وكالة النبأ

شهدت العلاقات الخارجية لجمهورية العراق في عام 2025 تطورات كبيرة على الأصعدة السياسية، الاقتصادية، الأمنية، والثقافية. واستمر العراق في تعزيز شراكاته مع القوى الكبرى ودول الجوار، بينما توجه إلى تفعيل دورها في المنظمات الإقليمية والدولية، مما ساعد في دفع عجلة التنمية وتعزيز الاستقرار الأمني والاقتصادي في البلاد.

في هذا التقرير، سنستعرض أهم المستجدات في علاقات العراق الخارجية خلال عام 2025، بدءاً من تحولات العلاقة مع الولايات المتحدة والمملكة المتحدة، وصولاً إلى تعزيز التعاون مع الدول العربية ودول الجوار.

تعزيز الشراكة الاستراتيجية

في عام 2025، شهدت العلاقات بين العراق والولايات المتحدة تطورا في إطار تعزيز الشراكة الاستراتيجية بين البلدين، في وقت مبكر من العام أعلنت الحكومة العراقية عن نتائج محادثات أمنية مع واشنطن بشأن سحب قوات التحالف التي تقودها الولايات المتحدة من العراق، تم الاتفاق على خطة لسحب هذه القوات بحلول نهاية عام 2026، في خطوة تهدف إلى تعزيز قدرة العراق على توفير الأمن الداخلي وتعزيز سيادته. 

رغم هذا الاتفاق، تم التأكيد على استمرار التعاون في مجالات مكافحة الإرهاب، وتقديم الدعم العسكري والتقني من قبل الولايات المتحدة للعراق في مواجهة التهديدات الأمنية المستقبلية، بما في ذلك الجماعات الإرهابية مثل تنظيم "داعش".

وصرح وزير الخارجية العراقي فؤاد حسين قائلاً: "نحن نتطلع إلى مرحلة جديدة من العلاقات مع الولايات المتحدة، تقوم على التعاون المستمر في مجالات الأمن، والتنمية، ومكافحة الإرهاب، وإن تعزيز سيادتنا الوطنية وحرصنا على بناء مؤسسات أمنية مستقلة هو أولوية قصوى" بحسب صحيفة الحياة اللندنية

تعزيز التعاون 

في يناير 2025، أُعلن عن شراكة استراتيجية بين العراق والمملكة المتحدة في المجال الأمني والتجاري. وقع العراق والمملكة المتحدة اتفاقية للتعاون الأمني في مجال التدريب وتبادل الخبرات العسكرية، مع التأكيد على ضرورة تحسين القدرة الدفاعية للعراق.

في نفس السياق، تم توقيع اتفاقية لتعزيز التعاون التجاري بين البلدين، خاصة في المجالات النفطية والتجارية، كما أُطلق مشروع مشترك لدعم إعادة إعمار المناطق المتضررة من الحروب، عبر تخصيص موارد مالية لتمويل مشاريع بنية تحتية ومشاريع اقتصادية تهدف إلى تحسين جودة الحياة في العراق. وتوقع المسؤولون العراقيون أن تسهم هذه الاتفاقية في خلق فرص عمل جديدة، ودعم الاستقرار الاقتصادي في المناطق التي شهدت صراعات. بحسب رويترز

تحديات اقتصادية وأمنية

علاقات العراق مع جارتها إيران كانت موضوعا مثيرا للجدل في عام 2025، خاصة مع تصاعد التوترات الإقليمية. العراق كان في وضع حساس، حيث واصل شراء الكهرباء والغاز الإيراني، لكن الولايات المتحدة في مارس 2025 فرضت عقوبات على الحكومة العراقية بسبب استمرار هذا التعاون. 

في الوقت ذاته، سعت الحكومة العراقية إلى تقليل الاعتماد على إيران، من خلال البحث عن مصادر بديلة للطاقة من دول مثل قطر وعمان. وصرح مسؤول عراقي كبير في هذا الشأن قائلاً: "نحن نسعى إلى ضمان الطاقة لأفراد شعبنا بشكل دائم دون الاعتماد على جهة واحدة" بحسب صحيفة الأخبار

كان التعاون مع تركيا أحد الأبعاد البارزة في السياسة الخارجية العراقية. في عام 2025، تم إبرام اتفاقية مع أنقرة للتعاون في مشاريع البنية التحتية والطاقة، حيث أُعلن عن بناء خطوط أنابيب جديدة لنقل الغاز والنفط، بالإضافة إلى تطوير مشاريع في قطاع المياه من أجل معالجة نقص المياه في العراق، خاصة في مناطق الجنوب. 

في هذا الإطار، أكد العراق على أهمية التعاون مع تركيا كخطوة ضرورية لضمان استقرار الطاقة في البلاد. بحسب صحيفة الشرق الأوسط

تعزيز التعاون الإقليمي

شهد عام 2025 تعزيزا للعلاقات بين العراق ودول الخليج، خاصة مع المملكة العربية السعودية، حيث تم التوقيع على اتفاقيات لتعزيز التعاون في مجالات الأمن، التجارة، والطاقة، كانت هناك أيضا لقاءات وزارية بين العراق ودول مجلس التعاون الخليجي، لبحث تعزيز التعاون في مجال التعليم والسياحة.

في مارس 2025، زار وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني العراق، حيث تم بحث موضوع إعادة فتح الحدود بين البلدين لتعزيز التبادل التجاري والتعاون في مكافحة الإرهاب، كما تم الاتفاق على تنفيذ مشاريع مشتركة في مجالات الطاقة والموارد الطبيعية. بحسب وكالة الأنباء العراقية.

دور فاعل 

العراق مستمر في دوره الفاعل ضمن المنظمات الدولية، حيث تم انتخابه لعضوية مجلس الأمن الدولي للفترة 2024-2025. هذا النجاح جاء نتيجة لجهود دبلوماسية مكثفة لتقديم العراق كداعم للسلام والاستقرار في المنطقة، كما أكدت الحكومة العراقية على تعزيز الشراكات مع الأمم المتحدة ودول العالم لتسريع عودة النازحين، وحل النزاعات الداخلية عبر الحوار الوطني الشامل. بحسب الأمم المتحدة

من جانب آخر استضافت بغداد لقاءً بين المسؤولين العراقيين ودبلوماسيين من الاتحاد الأوروبي لمناقشة تعزيز التعاون التنموي، خاصة في المجالات التعليمية والصحية، كما أُعلن عن تخصيص 100 مليون يورو لدعم مشاريع إعادة الإعمار في المناطق المتضررة، مما يعكس الدور الفاعل للاتحاد الأوروبي في مساعدة العراق على تجاوز تداعيات الحروب والصراعات الداخلية. بحسب صحيفة الفرات

التحديات والفرص 

على الرغم من التقدم الذي حققه العراق في تعزيز علاقاته الخارجية، إلا أن البلد يواجه تحديات كبيرة في التعامل مع الأزمات الإقليمية، والانقسامات الداخلية، والضغوط الاقتصادية، يبقى التوازن في العلاقات مع جيران العراق، مثل إيران وتركيا، أمرا حساسا، بينما تظل القضايا الأمنية، مثل مكافحة الإرهاب وتحديات المواد المخدرة، في صدارة الأولويات.

ومع ذلك، تظل الفرص موجودة لتعزيز مكانة العراق على الساحة الإقليمية والدولية، من خلال استغلال شراكات اقتصادية، وتعزيز الأمن الإقليمي، وتوسيع التعاون مع القوى الكبرى مثل الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي.

ع.ع


اضف تعليق