تقارير

مشاهير يصطدمون بجدران العشائرية والمناطقية

أدى الفشل في حل كثير من الملفات الخدمية والأمنية والفساد إلى انعدام ثقة الشارع في الطبقة السياسية. خ

تمتاز الانتخابات البرلمانية المقرر تنظيمها في 10 أكتوبر (تشرين الأول) الجاري بدخول عدد من المشاهير ونجوم المجتمع العراقي في مجالات مختلفة ضمن قوائم جديدة بعيدة عن الكتل السياسية التقليدية التي كانت أبرز طريق لمرور هؤلاء إلى مجلس النواب.

ولعل هناك عدة تجارب إلا أنها ما زالت محدودة مقارنة مع عدد أعضاء البرلمان في الدورات السابقة، فباستثناء تجربة نجم الكرة العراقي الراحل أحمد راضي في دخول البرلمان عام 2007 كبديل لنائب عن جبهة التوافق السنية في حينها، فضلاً عن دخول الشاعر ومقدم البرامج المعروف وجيه عباس في انتخابات عام 2018 كمرشح عن تحالف الفتح، وسروة عبد الواحد في الدورة التي سبقتها، فإن خوض النجوم والمشاهير هذه التجربة لم ينجم عنه النجاح في دخول البرلمان.

ومن أبرز المشاهير الذين ترشحوا للانتخابات البرلمانية في العراق النجم الكروي، وزير الشباب الحالي عدنان درجال، والفنانة العراقية آسيا كمال، إضافة إلى مقدمي برامج ومحلليين سياسيين ومتخصصين في مجال الاقتصاد والأطباء والصيادلة.

الأمل في الطبقة المثقفة

 أعرب نقيب الصيادلة العراقيين السابق المرشح للانتخابات مرتضى الشريفي عن أمله أن يحصل على الأصوات المخصصة لدائرته الانتخابية رقم 12 بالاعتماد على محبيه والكوادر الصحية والأطباء وبعض معارفه "لا سيما أن جمهور هذه الدائرة غالبيتهم من الطبقة المثقفة"، بحسب قوله.

ويقول الشريفي وهو من الشخصيات المعروفة في القطاع الصحي داخل بغداد "الحاجة ضرورية لدعم منظمات المجتمع المدني لتعريف الناخبين ببرامجنا وأخذ فرصتنا الحقيقية للإعلان عن أنفسنا"، مؤكداً أنه يعتمد على وعي المثقفين سواء في المجال الطبي أو الصيدلي إلا أن هؤلاء لا يشكلون نسبة كبيرة من المجتمع".

وأشار إلى أن "النظام الانتخابي هو نظام الدوائر المتعددة في المحافظة الواحدة، ما يعني أننا نعتمد على محبينا وجمهورنا والناس ضمن نطاق هذه الدائرة، مما قلل من فرص الشهرة في كافة الأصعدة".

الأغلبية الصامتة

ولفت الشريفي إلى أن "الأدلجة الفكرية والعقائدية والعشائرية والمذهبية والمجتمع تؤثر بشكل قوي في مجتمعنا، الا أننا نراهن على دعم المهنيين والأكاديميين"، مشيراً إلى وجود فرصة للحصول على مقعد برلماني، لكنها تعتمد على الأغلبية الصامتة الرافضة للواقع السياسي، والبرلمان السابق، وهي ستكون لها الكلمة الفصل.

ثقة الناس

آيات المرسومي أصغر مرشحة في الدورة الحالية من مواليد 1993 تعمل إعلامية وناشطة، كانت أكثر تفاؤلاً في الحوز على أحد مقاعد البرلمان، بالاعتماد على ما وصفته بـ"جهمورها" في الدائرة التي تمثلها.

وقالت المرسومي "عملي في مجال منظمات المجتمع المدني والإعلام ووسائل التواصل الاجتماعي ساعدني في زيادة جمهوري"، متوقعة أن تحصل على أصوات دائرتها الانتخابية لعملها التطوعي في المنطقة وعملها الإعلامي.

وأضافت "نعاني من المال السياسي من قبل بعض المرشحين"، في وقت تؤكد أنها تعمل وفق إمكانات بسيطة، مشيرة "نعتمد على ثقة الناس والكرة في ملعب المواطن في اختيار النزيه".

الحظوظ قليلة

وقال المتخصص في الشأن السياسي عصام الفيلي، إن آمال المرشحين المشاهير في الانتخابات الحالية ستكون أقل حظاً من سابقتها.

وأضاف الفيلي "أن ترشح المشاهير في المشهد الانتخابي ليس وليد اليوم فهو موجود في الانتخابات التي جرت خلال السنوات السابقة إلا أن ما يميز هذه الانتخابات عن سابقتها هو نظام الانتخاب الذي يعتمد على الدوائر المتعددة "، مشيراً إلى أن الانتخابات التي جرت خلال السنوات السابقة كان النظام الانتخابي يعتمد على إمكانية أن يرشح رئيس الكتلة أسماء مرشحة لم تفز بالانتخابات، ولم تصل إلى العتبة الانتخابية، وهذا لن يتم في الانتخابات الحالية، وإنما يعتمد على الفائز الأكبر".

ولفت الفيلي إلى أنه من غير الضروري أن يجتمع الجميع ضمن الدائرة الواحدة على حب هذه الشخصية، مشيراً إلى أنه من الطبيعي تباين الآراء في المنطقة الواحدة بين محبين لهذه للشخصية ومبغضين لها وهذا يعتمد على كل الشخصيات سواء كانت فنية أو رياضية أو اقتصادية أو طبية أو إعلامية.

استطلاعات رأي

وتابع، من المفترض بالمرشح قبل أن يشارك في الانتخابات أن يعتمد على برامج استطلاعات الرأي في أكثر من منطقة ضمن نطاق الدائرة التي يعتزم الترشح عنها لمعرفة مجسات شعبيته قبل الخوض في هذا الاستحقاق.

وأشار إلى وجود حقيقة أن "التصويت في العراق يختلف عن كل المجتمعات في العالم، فمثلاً في الولايات المتحدة الأميركية هناك مبدأ يقول المواطن يصوت لجيبة بمعنى يحسب حسابات الضرائب والبرنامج الصحي، وفي العراق نخضع للضغوط العشائرية أو المناطقية أو الجانب الديني أو رغبة حقيقية للقوى الليبرالية"، معتبراً أن المشاهير قد يكون لهم كثير من المتابعين الذين يتواصلون معهم من طريق شبكات التواصل الاجتماعي، ولكن من الناحية العملية قد لا يصوتون لهم، وبذلك لا يصلون إلى العتبة المطلوبة التي تؤهلهم للحصول على مقعد نيابي.

قيمة مهمة

بدوره قال رئيس مركز "كلواذا للدراسات وقياس الرأي"، إن ترشيح الشخصيات التي تصنف كنجوم في مختلف الصعد يعطي بالتأكيد تمييزاً لها وقيمة دعائية على بقية المرشحين الآخرين، لكنه لن يكون بالضرورة عاملاً حاسماً في فوزهم.

وأضاف باسل حسين "الأسباب التي تقلل حظوظهم في الفوز بأحد المقاعد الانتخابية عدة، أهمها التمايز بين الاختيار السياسي والانبهار الشخصي"، لافتاً إلى "طبيعة المدركات الثقافية لبيئة الدائرة الانتخابية والموقف من الشخصيات أو بيئة عمل هذه الشخصية".

وتابع حسين أن اختلاف الأجيال أو النسق الجيلي ما بين عمر الشخصية (النجم) وما بين عمر الناخب، إضافة إلى أن الناخب حسم اختياره بناء على مدركات سياسية أو عشائرية أو طائفية، وهو من سيحدد اختيار النجم أو غيره من المرشحين.

وأدى الفشل في حل كثير من الملفات الخدمية والأمنية والفساد الإداري والمالي الكبير، وعدم تقديم الكتل السياسية المشكلة للحكومة الحالية والحكومات السابقة إلى انعدام ثقة الشارع العراقي بشكل كبير في الطبقة السياسية الحالية، خصوصاً مع حملات التسقيط المتبادلة بينها بشأن ملفات الفساد وما آلت إليه من إدخال قناعات شبه تامة لدى الشارع العراقي بأن هذه الطبقة يصعب إصلاحها.

ويبلغ عدد المرشحين الكلي في الانتخابات 3249 مرشحاً بينهم 951 امرأة توزعوا على دوائر انتخابية في مختلف المدن العراقية ليتنافسوا على 329 مقعداً من بينها تسعة مقاعد خصصت كوتة للأقليات.

اضف تعليق