أجتمع محللون سياسيون على أن الانتخابات البرلمانية المبكرة المقررة، الأحد المقبل، ستكون مختلفة عن سابقاتها منذ عام 2003، الأمر الذي سينعكس بشكل أو بآخر على الخارطة السياسية في البلاد.
وجاءت الانتخابات المقبلةنتيجة ضغط الحراك الشعبي الذي شهده العراق في تشرين الأول 2019، واستقالت على إثره حكومة عادل عبد المهدي، التي تطاردها اتهامات بالتسبب في قتل نحو 800 من المتظاهرين.
لكن التساؤلات الملحة حول الانتخابات العراقية كانت من قبيل، بماذا تختلف عن سابقاتها؟ ولماذا يصفها سياسيون بأنها ستكون انتخابات مصيرية وتؤسس إلى مرحلة جديدة كما حصل في مرحلة ما بعد 2003؟
قال الخبير السياسي والأمني العراقي، أحمد الشريفي في تصريح تابعته وكالة النبأ، إن "الكل يجمع على أنها انتخابات مفصلية، وربما تشكل انعطافة في المسار السياسي بالعراق".
ورأى الشريفي، أنه "بما أن نسبة المشاركة واضحة جدا، والقوى التي ستخوض العملية الانتخابية معلومة التوجهات السياسية، فحتى وإن كان هناك مخرجات للانتخابات المقبلة، فإنها لن تحدث فارقا كبيرا جدا".
و رجح ذلك، الى"عدم دخول قوى سياسية جديدة خارج إطار العملية السياسية، وإن دخلت فستكون محدودة لا تستطيع أن تنافس القوى الكبيرة، أي سيعاد تكرار المشهد مرة أخرى، وستفرض القوى السياسية الكبرى سيطرتها مجددا".
وتوقع الشريفي، أن "يكون العزوف سيد المشهد في الانتخابات البرلمانية المقبلة، وإن من سيخرج للمشاركة هي القوى التي ترتبط بالأحزاب ولديها مصالح، أو من تُعد قواعد جماهيرية لها، لذلك سيعاد إنتاج الوجوه ذاتها".
وبخصوص التغيير المتوقع، أعرب الشريفي، عن خشيته من احتمالية حدوث صراع وعدم قبول لنتائج الانتخابات، لأنها ستكون خالية من التزوير نسبيا، وذلك سيكشف أحجام القوى السياسية الحقيقية، وهذا ما يجعل مرحلة ما بعد الانتخابات خطرة، وأعتقد أنها لن تمر بسلام".
ولفت إلى، أن "حصر الانتخابات بالبطاقة البايومترية، والحضور الدولي لمراقبة الانتخابيات، سيحد بشكل كبير من التزوير في الانتخابات المبكرة، إضافة إلى أن قانون الانتخابات الجديد سيظهر أحجام القوى السياسية".
وأوضح الشريفي، "أمامنا ثلاثة تحديات، تبدأ بمرحلة قبل الانتخابات، وأثناء عملية الاقتراع، ومرحلة ما بعد الانتخابات، وهنا تكمن الخطورة الحقيقية، لأن البعض سيتذرع بالتزوير، وآخرين بالاحتلال والتدخل الدولي".
ولفت إلى، ان "عدم القبول والقناعة، خصوصا ممن يمتلك أجنحة مسلحة، ووراد نزولهم للشارع، وحينها الأجهزة الأمنية ستكون غير قادرة على الوقوف بوجههم".
وخمّن الشريفي حصول تغيير في "تراتبية نسبة المشاركة، حيث سيأتي السُنة أولا، والأكراد ثانيا، ثم الشيعة ثالثا، وهذا يعكس حالة النقمة الجماهيرية في وسط وجنوب البلاد، وذلك من شأنه أن يحدث تغييرا في المواقع الرئاسية، وتصبح رئاسة الجمهورية للسُنة، والبرلمان للأكراد".
من جهته، قال المحلل السياسيزعدنان السراج، إن "هذه الانتخابات مفصلية وتاريخية ومهمة جدا، لأنها ستؤسس إلى عمل جديد مبني على أساس الاستفادة من تجارب الماضي، وأيضا سيكون لها تأثير على تشكيل الحكومة والرئاسات الثلاثة بشكل عام".
وأشار السراج إلى، أن "التغييرات التي حصلت في هذه الانتخابات هو أن المرجعية الدينية شجعت على المشاركة في الانتخابات، على عكس ما جرى في الدورة السابقة عام 2018 عندما تركت خيار المشاركة من عدمه للناخبين".
وتابع، "الأمر الآخر، هو ما يتعلق بالأجهزة المستخدمة في هذه الانتخابات، حديثة، وترعاها شركات رصينة، وأثبتت نجاحها وأهميتها أثناء إجراء عملية محاكاة للانتخابات، لذلك هذا سيلعب دورا كبيرا في الحد من نسب التزوير التي يمكن أن تطالها".
اضاف السراج، هو مشاركة فصائل المقاومة التي لم تكن قد شاركت في الانتخابات السابقة، لافتا إلى أن "مشاركتها في هذه الانتخابات دليل على أن الانتخابات سيكون لها كثافة حضور".
واتفق السرّاج مع ما ذهب إليه الشريفي، من أن "السُنة سيشاركون بكثافة في الانتخابات، لأنهم كانوا يشعرون بالتهميش في السابق، لكن اليوم هم في صلب العملية السياسية، لذلك سيكون لهم حضور متميز، ولديهم الرغبة، خصوصا بعد استعادة مدنهم من تنظيم الدولة، وأن حضورهم سيكون واضحا في عدد مقاعدهم".
ورأى المحلل السياسي، أن "كل ذلك سيجعل من المشاركة في الانتخابات المقبلة كبيرة ومهمة قياسا بالدور الماضية في عام 2018، وعلى إثر ذلك ستكون تغييرات كبيرة وظاهرة للعيان، وهذا سيجعل من الحضور السياسية داخل البرلمان فاعلا كبيرا".
وكان الرئيس برهم صالح، قد أكد في كلمته أمام الدورة الـ76 للجمعية العامة للأمم المتحدة أن الانتخابات المقبلة مصيرية، وستكون لها تبعات على العراق والمنطقة، مشيرا إلى أن تحقيق السلام في المنطقة لن يتم من دون العراق الآمن والمستقر.
وقال صالح، إن "الانتخابات العراقية المقبلة مصيرية واستحقاق وطني مفصلي، ستكون لها تبعات على العراق وكل المنطقة، وأنها جاءت استجابة لحراك شعبي وإجماع وطني واسع على الحاجة لإصلاحات جذرية وعقد سياسي واجتماعي جديد"، مؤكدا أن "أحد أسباب الاحتقان السياسي في البلد يعود إلى مكامن الخلل وغياب الثقة الشعبية في العمليات الانتخابية السابقة".
اضف تعليق