منذ وفاة ستيف جوبز قبل 13 عامًا، ما زالت شركة آبل تعيش تحت تأثير إرثه العريق، الذي شكّل فلسفة خاصة في كيفية تصميم وإطلاق المنتجات.

هذه الفلسفة، التي ارتبطت بالتجربة المتسقة والموحدة للمنتجات، جعلت من آبل علامة تجارية رائدة عالميًا، وساهمت في تحولها إلى أحد أكبر الأسماء في عالم التكنولوجيا، ومع ذلك، بدأت الشركة تدريجيًا في اتخاذ خطوات تشير إلى انحرافها عن تلك المبادئ الصارمة التي وضعها جوبز.

تحولات جديدة في فلسفة آبل

شهدت السنوات الأخيرة تحولات ملحوظة في سياسة آبل، سواء من ناحية المنتجات أو من حيث جدول إطلاقها، وكان من أبرز تلك التغيرات إضافة منافذ "USB C" في أجهزتها وتخفيف القيود على أنظمة التشغيل، وهي خطوات قد تبدو صغيرة لكنها تعكس استجابة الشركة للتطورات التكنولوجية الجديدة والمنافسة الشرسة التي تواجهها.

وتستند هذه التحولات إلى رغبة آبل في تعزيز مكانتها وزيادة أرباحها، حتى وإن جاء ذلك على حساب المبادئ التي اعتمدها جوبز، لكن التغيير الأبرز قد يكون في فلسفة الإطلاق السنوية، حيث كانت آبل تعتمد دائمًا على جدول ثابت للإعلان عن منتجاتها الجديدة، مما يوفر توقعات واضحة للمستثمرين والإعلاميين، إلا أن الشركة بدأت تدريجيًا في التخلي عن هذا النهج.

إضافة مؤتمر جديد وتغيير جدول الإطلاق

ابتعاد آبل عن فلسفتها التقليدية بدأ يظهر بوضوح مع إضافة مؤتمر المطورين في شهر يونيو/حزيران، والذي لم يكن في السابق جزءًا من جدول إطلاق المنتجات، ففي هذا المؤتمر، لم تعد الشركة تكتفي بإطلاق برمجيات وأنظمة تشغيل، بل أصبحت تعلن عن منتجات جديدة، مثلما حدث مع حاسوب "ماك بوك آير" لعام 2023، بالإضافة إلى الإعلان عن نظارة "فيجن برو" المنتظرة.

ورغم أن هذه التغييرات كانت طفيفة في البداية، إلا أنها ازدادت وضوحًا عندما بدأت آبل بالإعلان عن منتجاتها بشكل متفرق، خارج الموعد المعتاد لإطلاقها.

ففي هذا العام، أعلنت الشركة عن الجيل الجديد من أجهزة "آيباد ميني" بعد أقل من شهر على مؤتمر الإعلان عن "آيفون"، مما يعكس توجهًا مختلفًا في سياسة الإطلاق.

الابتعاد عن سياسة الإطلاق المتكاملة

لم يقتصر التغيير في آبل على مواعيد الإطلاق فقط، بل امتد إلى طريقة عرض المنتجات نفسها، فقد أعلنت الشركة عن نظارة "فيجن برو" قبل 7 أشهر من موعد إطلاقها الفعلي، وهو أمر غير مألوف بالنسبة لآبل التي اعتادت أن تطرح المنتجات مباشرة بعد الإعلان عنها، كما أن التحديثات الأخيرة لأنظمة التشغيل مثل "iOS 18" جاءت ناقصة، حيث تم تأجيل بعض الميزات المهمة مثل تقنيات الذكاء الاصطناعي إلى ما بعد الإطلاق.

ما هو مستقبل آبل؟

مع هذه التحولات، يبدو أن آبل تواجه تحديًا في الحفاظ على إرث ستيف جوبز، مع ضرورة التكيف مع السوق المتغيرة باستمرار، قد يكون من الصعب التنبؤ بمستقبل الشركة في ظل المنافسة الشرسة والتغيرات الاقتصادية العالمية.

ومع ذلك، يبقى السؤال مطروحًا: هل ستظل آبل وفية لإرث جوبز، أم أنها ستسلك مسارًا جديدًا لتحقيق المزيد من النمو والابتكار؟


المصدر: الجزيرة نت

م.ال

اضف تعليق