحدة، غارتها الجوية لعناصر داعش والمواقع التابعة له في الموصل، في وقت تتنامى فيه توقعات أهالي المدينة البالغ عددهم مليون و500 ألف نسمة، بقرب بدء الهجوم المرتقب للقوات العراقية وقوات البيشمركة مصحوبة بقوات العشائر السنية، المدعوم بطائرات التحالف لتحريرها من التنظيم المتطرف"، مبينة أن "قرابة أربعة آلاف من أهالي الموصل، خلال نيسان الماضي، بدفع 600 دولار عن كل فرد، للمهربين لتهريبهم إلى سوريا، تفادياً لوقوعهم في فخ المعركة الكبرى المرتقبة".
ونقلت الاندبندنت، عن أحمد علي، (40 سنة)، وهو رجل قروي زار شقيقاه في الموصل قبل اسبوعين، قوله، إن "الناس بالموصل لا يشعرون بالأمان، فالضغوط مسلطة عليهم دائماً ولا يعرفون متى سيقتلون أو يتعرضون لعقوبة من جراء شيء تافه مثل تدخين سيجارة ."
بدوره قال سالم،(29 سنة)، وهو مدرس لغة انكليزية، ترك مهنته بعد ادخال التنظيم لمناهج دراسية جديدة، في حديث للصحيفة، إن "داعش يفرض عقوبات استبدادية على أهالي الموصل"، مدللاً على ذلك بأنه شخصياً تلقى "ست جلدات بالسوط لأنه حلق لحيته بنحو عده داعش غير إسلامياً".
وأوضح سالم، أنه "دفع الفي دولار للمهربين لقاء تهريبه هو وزوجته وابنته الصغيرة خارج الموصل"، مشدداً على أن "معظم الأهالي في الموصل يرغبون بالمغادرة لكنهم لا يستطيعون ذلك" .
وأكدت الاندبندنت، أن "الموصليين الذين يبغضون داعش لا يستطيعون فعل شيئاً تجاهه التنظيم لافتقارهم للسلاح، لاسيما أن رده قاسياً جداً بشأن أي إشارة تدل على وجود معارضة أو انشقاق"، لافتة إلى أن "داعش في آب 2015 المنصرم، قائمة بأسماء ألفين وسبعين شخصاً، وضعها على جدار معهد الطب العدلي، لأشخاص تم إعدامهم منذ احتلاله للمدينة في حزيران من العام 2014 الماضي".
وتابعت الصحيفة، أن "داعش قد يكون سحق بهجمات من قبل عدة جهات تحاربه، وفقد الكثير من مراكز تجمعاته في العراق وسوريا، مثل الرمادي وتكريت وبيجي وسنجار ومنطقة تدمر"، مستدركة "لكن الموصل تعتبر بنظر التنظيم أكثر أهمية بكثير من كل تلك المناطق بسبب كبر مساحتها ووجود قرابة ثلث الخمسة ملايين نسمة الخاضعين لحكمه فيها".
ورأت الاندبندنت، أن "خسارة داعش للموصل قد تعني بمثابة صفعة نفسية مفجعة لهيبته ونفوذه التي من خلالها أعلن دولة الخلافة بعد احتلالها في 2014 "، مستطردة أن "الموصل تعتبر بالنسبة للتنظيم ايضا آخر مدينة كبيرة يحتلها باعتبار مدينة الرقة في سوريا صغيرة مقارنة بها، وكذلك لأن معظم أهالي الموصل ما يزالون فيها والأبنية بقيت شاخصة وليس مثل الرمادي التي بلغت نسبة التدمير فيها أكثر من 70 بالمئة".
وعزت الصحيفة، سبب بقاء معظم أهالي الموصل فيها، إلى "صعوبة الخروج منها"، مبينة أن "جميع شهود العيان الذين قابلتهم لم يدلوا بأسمائهم الحقيقية، حيث هربوا من المدينة عن طريق مهربين لقاء أجر أو أنهم زاروها لمدة وجيزة عبر قراهم التي استعادها الجيش العراقي" .
وقال شاهد العيان أحمد علي، للصحيفة، إن "داعش عمل على منع الكثير من أهالي الموصل من مغادرة المدينة بنحو دائمي بمصادرة هوياتهم وأوراقهم الثبوتية، حيث لن يبقى لهم شيء ليعرضوه أمام قوات البيشمركة يثبت هويتهم عند الوصول إليهم، ما قد يؤدي إلى الشك بكونهم عملاء وجواسيس لداعش ."
وتابعت الاندبندنت، أنه برغم "وجود أدلة قوية على أن داعش يلاقي معارضة من قبل معظم أهالي الموصل بسبب عنفه المتطرف مع تردي مستويات المعيشة وتدمير جوامع شاخصة فيها، فإن التنظيم ما يزال قادرا على ايجاد متطوعين يكونون مقاتلين وانتحاريين، وسيستمر من خلال تجنيدهم وتدريبهم بقتل المزيد من الناس لمدة طويلة من الزمن إذا استطاع ذلك".انتهى/س2
اضف تعليق