إخلاص داود
يعد ملف نفط إقليم كردستان من الملفات الشائكة لكثرة المخالفة الدستورية التي تشوبه، إذ يصدَّر النفط خارج إشراف السلطة الاتحادية منذ سنين، وفيما سلم نواب من حركة "التغيير" الكردية المعارضة في الإقليم مسؤولين ونواباً بالبرلمان الاتحادي في بغداد معلومات عن تهريب النفط من أحزاب ومافيات تتوزع بين أربيل والسليمانية وبلدة زاخو الحدودية مع تركيا، يصل جزء كبير من هذا النفط إلى موانئ فلسطين المحتلة، وتحديداً إلى ميناء "أشدود".
ورغم الوساطة التي عمل عليها رئيس الجمهورية برهم صالح بين أربيل وبغداد، وتعهد على أثرها رئيس الوزراء عادل عبد المهدي بانصياع الاكراد للدستور قبل إقرار موازنة العام الحالي، وإعلان الحكومة العراقية لتوصلها لاتفاق يقضي بإشراف شركة "سومو" على عمليات تصدير النفط العراقي من حقول الإقليم إلى الخارج، مقابل تمرير مرتبات موظفي الإقليم وإدراجها ضمن مشاريع التنمية في الموازنة الحالية، إلا أن الإقليم لم يسلم ملف نفطه إلى بغداد، مما يعني إن الاتفاق لن يطبق.
النائب منصور البعيجي طالب بِ"التدخل سريعا من قبل رئيس الوزراء بشكل شخصي وإيقاف دفع الأموال الى أن يسلم الإقليم ما بذمته الى الحكومة الاتحادية لضمان حقوق محافظاتنا بعيدا عن اي مجاملات على حسابها".
وأضاف "اي مستحقات مالية تدفع الى الإقليم بدون تسليم النفط يعتبر سرقة لأموال محافظاتنا وباعتبارنا ممثلين عن أبناء الشعب العراقي نطالب رئيس الوزراء أن يوقف دفع الأموال الى الإقليم الى أن يسلموا ما بذمتهم الى الحكومة الاتحادية وحسب الاتفاق النفطي في موازنة العام الحالي".
وتابع انه "من غير المعقول أن نسلم أموال نفط محافظاتنا المنتجة للنفط الى الإقليم وهم يصدرون النفط كما يحلو لهم ولا يسلمون الحكومة برميل واحد ويطالبون بموازنة من الحكومة الاتحادية".
وأعلن رئيس الوزراء عادل عبد المهدي، أن كردستان العراق لم تسلم بغداد أي برميل نفط، وذكر أن الحكومة لن تقطع رواتب موظفي الإقليم.
وقال خلال المؤتمر الصحفي الأسبوعي، إن "كردستان لم تسلم الحكومة الاتحادية برميل نفط واحد" خلافا لما "نصت عليه بنود الموازنة، والحكومة الاتحادية لن تقطع رواتب موظفي إقليم كردستان".
ولفت عبد المهدي إلى أن "هناك خلافات سياسية ومن غير الصحيح جعلها مصدرا لتهديد السلم المجتمعي".
وقد أعلنت بغداد توليها للمرة الأولى دفع هذه الرواتب في حال قيام أو عدم قيام الإقليم بتصدير حصته المقررة بـ 250 ألف برميل يوميا، عبر شركة "سومر" (مؤسسة تابعة لوزارة النفط في الحكومة المركزية، مسؤولة عن تصدير نفط البلاد).
يذكر إن، شركة ديليوت أعلنت الأسبوع الفائت، عن تقريرها الفصلي السادس لتدقيق تصدير وبيع النفط في الإقليم فيما أثار جملة من التساؤلات من قبل لجنة الطاقة والنفط والغاز ومجلس النواب و برلمان كردستان.
وكان التقرير حول مراجعة إنتاج وصادرات واستهلاك وإيرادات النفط لحكومة إقليم كردستان في العراق من الأول من تشرين الثاني2018 ولغاية 31كانون الأول 2018. والذي يكشف عن بقاء 17 دولارا فقط لحكومة الإقليم من إجمال المبلغ الذي تبيع به النفط في الأسواق العالمية.
وكشف التقرير عن تصدير واستخدام 40 مليون برميل خلال الأشهر الثلاثة الأخيرة من العام المنصرم 2018، تم استخدام مليون برميل من الرقم المعلن للاستخدامات الداخلية.
وأشار التقرير الى إن إجمالي أموال الإيرادات التي حصلت عليها حكومة الإقليم من بيع وتصدير النفط للأشهر الثلاثة الأخيرة من عام 2018 بلغ، 2 مليار و125 مليون دولار، من أصل الإيرادات، ويشير التقرير الى قروض بذمة حكومة الإقليم الى تركيا، ولا يشير الى القروض الأخرى ومن هي الجهات المستلمة.
وأوضح عضو لجنة الطاقة في برلمان كردستان شيركو جودت في تصريح صحفي ،إن "تقرير شركة ديليوت يحتوي على خلل كبير، وهو يفتقر الى جملة من الأسس التي ينبغي أن تتوفر في اي تقرير، فضلا عن انه يخفي الخلل والقصور الذي يشوب ملف النفط في الإقليم".
وأكد انه أذا كانت حكومة الإقليم ترغب فانه باستطاعتها تسليم 250 ألف برميل يومياً الى بغداد وفقا لما جاء في قانون الموازنة الاتحادي، إلاّ انه عدّ الأعذار والحجج التي تقدمها حكومة الإقليم عن بيع نفطها مسبقاً لبعض الشركات لقاء تلقيها أموالا لمعالجة أزماتها الاقتصادية حججا واهية وغير مبررة من قبلنا.
مشيرا الى إن تفعيل قانون صندوق واردات النفط والغاز كما هو مقر في الدورة السابقة في برلمان كردستان من شأنه أن يعالج جزءا كبيرا من الخلل والفساد الذي يشوب ملف النفط في الإقليم.
وعلى ضوء تقرير شركة ديليوت قال عضو لجنة الطاقة في مجلس النواب غالب محمد، إن سرقة وتهريب النفط أصبحت ظاهرة ملفتة للنظر تحدثت بشأنها تقارير دولية تتم باشتراك من بعض الدول المجاورة بمشاركة مسؤولين في الدولة وبعض المشرفين على القطاع النفطي ولا يقتصر التهريب على نفط الجنوب فقط وإنما امتدت عمليات السرقة والتهريب إلى نفط الشمال في محافظة كركوك.
وأضاف محمد، إن "هناك نوعين من التهريب نوع داخلي والأخر خارجي، الداخلي يكون في بعض المحافظات أما التهريب خارج العراق فهو تهريب عن طريق الأنابيب الممتدة من كركوك مرورا بإقليم كردستان ومن ثم يمر من تركيا إلى بندر جيهان ويهرب في مناطق حدودية من تركيا".
لافتا الى إن "هذا التهريب فيه هدرا لأموال العراق وعلى الحكومة العراقية التحقيق لحل هذا الموضوع لأن هذه الثروات ملك لشعب العراق ويجب أن تصرف على الشعب بدلا من أن تهرب".
اضف تعليق