منذ هجمات الفصح الدموية في سيريلانكا، والتي تبنى داعش المسؤولية عنها عبر منفذه الإعلامي شبه الرسمي "أعماق" أصحبت هذه الهجمات في مقدمة الحديث عن الإرهاب العالمي، وقد نشر صوراً وفيديوهات حول المهاجمين ظهر فيها الانتحاريون الذين نفذوا الغارات، وهم مقنعون ويرتدون أثواباً سوداء، متعهدين بالولاء لتنظيم داعش وزعيمه، أبو بكر البغدادي.
حول مدى تأثير ظهور البغدادي في تحقيق اهداف داعش القادمة، يقول الكاتب الصحفي علي الطالقاني ان "تعدد الأهداف" تكتيك جديد قد يتخذه تنظيم داعش بعد ظهور البغدادي يمكن ان يحدث مرحلة هيجان دموي متعدد الأهداف، لازالت تداعيات ظهور البغدادي تفسر بأوجه مختلف في محاولة من اجل فهم ما يجري الآن وماهي تداعيات الظهور مستقبلا".
ويبين "يمكن القول أحدى التفسيرات هي محاولة لإقناع أتباع داعش بأنه لازال له قيادة وسيطرة على الجماعة العالمية بل يحاول يزرع فكرة أنه زاد من صفوفها من خلال ماحدث في سريلانكا".
ويتابع "من وجهة نظر امريكية خاصة لاتريد من مقاتلي داعش ان يتخلون عن أوروبا كما هناك رأي ان افراد داعش يشكلون خطر عالمي في حال هروبهم الى دول أخرى، ظهور البغدادي هو محاولة أيضا للنفوذ في مناطق اقليمية جديدة مثل الفلبين وتايلاند ومالي وليبيا وسيناء".
ويشير الطالقاني الى ان "تنظيم داعش يحاول الانطلاق من افغانستان تجاه باكستان والهند والمعروف هناك باسم (الدولة الإسلامية) ولاية خراسان (ISK)، وهناك دلائل معلوماتية حول ذلك وبما ان التنظيم فقد الأراضي التي استولى عليها فقد تتحول أفغانستان كقاعدة لخلافة التنظيم المزعومة بعد أن فتح النار على طالبان ووصفها أنها قوة تريد استعادة حكومتها في افغانستان وليس كما هو شائع ان طالبنا تريد السلام".
ويوضح "كل من يراقب ديناميكيات الأمن في المنطقة نجد ان القوات العسكرية اصبحت مدربة ولديها خبرة في مكافحة الارهاب لكن ضعف التنسيق وعدم التوافقات السياسية يعطي مساحة للتنظيمات الارهابية بان تتنفس".
أما عن أساليب داعش الجديدة في استمالة النساء للانضمام الى التنظيم، يقول الطالقاني ان "العرائس المتشددات" و"الأرض الموعودة" تسميتان متجانستان من أجل اغراء مجموعات نسائية للانضمام لصفوف داعش القادمات من دول مختلفة، فهن يظهرن بالزي الملائم للزواج أكثر مما هو للقتال والعمل، لانهن يعتقدن ان مقاتلي داعش يعتنقون الشهادة وانهن ينجبن جيشا من الأطفال الذين سيصبحون مقاتلين في المستقبل. وساعدهن في ذلك مجموعات تقدم خدمات الزواج.
ويضيف "الأعجب من ذلك عندما تتحدث احداهن مرتدية البرقع وهي تصف انها عاشت حياة رائعة من خلال تحقيق (العدالة) قاصدة العنف والارهاب، أو أخرى تتحدث عن انها تفي لنبوءة "الأرض الموعودة"، فيما يقوم الكثير من المقاتلين من فرنسا والمانيا والبرازيل وكندا واستراليا وروسيا واوزبكستان والجزائر واسبانيا وسويسرا وبلجيكا والهند ودول خليجية يخدعون النساء بأمل لتلك المجاميع النسائية من خلال شعارات وتغريدات واغراء عبر مواقع الكرتونية ومواقع تواصل اجتماعي".
ويشير الطالقاني الى ان "مواقع التواصل الاجتماعي تشكل بيئة حاضنة للمتطرفين في تنظيم داعش، على الرغم من فشله دعائياً، بعد ان فقد تنظيم داعش قوته يحاول من خلال خطاباته الاستعانة بالماضي الثقافي وبنفس الوقت يحاول افراد التنظيم الحفاظ على اسرهم وقدراتهم من خلال الحصول على فرص أخرى، فيما يتعين على المؤسسات والمنظمات معالجة ارث التنظيم الذي قدر عدد اعضائه حسب تصل إلى 30000 عضو موزعون بالتساوي تقريبا بين العراق وسوريا".
ويتابع "لازالت مواقع التواصل الاجتماعي بيئة خطيرة لأن ادارة هذه المواقع غير قادرة بشكل كافي من مراقبة الخروقات عبر الحسابات الوهمية مثل انستغرام تبث صورا لبعض الهجمات التي يقوم بها التنظيم اضافة الى مقاطع فيديو، فيما تتصدر المجموعات الفرنسية التسلسل الهرمي للتنظيم وهذا تبين من خلال وثائق تم العثور عليها في سوريا تسجل ارقاما مالية مخصصة لتجنيد اعضاء جدد".
ويوضح الطالقاني "الأساليب التي سينتهجها التنظيم بعد فقدانه القدرة على الغزو باشتباكات مباشرة" مؤكدا ان "الخشية من (غزوات رمضان) أو استهداف التجمعات التي يقوم بها تنظيم داعش الارهابي فقد قام من قبل بتوسيع هجماته وانتقالها الى نمط الهجوم العالمي وانشاء ولايات جديدة له".
ويضيف "ماذا سيفعل (الخليفة) عندما يفقد الخلافة يا (صليبيين)، لم نأت من الخارج! (نحن هنا) هكذا جاءت ردة الفعل بعد خسارة تنظيم داعش خلافته المزعومة ليبدأ مرحلة ارهابية عبر فروع التنظيم الاقليمية والقيام بهجمات طائفية بأساليب معروفة من خلال الاغتيالات والسيطرة على مناطق محلية وزرع خلايا نائمة وتفريغ مناطق معينة من أي منافس مع التنظيم".
وحول سبل مواجهة مخاطر داعش المحتملة على مستوى الخطاب الدعائي والمصادر التمويل والجيل الجديد، يقول الطالقاني "(اقتل ولا تشاور أحدًا) هذا هو الخطاب الانتقامي لداعش خصوصا بعد خسارة التنظيم، وبرغم مافقده عام 2017 الا ان التنظيم نفذ 665 هجمات ارهابية منذ أوائل عام 2018 حتى 27 نيسان 2019 ، انتشرت في أوروبا واسيا وافريقيا".
ويضيف "في الجانب التنظيمي، تطور تنظيم داعش الارهابي من شبه (دولة) مزعومة إلى جماعات تقوم على تقوية انتشارها في الاطراف وانطلاقها من المركز إلى الفروع لتمكين التنظيم من البقاء والتوسع".
ويؤكد "ما هو مطلوب اليوم يحتاج إلى قطع تدفق الأموال والسلاح وتعزيز الحدود والمراقبة البيولوجية ومعرفة سجلات الركاب في وسائل النقل كالطائرات والقاء الضوء على الاتصالات المشبوهة عبر تقنية PNR الخاصة ببيانات الحجز التي تحدد انماط السفر ووجهاته. وكذلك نحن بحاجة الى تطوير القوانين والقدرات والضغط من أجل تطبيق معايير حقيقية في مكافحة الارهاب. اضافة الى حرمان داعش من تجنيد أي جيل محتمل".
ويتابع "كذلك التصدي لخطاب الكراهية من خلال العمل مع مختلف الشركاء وتعزيز مهارات التفكير لدى الشباب حتى يتعرفوا على ايديولوجيا التنظيمات الارهابية والتسلح ضدها".
أما عن امكانية لجوء داعش الى اساليبها القديمة باستخدام الذئاب المنفردة للقيام بعلميات إرهابية في بلدان متفرقة، يؤكد الطالقاني انه "كما هو واضح لا ندم عند أغلب مقاتلي داعش الارهابي لانهم يتصورون ان اعمالهم تعكس ارادة الله، من بين ما قاموا به ان صحت الارقام فان حوالي 45000 طفل ولدوا وحرموا من الجنسية وهذا يعني الكثير لأنهم كانوا في مناطق يسيطر عليها التنظيم وهو ما يهدد مستقبلا".
ويضيف "اما مرحلة ما بعد داعش فيمكن القول ان التنظيم سينتهج عدة اساليب منها الانتقال من العمل المركزي في القيادة الى العمل الفرعي. أو انتقال مقاتلي داعش وعودتهم الى صفوف تنظيم القاعدة".
موضحا ان "هزيمة داعش ربما يولد تصعيد في العمليات الفردية (الذئاب الوحيدة) التي لا ترتبط بعمل مركزي لذلك فمن بين 40 الف مقاتل في العراق يوجد هناك 2000 مقاتل فرنسي وهو المر الذي يشكل دليلا عن ان هؤلاء الأفراد يشكلون خطر عالمي".
ويتابع "حل داعش ربما يؤدي إلى تصعيد كبير في العمليات الإرهابية الفردية من أولئك الذين يؤمنون أيديولوجية داعش. لان هذا العمل صعب كشفه ويعطي هامش من الحركة والاختفاء. كذلك سيعتمد على التخفي في المناطق الوعرة والجبلية. التنظيم بعد هزيمته سيجعل من قياداته امام خيار الانتقال الى مناطق ظهور أخرى في دول أخرى".
مؤكدا على ضرورة "عدم السماح لداعش ان ينحت أي مساحة له فإن المشهد السياسي للمجتمعات المعقدة سيصبح أكثر تعقيدا، بات من الضروري الانتباه الى نشوء أي جيل جديد من الجهاديين بحيث يكون بديل قابل للتطبيق. لدى داعش هيكل تنظيمي وقوة يستطيع الاشتغال من خلالها".
مبينا "كما لدى التنظيم قدرة على مهاجمة المكونات والأقليات حيث سيكون من الصعب تحقيق التماسك الاجتماعي كما حصل في العراق وسوريا وأفغانستان وباكستان ونيجيريا".
اضف تعليق