لم تفارق ذاكرة اهل العراق من الشنالالى الجنوب، ليلة سقوط بغداد ودخول الاحتلال الامريكي الى العراق.
ورغم توغل القوات الأميركية الغازية في شوارع بغداد في أبريل/نيسان 2003، فإن العديد من العسكريين العراقيين تمسكوا بأسلحتهم حتى آخر لحظة في محاولة للدفاع عن العاصمة.
ومن أشهر أولئك العسكريين فرات حسان شايع الهيتي، أحد منتسبي قاطع نجدة الكرادة سابقا، والذي تداولت صورته العديد من الصحف ووسائل الإعلام ومواقع التواصل، حيث ظهر ممسكا بسلاحه قرب ساحة الفردوس وسط بغداد قبل وصول الجيش الأميركي إلى قلب العاصمة وفرض سيطرته وقيامه بإسقاط تمثال الرئيس الراحل صدام حسين في ساحة الفردوس.
وعن تفاصيل ما جرى يوم سقوط بغداد، يقول الهيتي للجزيرة نت "كنت مكلفا بالعمل في شرطة نجدة ضمن قاطع الرصافة، وكان مكان مرابطتي قرب فندق فلسطين" وأفاد بأن مصورا لإحدى الوكالات الإخبارية الأجنبية قام بالتقاط صورة له دون علمه وهو يحمل سلاحه في ساحة الفردوس إبان الغزو الأميركي "ورأيتها لأول مرة مطلع عام 2016 بالصدفة".
ويبين للجزيرة نت أنه كان يقوم بواجبه مع 3 من أفراد من الشرطة، لحماية فندق فلسطين وساحة الفردوس، ولم يكن يعلم باقتراب القوات الأميركية وعبورها الجسر المعلق، حيث كانت الشائعات تسود الموقف ولا أحد يعلم ماذا يجري.
ويشير الهيتي إلى أن يوم سقوط بغداد كان صعبا وأن الكثير من الأحداث وبعض المناوشات بالأسلحة الخفيفة وقعت، كما تم نقل المدنيين وبعض المنتسبين إلى أماكن آمنة، مضيفا "كنا نؤدي الواجب بدوريات الشرطة، حتى أبلغنا الناس بأن القوات الأميركية باتت قريبة جدا".
ويتابع "بعد اقتراب القوات الأميركية من ساحة الفردوس قرر وزملاؤه الانسحاب، لأنه لم يعد بإمكانهم فعل شيء، والرجوع إلى القاطع الرئيسي لتلقي التوجيهات" وعند وصولهم وجدوا تعرض مركزهم للقصف الأميركي، فتوجهوا بعدها إلى المقر البديل فلم يجدوا الآمر ولا الضباط، إلا أن المكان كان مكتظا بالمدنيين، حيث انتشرت الفوضى والسلب والنهب.
وأعرب الهيتي عن تألمه لمشاهدة أعمال السلب والنهب والتخريب التي حدثت في دوائر بغداد الحكومية، وعن عجزه لفعل شيء لإيقاف هذا.
ويشير فرات إلى أن آخر التوجيهات التي تلقتها وحدته كانت الخروج بدوريات الشرطة ورفع الأعلام للاحتفال بمناسبة تأسيس حزب البعث يوم 7 أبريل/نيسان، وبعد ذلك اليوم لم يلتقوا بأي ضابط أو مسؤول.
وحول أسباب انهيار القوات العراقية، عزا فرات ذلك إلى أن المواجهة لم تكن متكافئة بين شخص يحمل رشاشه ويريد مواجهة المدرعات الأميركية المعززة بالطيران، وهذا تسبب بانكسار غير طبيعي بين صفوف المقاتلين.
وعن انطباعاته بعد رؤية صورته، أكد أنه تفاجأ بها لأنه لم يكن يعرف وقتها أن أحد الصحفيين قام بتصويره، حيث كان المكان آنذاك يعج بالصحفيين والكاميرات، مؤكدا أن الصورة أعادت له ذكريات حزينة، وحظيت بتفاعل شعبي كبير.
ويشير إلى أنه بعد انتهاء الحرب عاد إلى بيت أهله في مدينة الرمادي في محافظة الأنبار (غرب العراق) وعاش حياة طبيعية دون أن يعرفه أحد، إلى أن انتشرت صورته.
بدوره يتحدث الإعلامي والمصور عمار محمد العزاوي (صديق فرات) واصفا ما جرى بالعاصمة يومَ الغزو بأنه "مؤلم".
وفي حديثه يبين العزاوي "كنت أعمل في تلفزيون بغداد الدولي، الفضائية العراقية سابقا قبل الغزو الأميركي، بصفة مصور تلفزيوني، حيث قمنا بتغطية الأوضاع قبل الغزو من مؤتمرات وتقارير يومية".
ويتابع "مع اندلاع الحرب تم تقسيمنا كإعلاميين إلى مجموعات، وتوزيعنا بين بغداد والمحافظات الجنوبية، وذلك لأن الدخول الأميركي المتوقع كان من البصرة عن طريق الكويت، وزحفا باتجاه بغداد، وكنا نعمل على التقارير المصورة عن القتال بين الطرفين، ولكن المفاجأة كانت بإنزال قوات المارينز الأميركية في الصالحية وسط بغداد قرب وزارة الإعلام والسيطرة عليها".
ويستذكر العزاوي يوم جاءهم في سيارة تاكسي لمقر القناة وزيرُ الإعلام السابق محمد سعيد الصحاف، ومعه عزت إبراهيم الدوري نائب الرئيس الراحل صدام حسين، وقالوا إن الأمر انتهى، وإن الأميركان قد دخلوا بغداد، وإنه على كل شخص في الوزارة أن يأخذ معداته "ثم طلبوا منا إغلاق أجهزة البث، والذهاب إلى المنازل.
اضف تعليق