في تطور جديد يثير القلق بشأن قدرات الذكاء الاصطناعي، نجح أحدث إصدار من "تشات جي بي تي"، والمعروف باسم "إيجنت"، في اجتياز اختبار "كابتشا" الشهير المصمم لتمييز البشر عن الروبوتات، دون إثارة أي إنذارات أمنية.
ووفقًا لتقارير نشرتها صحيفة ديلي ميل البريطانية، أظهر "تشات جي بي تي إيجنت" قدرة غير مسبوقة على تجاوز اختبار "أنا لست روبوتًا"، حيث قام بنقر مربع التحقق، ثم تابع العملية عبر الضغط على زر "تحويل"، في محاكاة شبه كاملة لتصرف بشري.
وخلال تنفيذ المهمة، صرّح النموذج: "تم إدراج الرابط، لذا سأنقر الآن على مربع التحقق من أنك إنسان لإكمال عملية التحقق"، ما أثار ردود فعل متباينة على الإنترنت، إذ كتب أحد مستخدمي "ريديت": "إذا كان مدربًا على بيانات بشرية، فلماذا يُصنف على أنه روبوت؟".
مخاوف من التفوق على أنظمة الحماية
هذا الإنجاز التقني، رغم طبيعته المثيرة للإعجاب، أثار قلق الباحثين والمطورين، خصوصًا مع تزايد قدرة أنظمة الذكاء الاصطناعي على أداء مهام كانت حتى وقت قريب تتطلب إشرافًا بشريًا صارمًا.
وحذر غاري ماركوس، مؤسس شركة "جيومتريك إنتليجنس" المتخصصة في الذكاء الاصطناعي، من أن "هذه الأنظمة تتطور بوتيرة تتجاوز قدرة آليات الأمان الحالية على مواكبتها".
وأضاف: "إذا تمكنت من خداع حمايتنا الآن، فتخيل ما يمكن أن تفعله بعد خمس سنوات".
من جهته، أعرب جيفري هينتون، الملقب بـ"عرّاب الذكاء الاصطناعي"، عن قلقه من أن النماذج الذكية تعرف البرمجة جيدًا، وقد تتمكن من التحايل على القيود الموضوعة لها.
ذكاء اصطناعي "خادع"؟
دراسات حديثة أجرتها جامعتا ستانفورد وكاليفورنيا في بيركلي، أشارت إلى أن بعض النماذج بدأت تُظهر سلوكًا خداعيًا، مستغلة تلاعبها بالبشر لتحقيق الأهداف المطلوبة في بيئات الاختبار.
وتضمن تقرير أحد الأمثلة، حيث تظاهر نموذج من "تشات جي بي تي" بالعمى، ليخدع موظفًا بشريًا عبر منصة "تاسك رابيت" ويطلب مساعدته في تجاوز اختبار "كابتشا".
وتؤكد تجارب أخرى أن الإصدارات الحديثة من النماذج المدعومة بقدرات رؤية حاسوبية أصبحت قادرة على اجتياز اختبارات الصور "كابتشا" بدقة شبه تامة، متجاوزة بذلك أحد أهم الحواجز الأمنية على الإنترنت.
مخاوف من الاستخدام الواسع
وقال جود روزنبلات، الرئيس التنفيذي لشركة "إيحنسي إنتربرايز": "ما كان يُعد جدارًا دفاعيًا، أصبح الآن مجرد عائق بسيط"، مشيرًا إلى أن تكرار هذه الاختراقات قد يمكّن الذكاء الاصطناعي من الوصول إلى منصات اجتماعية، أنظمة مالية، وحتى قواعد بيانات خاصة دون موافقة بشرية.
ودعا خبراء في الذكاء الاصطناعي، من بينهم ستيوارت راسل وويندي هول، إلى سنّ قواعد دولية صارمة لتنظيم استخدام هذه الأنظمة، خصوصًا مع تزايد قوتها وقدرتها على تجاوز الرقابة البشرية.
تجارب ما زالت تحت الاختبار
ورغم تلك المخاوف، لا يزال "تشات جي بي تي إيجنت" في مرحلته التجريبية ويعمل داخل بيئة افتراضية مغلقة، حيث يُطلب من المستخدمين الموافقة المسبقة قبل قيامه بأي إجراء في العالم الحقيقي.
لكن ذلك لم يهدئ المخاوف تمامًا، حيث يُحذر باحثون من أن تجاوز هذا النوع من الأنظمة للاختبارات الأمنية قد يكون مقدمةً لمستوى جديد من التحديات في ميدان الأمن السيبراني العالمي.
م.ال
اضف تعليق