بغداد/ سوزان الشمري
وكالة النبأ للأخبار/ في ساعات متأخرة من الليل يطرق الجار باب جاره مستنجدا طفلي في حالة تقيأ مستمرة، واقع الحال يفرض توجه سريع لأقرب مستوصف صحي.ألا أن الجار يصر على مراجعة الممرض الطبي أو ما يعرف ب"المضمد " رغم محاولات ثنيه عن ذلك والتوجه بالطفل للمركز الطبي.
المضمد رجل ستيني يعرف بطبيب الحي المخضرم، يزرق الصغير حقنة لإيقاف التقيؤ، ومن ثم يستعين بالمغذي الحيوي لكسب الطفل ما فقده من السوائل، فيمضي الأب بعد نص ساعة للبيت حامله طفله متوهماً تجاوزه مرحلة الخطر، لكن ما حدث بعد ساعة لم تحمد عقباه، الطفل يستصرخ من شدة الألم وصوته يذيب الحجر الأمر أستدعي لنقله للمستشفى.
وصوله للمشفى جاء متأخرا انفجرت الزائدة الدودية في أمعاءه والسبب خطأ بتشخيص الممرض الطبي، وسوء تقدير وجهل ولي أمر الطفل بالإجراءات الطبية.
يعرف الممرض الطبي عالمياً بأنه ذلك الممارس الصحي المختص بتقدم الرعاية الصحية داخل النموذج الطبي كجزء من فريق يشمل الأطباء ومقدمي الخدمات الآخرين، وهو يحمل درجة علمية اقل بكثير من درجة الطبيب. عملهم يفترض أن يكون تحت إشراف الطبيب، لكــن في العراق الحال يختلف فالممرض الطبي يتمثل بالطبيب في بعض الأحيان تسانده النظرة الشعبية في ذلك .
في الإحياء والمدن الشعبية يمارس الممرضين الطبيين دور الأطباء، حيث يقع اغلبهم في أخطاء طبية كبيرة يكون ضحيتها إنسان، فممارسه العمل بصفة طبيب كانت السبب بارتفاع حالات الوفاة وتفاقم أزمة صحية لمريض ما، فبين جهالة البعض بعمل الأطباء، وجشع بعض الممرضين يبقى المريض ضحية الجهل والجهالة .
إعاقة أبدية
يقول محمد الدنيناوي وهو والد شاب تعرض لإعاقة جسدية بسبب حقنة خاطئة لممرض الحي الذي يسكن فيه ،ان "حادثة ولده درس لن ينساه مدى الدهر ،اذ انه يروي مصيبته لكل محفل وتجمع يحضر فيه ليتعض الناس ويتجنبوا الاتكال على الممرض في بعض الحالات المرضية لذويهم .
ويضيف في حديث لــ النبأ للأخبار، أن "ولده البالغ من العمر أربعة عشر ربيعا يعاني الآن من الصراع بعد حقنة "الخبط " كما تعرف محلياً، ويبين انه "تجاهل مراجعة الطبيب لمعاينة حالة ولده الطبية واكتفى بمراجعة ممرض الحي الأمر الذي أفضى لانتكاسة وإعاقة صحية لولده مدى الحياة".
حادثة أخرى ترويها ام مروه، حيث تقول لــ النبأ للأخبار، أن ممرضة المنطقة كادت أن تفقدها صغيرتها ،فارتفاع حرارة الطفلة التي لم تهبط رغم كل أنواع الأدوية التي وصفتها دعاها إلى مراجعة المركز الصحي القريبة من منزلها لتكتشف أن الطفلة تعاني من مرض التيفوئيد ومراجعتها للممرضة فاقم من تدهور حالتها الصحية لولا مراجعتها الطبيب المختض".
الجهل بالرعاية الطبية
الدكتور مروان خالد طبيب مقيم في مستشفى الكرخ التعليمي، امتعض من مساواة بعض الممرضين الطبيين بعملهم من الطبيب، ويضيف لــ النبأ للأخبار، "تردنا الكثير من الحالات المتأخرة بسبب مراجعة الممرض دون الطبيب ، وهناك بعض الحالات تفقد حياتها جراء جهل ذويهم بأهمية تشخص ومعاينة الطبيب المختص، لافتا إلى، أن "دور الممرض مهم ببعض الإجراءات الطبية العامة لكنه لا يتجاوز دور التشخيص للطبيب".
الحقوقية والناشطة في مجال الآسرة والطفل حنان الجنابي اعتبرت، أن" لجوء البعض لمراجعة الممرض او المضمد الطبي يأتي نتيجة ارتفاع أجور المراجعة للأطباء وارتفاع تكاليف العلاج وما يرافق عملية التطيب من أشعة وتحاليل وسونار الأمر الذي يدفع الفقراء ومحدودي الدخل التوجه للمضمدين أو المعالجين المحللين".
وتشير الى، ان "أجور كشفية الطبيب الاختصاص تتراوح بين 50 -100 الف ناهيك عن أجور الأشعة او التحاليل او السونار، فالمريض لا يخرج من الطبيب الاختصاص بــ(250 ) إلف وهذا مبلغ تعجز عنه الكثير من الأسر حيث انه يعادل راتب شهري كامل للبعض".
وتلفت الجنابي الى، ان "إجراءات المستشفيات معقدة، فاغلبها لا تتوفر فيها الرعاية الايجابية، حيث ان اغلب المستشفيات تعاني من نقص حاد بالأدوية ناهيك عن الزخم الذي تعانيه، لذا يكون المضمد الملجأ الوحيد لتسكين الألم وهذه مسؤولية لا يتحملها المواطن فقط وإنما للحكومة ومرفقاتها الدور الكبير في توجه المرضى صوب المضمدين أو الممرضين المحللين.
وتقول الحقوقية، "فالجهل الطبي ليس سببا وإنما ضعف الحالة المادية، وقلة الرعاية الصحية الحكومة على هرم الأسباب".
الأطباء هم السبب!!
أما الناشطة المدنية بشرى العبيدي، فقد طالبت وزارة الصحة بتشديد الرقابة على عمل الملاكات الطبية خارج حدود العمل الرسمي في دوائرها.
وتقول العبيدي في حديث لـ لوكالة النبأ للإخبار، أن "وزارة الصحة مطالبة بتشديد الرقابة على عمل ملاكاتها الطبية خارج أوقات الدوام الرسمي، فالمعاون الطبي أو الممرض الطبي ملزمين بقانون وتشريعات تحدد صلاحيات عملهم بشكل لا يتجاوز عمل الأطباء، فيشرط تحدد صلاحيات عمل وفرض قوانين صارمة على المتجاوزين مع تفعيل قانون العقاب بالسجن أو الغرامة للمخالفين، فحياة المواطن أمانة في أعناقهم لا يجوز أن يعمي الجشع الإبصار بالتهاون مع الأرواح وخاصة أولئك الذين يجهلون بعض الضوابط الطبية من الأسر المحدودة الدخل والثقافة الطبية".
وزارة الصحة وعلى لسان مدير إعلام دائرة صحة الرصافة الدكتور قاسم عبد الهادي، أكدت أن صلاحيات المعاون الطبي أو الممرض الطبي محدودة وفق ضوابط وقوانين أهما، أن يكون تحت أشراف الطبيب المختص.
ويضيف عبد الهادي في حديث لــ وكالة النبأ للإخبار، أن "ما يتعلق بمهنة التمريض باتت مرجعتها تعود بعد (2003) لنقابة التمريض، ويتمثل دور وزارة الصحة بالرقابة والتفتيش على المخالفات التي لا تستطيع تأمين كافة عمليات التفتيش والمراقبة مع وجود أكثر من 100 ألف مختبر وطبيب صيدلي وأسنان ومضمدين ".
ويتابع، رغم وجود بعض المخالفات لعدد من المضمدين ألا أن وجود مهم في بعض الأمان النائية والبعيدة عن المراكز الطبية لبعض الحالات الحرجة ، إضافة لقلة تلك المراكز وقلة المستشفيات التي تغطي بعض المناطق خاصة المستحدثة منها وتوسع الرقع الجغرافية للمدن والمحافظا ".
وطالب عبد الهادي المواطنين بضرورة مراجعة الممرضين الذي يمتلك إجازة مهنة كونهم حصلوا عليها وفق ضوابط مهنية تجنب المرضى الوقع في الأخطاء الطبية ".
وقالت نقابة التمريض العراقية في وقت سابق، ان هناك حالات يتجاوز فيها الممرض دوره ولكن في الحالات الحرجة التي تتطلب تدخلا سريعا.
يشار ان عدد الممرضين المسجلين رسميا بحدود 11 ألف ممرض و7 آلاف ممرضة وقابلة قانونية في النقابة، يخضعون لقانون مزاولة مهنتي التمريض والتوليد رقم 96 لسنة 2012. انتهى/ ع
اضف تعليق