في ظل تصاعد وتيرة الهجمات الغامضة بالطائرات المسيّرة الانتحارية التي تستهدف منشآت عسكرية ومدنية حيوية في العراق، وآخرها الهجوم على مطار كركوك بعد سلسلة ضربات طالت مواقع رادارية حساسة، يرى خبراء أمنيون أن البلاد باتت على مشارف مرحلة حرجة تُمهّد لتدخل خارجي محتمل، وسط تحذيرات جدية من إمكانية تعرض العراق لضربات دولية خلال الفترة القريبة المقبلة، في حال استمرار الانفلات الأمني وتكرار هذه الخروقات المقلقة.

وقال الخبير الأمني والاستراتيجي الفريق الركن عبد الكريم خلف، في حوار مع الزميل سامر جواد، إن "ماجرى من خروقات أمنية باستهداف المصافي والمطارات جاء بسبب إجراءات الحكومة التي تمكنت من تدفع العراق بعيدا عن دائرة الصراع، حيث جعل هذه الجهات ان تقوم بأعمال تمهيدية لعمل قادم خارجي"، مبينا، أن "هذه الأحداث ليست منفصلة عن أحداث إيران".

وأكد، أن "استهداف مطار كركوك تم من محيط المدينة وتحديدا جنوبها لكونها مناطق ساخنة وتحتوي على السلاح السائب وهو ما يجعل الوضع الأمني هناك معقداً ومثيراً للقلق.."

إلى ذلك، قال الخبير الأمني أحمد الشريفي، "نحن نتحدث عن مرحلة في غاية الخطورة تتأثر بالتوازنات الاقليمية والدولية حيث نحتاج إلى أن نكون أكثر وضوحا وشفافية لمعالجة مجريات الأحداث"، مبينا أن "فرضية أن يكون استهداف المصافي والمطارات عابرة للحدود فإن ذلك مستبعد جدا لعدم وجود مصلحة للدول بذلك، فضلا عن كون الأدوات المستخدمة محلية وبالتالي فإن الجهة المستهدفة هي داخلية وليست خارجية".

وأضاف: "وحول فرضية أن يكون داعش وراء ما حصل فأنه أيضا مستبعد لكثرة الدرونات المستخدمة في الاستهداف، حيث أن الواقع يشير إلى أن هناك دوافع سياسية وجهة داخلية وراء ما حصل".

وتابع، أن "هذا يضعنا في موقف خطر، وعلى رئيس الوزراء التركيز عليه وهي أن العراق يوجد لديه إجراءات تسمى بالمنع والقمع هذه تارة تكون تحت مظلة دساتير الدول أو مرة تكون تحت مظلة القانون الدولي"، لافتا إلى، أنه "في الدستور فإن الحكومة ومؤسساتها الأمنية والعسكرية الضامنة لأمن البلد الداخلي والخارجي هي معنية بحماية البلد بغض النظر عن جهة المستهدفة، وذلك من خلال منع مثل تلك عمليات، فإذا فشلت في المنع فتلجأ الى خيارات الردع بموجب التفويض وقوة القانون المتاحة لهم دستوريا".

وأوضح: "بالتالي إذا فشلت الحكومة في ظل بلد تحت بند الوصاية الدولية وجزء من معادلة الصراع الإقليمية بالتالي فأن مجلس الأمن سيتحرك وبالتالي فإننا لا نستبعد أن يعطي إذننا لعملية المنع وهي ضبط السلاح بيد الدولة وهذا لم يتحقق احتمالية الردع تكون دولية أي من الممكن العراق يتعرض لضربات دولية".

وتعتزم لجنة الأمن والدفاع النيابية، بالتزامن مع انتهاء العطلة التشريعية للبرلمان، عقد اجتماع هام الأسبوع المقبل، لمناقشة الخروق الأمنية المتكررة، حيث تبنت لجنة الأمن البرلمانية متابعة الملف، مؤكدة أنها تهدف خلال الاستضافة إلى الوقوف على تفاصيل الانتهاكات المتكررة، وتقييم الإجراءات الرسمية المتخذة لمنع تكرارها مستقبلاً، بما يعزز من مكانة العراق السيادية في المحافل الدولية ويؤكد حقه المشروع في الدفاع عن أرضه وأجوائه.

وتعرض مطار كركوك الدولي، في وقت متأخر من مساء أمس الأول الأثنين، إلى هجمات بمقذوفات، ما دفع السلطات إلى رفع درجة الاستنفار الأمني في عدد من المنشآت الحيوية شمالي البلاد، بحسب مصادر أمنية.

وأعلن محافظ كركوك، ريبوار طه، فجر أمس الثلاثاء، عن تشكيل لجنة تحقيقية للوقوف على ملابسات الهجوم الصاروخي الذي استهدف كركوك، فيما أشار إلى أنه جاء بعد قتل عدد من عناصر داعش.

وقدم العميد الركن المتقاعد، أعياد الطوفان، تحليلًا عسكرياً وصفه بـ"الأولي"، للصواريخ التي قصفت بها المدينة، قائلا: "هناك تطوراً أمنياً خطيراً بقصف مطار كركوك بصواريخ موجهة من نوع GR122-LR، وهو صاروخ موجه بعيد المدى عيار 122 ملم تم تصنيعه حديثاً عام 2023 وهذا يثير الريبة من الجهة التي ورَّدت هذا الصاروخ بسبب الفترة الزمنية القريبة لتصنيعه"، مبنيا أن هذا الصاروخ "يختلف عن صواريخ كراد القياسية التقليدية غير الموجهة ويشابه كثيراً صاروخ كراد الروسي الشهير كونه مزود بنظام توجيه جيد، وهذا يعني زيادة في المدى والدقة في الإصابة ويكون الخطأ المسموح قليل جداً".

 أما سبب عدم إصابته هدفه المطار وسقوطه بين المطار المدني والمطار العسكري وسقوط أحد الصواريخ على أحد الدور السكنية فهذا "يعود لغباء الرامي وليس لعدم تقنية وكفاءة وفاعلية الصاروخ"، بحسب الطوفان الذي أشار إلى، أن ‏"هذا يعني بنفس الوقت أن الجهة التي نفذت الضربة تمتلك القدرات المالية اللازمة لاقتناء هذه التقنية المتطورة والعالية".

يجري ذلك في ظل تصاعد الأصوات المطالبة بتطوير منظومة الدفاع الجوي، وسط انتقادات للحكومة واتهامات لها بإهمال الملف، وهو ما أثر على عدم قدرة البلاد على حماية الأجواء من الخروقات.

وفي 24 حزيران يونيو الماضي، أعلنت خلية الإعلام الأمني أنها رصدت خرق طائرتين مسيرتين مجهولتي الهوية أجواء مدينة بغداد، إحداهما سقطت، والأخرى قصفت معسكر التاجي شمالي العاصمة العراقية، من دون أن تعلن أي جهة مسؤوليتها عنه.

وعلى إثر ذلك، شكيل رئيس الوزراء، محمد السوداني، لجنة فنية واستخبارية عالية المستوى، تضم ممثلين عن الأجهزة الأمنية المعنية كافة، للتحقيق في ملابسات هذا الاعتداء، وكشف الجهات المنفذة له، ومتابعة نتائج التحقيق بشكل كامل.

وكان المحلل السياسي، والمقرب من الإطار والفصائل المسلحة، عباس العرداوي، ألمح في حينها، إلى أن استهداف الرادار كان من قبل بعض الفصائل لمساعدته بالحرب ضد إيران مع إسرائيل، ليعيد ملف الفصائل إلى الواجهة، الأمر الذي أدى الى اعتقاله بتهمة التحريض والإساءة والتشهير بالمؤسسة الأمنية والإضرار بالأمن القومي.

ويمتلك العراق بالفعل رادارين آخرين من هذا الطراز، يغطيان أجزاء محدودة من سماء البلاد.

ويعد رادار (TPS-77) مثاليا للحدود والمواقع المتقدمة، نظرا لقابليته للنقل، ويتميز بقدرته على مسح وتغطية مساحات شاسعة، وكشف وتتبع الطائرات المسيّرة وصواريخ كروز. وقد تم التعاقد على شرائه منذ عام 2020.

وتشهد بغداد ومحافظات غربية وجنوبية منذ أكثر من أسبوع، تحليقا مكثفا لطيران الاستطلاع الأمريكي، وانتشارا أمنيّا غير مسبوق حول المنشآت الحساسة.

كما علقت قواعد أمريكية عديدة عملياتها الروتينية، ورفعت حالة الإنذار إلى الدرجة القصوى، وبحسب مصادر أمنية، تم العثور على حطام ثلاث طائرات مسيرة غير منفجرة في محافظة ميسان، قرب الحدود الإيرانية، بينما أصيبت رادارات في قاعدتي التاجي والإمام علي بأضرار بالغة، علما أن وزارة الدفاع الأمريكية كانت أعلنت أن الدفاعات الجوية تصدت لبعض المسيرات من دون تسجيل إصابات.

المصدر: العالم الجديد

م.ال

اضف تعليق