قالت صحيفة واشنطن بوست في تقرير لها إن الولايات المتحدة قد تكون على وشك مواجهة تهديد أكثر خطورة من الأسلحة النووية، يتمثل في الأسلحة البيولوجية.
وأكدت الصحيفة أن قرار الرئيس الأمريكي السابق ريتشارد نيكسون عام 1969 بالتخلي عن الأسلحة البيولوجية وقيادته لمعاهدة لحظرها كان قد أسهم في الحد من تهديد الأوبئة من صنع الإنسان لمدة نصف قرن، إلا أن هذا الإرث بدأ يذبل الآن في ظل المخاطر المتزايدة التي يطرحها التقدم التكنولوجي في مجالات البيولوجيا الاصطناعية.
وقالت الصحيفة إن التحقيق الذي أجرته أظهر أن الباحثين حول العالم يعملون على تعديل فيروسات أشد فتكاً من فيروس كوفيد-19، مما يعيد إلى الأذهان الكابوس البيولوجي الذي قد يهدد البشرية.
وأكد التحقيق أن روسيا قامت بتوسيع مجمعات عسكرية ومختبرات كانت قد استخدمت خلال الحرب الباردة لتطوير أسلحة بيولوجية، بما في ذلك فيروسات تسبب الجدري والإيبولا.
كما أن بعض الضباط العسكريين في الصين قد وصفوا الحرب البيولوجية الهجومية بأنها "أكثر قوة وتحضراً" من الأسلحة النووية.
وأشار التقرير إلى أن التقدم في تكنولوجيا تحرير الجينات والذكاء الاصطناعي قد جعل من السهل التلاعب وإنتاج الفيروسات والبكتيريا القاتلة، مما يتيح للجهات الفاعلة سواء من الدول أو من جماعات غير دولية، إمكانية تصنيع أسلحة بيولوجية مدمرة.
وذكر التقرير أن تفشي فيروس كوفيد-19 في ووهان بالصين في عام 2019، الذي يعتقد البعض أنه كان نتيجة تسرب عرضي، قد سلط الضوء على المخاطر المتزايدة، حيث أسفر عن وفاة نحو 27 مليون شخص.
ومع تطور الأبحاث على فيروسات أقوى من كوفيد-19، يطرح السؤال حول كيفية تحقيق الردع ضد الأسلحة البيولوجية.
وقال بعض الخبراء في المجال إن المعاهدات والاتفاقيات وحدها لن تكون كافية للتصدي لهذه التهديدات، كما أن نماذج الردع النووي قد لا تكون فعالة.
وأضافوا أن الأنظمة الاستبدادية قد تكون أكثر استعداداً لاستخدام الأسلحة البيولوجية إذا كانت واثقة من أن الهجوم سيكون صعب التحقيق أو تحديد مصدره.
وأشارت الصحيفة إلى أن دروس الحرب الباردة قد تكون مفيدة للديمقراطيات التي قررت التخلي عن الأسلحة البيولوجية، حيث كان هناك اهتمام كبير بجمع وتحليل المعلومات الاستخباراتية المتفوقة، وبالتالي، يرى الخبراء أن النجاح في الردع البيولوجي يتطلب من واشنطن وحلفائها بناء نظام قوي لمراقبة الأبحاث البيولوجية المهددة، واستخدام تقنيات حديثة للكشف السريع عن مسببات الأمراض وقياس مستوى تهديدها.
واقترح الخبراء أن يُسند مراقبة الأبحاث البيولوجية إلى الأمن القومي بدلاً من أن تكون مجرد نشاط للصحة العامة، داعين إلى إنشاء تخصص استخباراتي جديد يحمل اسم "الاستخبارات البيولوجية"، بحيث يخصص له تمويل من الكونغرس.
الصحيفة اختتمت تقريرها بالإشارة إلى أن الولايات المتحدة قد استفادت من تقنيات الطب الشرعي النووي في الماضي لتحديد مصادر الأسلحة النووية، ويمكن استخدام تقنيات مشابهة لتحليل وتحديد مصدر الأمراض البيولوجية.
ورغم وجود تقنيات متطورة، فإن العائق الرئيس أمام تطوير الاستخبارات البيولوجية هو نقص التمويل.
وفي الختام، خلص التحقيق إلى أنه لا يمكن مواجهة تهديد الأسلحة البيولوجية بشكل فعال إلا من خلال استخبارات بيولوجية قوية، مستندة إلى استثمارات في المراقبة البيولوجية وقدرات سريعة للتصدي للأوبئة.
م.ال
اضف تعليق