يشهد العالم اليوم سباقًا محمومًا نحو تطوير الذكاء الاصطناعي، وسط تحذيرات متزايدة من مخاطره على مستقبل البشرية.

في مقال نشرته صحيفة "صباح" التركية، أكد الكاتب فرحات أونلو أن الخطر الحقيقي لا يكمن في التكنولوجيا بحد ذاتها، بل في الإنسان الذي يوجهها ويستغلها لتحقيق مصالحه الخاصة، مما يعكس تحديًا أخلاقيًا ووجوديًا يواجه الإنسانية.

يتناول الكاتب مفهومًا مثيرًا للجدل أطلق عليه "ألزهايمر الذكاء الاصطناعي"، في إشارة إلى كيفية إدارة الذكاء الاصطناعي لذاكرته، وطرح هذا المفهوم عبر حوار مع أحد أنظمة الذكاء الاصطناعي، ليتساءل عن ما إذا كانت القدرة على النسيان ضرورة لهذه الأنظمة، كما هو الحال عند البشر، لتحافظ على كفاءتها وتجنب التخزين غير الضروري للمعلومات. المفهوم يثير أسئلة عميقة حول طبيعة الذكاء الاصطناعي نفسه: هل يمكن لذاكرة غير محدودة أن تكون نعمة أم نقمة؟ وهل من الأخلاقي إنشاء أنظمة قادرة على الخطأ بشكل مقصود لمحاكاة الطبيعة البشرية؟

رغم الإمكانيات الهائلة التي يوفرها الذكاء الاصطناعي، يشدد الكاتب على أن هذه التكنولوجيا ليست خالية من العيوب، مشيرًا إلى خطأ بسيط ظهر في إجابة النظام. هذا الخطأ يؤكد أن الذكاء الاصطناعي، رغم تقدمه، يظل منتجًا بشريًا غير كامل، مثله مثل أي اختراع آخر، ومع ذلك، يواصل البشر الاعتماد عليه تمامًا كما فعلوا مع الطائرات التي لم يتوقفوا عن استخدامها رغم الحوادث والمخاطر المرتبطة بها.

المخاطر الحقيقية للذكاء الاصطناعي لا تقتصر على الجوانب التقنية فحسب، بل تمتد إلى الجوانب الأخلاقية والسياسية. الكاتب يتوقع أن يكون للذكاء الاصطناعي دور رئيسي في الصراعات المستقبلية، بما في ذلك الحروب العالمية المحتملة بين عامي 2025 و2050، لكنه يشير إلى أن الذكاء الاصطناعي لن يكون مشاركًا بإرادته، بل بسبب استغلال الإنسان له، سواء من قبل دول أو شركات عابرة للحدود، أو حتى نخبة عالمية تعمل في الخفاء لتحقيق مصالحها.

المقال يرسم صورة قاتمة لمستقبل البشرية في ظل سيطرة قلة من الناس على التقنيات المتقدمة، مما قد يؤدي إلى عالم تحكمه المصالح الفردية.

هذا التوجه يفرض تحديات أخلاقية وسياسية عميقة، حيث ستتأثر حياة البشر ما بين عامي 2050 و2100 بالعلاقة المعقدة بين الإنسان والذكاء الاصطناعي. الفئة المسيطرة ستحتفظ بالنسخة الأكثر تقدمًا من الذكاء الاصطناعي، بينما تُقدَّم للجمهور أنظمة محدودة الإمكانيات تعاني مما أسماه الكاتب "ألزهايمر الذكاء الاصطناعي".

في ختام مقاله، يشدد الكاتب على أن البشرية بحاجة إلى إستراتيجية متكاملة للتعامل مع التحديات الناشئة عن الذكاء الاصطناعي، هذه الإستراتيجية يجب أن تركز على وضع قوانين وأطر أخلاقية تضمن استخدام هذه التكنولوجيا بما يخدم الصالح العام، بدلًا من تحويلها إلى أداة هيمنة واستغلال.

الإنسان، كما كان دائمًا عبر التاريخ، هو المفتاح لضمان أن تظل التقنيات المتقدمة أداة للخير لا للشر.

م.ال


اضف تعليق